مِن عاداتِنا المحبَّبة في إلقاءِ التَّحيَّة قَوْلُنا لبعضِنا البعض «الله معكم»، وبهذه البساطة توجَّه الملاكُ بالتحيَّة لمريم العذراء قائلًا «الربُّ مَعكِ». ومَن يعرفُ أَكثر من الملاكِ حقيقةَ الأُمور، وهو المخلوق من دون ثقل التُّراب، فحينَ قالَها لمريم كان واثقًا من كلامِه، مؤْمِنًا بمفاعيلِ هذا الكلام. كانت مريمُ تعرفُ أَنَّ قلبَها لله وعقلَها وعواطفَها، ولم تكن لتشُكَّ لحظةً أَنَّ الله ليس معها، ولكنَّها عندما سمعَتْ ذلك الكلامَ من الملاك، أَعتَقدُ أَنَّها شعرَتْ بأَنَّها تمْتَلِكُ الأَرضَ ومَا علَيْها، وتَرْنو إلى السَّماءِ بعَيْنِ الشَّوْقِ وكمالِ الحبِّ. ولم يطل الحديث حتى أَعلنتْ أَنَّها أَمَةُ الله، وإنَّ إرادتَها الْتَقَتْ تمامَ اللِّقاءِ بإرادتِه، فكانَ مَا كانَ وبدأَ فِعْلُ الخلاصِ بالزَّمنِ بَعْدَما كان مُنْذُ الأَزل في بالِ الله. Read more