يحتفل الناس بالقيامة بفرح وغفران، ويتساءلون أحياناً عن العادات والتقاليد التي ترافق هذا العيد، كما يتساءلون عن قضيَّة العيدين الشرقي والغربي، وكيف نُمِيت المسيح مرَّتين ونقيمه مرَّتين، ولماذا لا نوحِّد العيدين فنحتفل معاً ونفرح معاً. في هذا العيد المبارك سنحاول أن نلقي الضوء على هذه التساؤلات موضحين ما أمكن منها.
1 – العيد الغربي والعيد الشرقي
يجب أن نعرف أوَّلاً أنَّ توحيد العيدين على أهميَّته، لا يعني توحيد الكنائس، إنَّما هو ظاهرة حسنة ومطلوبة من الناس الطيِّبين المحبِّين.
أمَّا مسألة وجود العيدين فهي قديمة جداً منذ أيَّام الرسل، ولا تعود الى العقيدة المسيحيَّة بل الى الممارسات الطقسيَّة. فحين دخل اليهود المسيحيَّة أكملوا مسيرتهم الفصحيَّة واحتفلوا بعيد الفصح السنوي يوم الأحد الذي يلي السبت الفصحي عند اليهود، لأنَّ المسيح قام من بين الأموات صبيحة الأحد، علماً أنَّهم كانوا يعتبرون كلَّ يوم أحد، كما هو بالفعل، عيد الفصح الأسبوعي، عملاً بكلام المسيح إصنعوا هذا لذكري.
ولمَّا دخل أبناء الأمم، أي غير اليهود، الى الدين المسيحي حاولوا لأسباب اجتماعيَّة لا تمتُّ بصلة الى العقيدة، أن يحتفلوا بعيد الفصح بقطع النظر عن فصح اليهود الذي لم يكن لهم علاقة به أصلاً. وهكذا بدأت مرحلة العيدين، وقد نصح الرسل هؤلاء لكي يحتفلوا معاً بالعيد في يوم واحد. ومع مرور الزمن وتتالي الأحداث بين الأمبراطوريَّات والقيِّمين عليها، ترسَّخت مسألة العيدين وما زالت حتى اليوم. علماً أنَّ محاولات عديدة جرت لتوحيد العيدين، خارج إطار الحسابات الشمسيَّة والقمريَّة التي بموجبها يُحدَّد موعد العيد. وأهمُّ هذه المحاولات هي تلك التي جمعت البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس اللذين اتفقا على الإحتفال بالعيد في الأحد الثاني من نيسان، غير أنَّ الظروف وموت غبطة البطريرك، حالت دون تطبيق هذا الإتفاق. ومنها محاولات أخرى قام بها مجلس كنائس الشرق الأوسط، وكذلك لم تصل الى مرحلة التطبيق المقبول.
2 – كعك العيد
من العادات التي رافقت أعيادنا، مسألة الضيافة، فقد اختار الناس لكلِّ عيد ضيافته. فالمغلي للميلاد والزلابية للغطاس والكعك للفصح والقمح للبرباره، وهكذا مع بعض الأعياد الأخرى بحسب عادات الناس وتقاليدهم. وكانت الضيافة أحياناً نابعة من ممارسات مجتمعيَّة وأحياناً لها مفهوم منسجم مع العيد. فالقمح الذي نُضيِّف بعيد البرباره يعود الى الخبر الذي يقول، إنَّ القديسة بربارة هربت من ظلم والدها وعسكره الذي لحق بها ليردَّها عن إيمانها بالمسيح الى الوثنيَّة، فاختبأت في الحقول، ونما القمح سريعاً ليخفيها عن أعين العسكر، فتمَّت المعجزة ونجت بربارة، لذلك نضيِّف القمح.
أمَّا كعك العيد، فيريد بعض الشرَّاح أن يربطوه بالخبز الفطير الذي كان اليهود يأكلونه زمن الفصح اليهودي وهم حاملون عصيَّهم ومستعدون للمسير والعبور من أرض العبوديَّة الى أرض الحريَّة، وهذا العبور هو أحد معاني الفصح الأولى التي اكتملت بالعبور من عالم الموت الى عالم الحياة أو من عبوديَّة الخطيئة الى حرِّيَّة البرارة.
3 – البيض المسلوق
ليس لهذه العادة أي علاقة بالمعتقد المسيحي، غير أنَّها لازمت عيد الفصح منذ مئات السنين. فسلق البيض وتلوينه في هذا العيد مردُّه الى :
1 – كانت معتقدات الأقدمين الذين صُدموا بالموت، تدفعهم الى دفن موتاهم بتوابيت من حجارة أو فخَّار، لها شكل البيضة، لاعتقادهم أنَّ البيضة أساس الحياة، ولعلَّ ميتهم يعود الى الحياة إذا ما دفن في بيضة، وما كَسْرُ البيضة بالمفاقسة صباح العيد، إلاَّ دلالة على أنَّ القبر قد فتح وعاد الميت الى الحياة.
2 – إذا كانت البيضة أصل الحياة في ذهن الناس منذ ما قبل مفهوم الحياة الأخرى الواضح، فالمسيحيَّة حافظت على الرمز المادِّي، لأنَّ المسيح أعطانا بالقيامة الحياة الأبديَّة، وأعطانا صورة واضحة عن كيف سنكون نحن بعد القيامة، فارتبط مفهوما الحياة ببعضهما.
3 – أمَّا الألوان فيريد البعض أن ترمز الى ألوان البشر وأجناسهم، أمَّا الطبع البشري فهو واحد عند الجميع. وهذا يظهر حين تُنْزَع القشرة الملوَّنة فتظهر البيضة الداخليَّة بيضاء، مهما كان لون قشرتها.