قلتُ للناس في إحدى القرى البعيدة: الظلام والنور توأمان لا ينفصلان، وُلدا معاً ويخلُدان معاً. أنتم تنظرون إلى النور وتحبُّونه لأنَّه يكشف لكم الطريق، ويهديكم إلى رحاب الطبيعة، فتتمتَّعون بالأودية والهضاب والبحار والسماء. وأنتم تقَّدِّسون النور الذي توفِّره الشمس لكم لأنَّكم فيه ترون زوجاتكم وأبناءَكم ومَن تحبُّون. وأنتم تخافون من أن يذهب النور من عيونكم لأنَّكم تضطربون من وحشة الدروب حيث تكمن الغيلان والجنُّ فتخيفكم وترعبكم. وأنتم تُعلِّمون أبناءكم على حبِّ النور لأنَّ الله نور، وقد جاء ابن الإنسان نوراً للعالم، وجاء الأنبياء والرسل والعظماء من أهل الفكر لينشروا النور في كلِّ مكان. ولكنَّ نور الفضيلة يختلف عن نور الشمس، فنور الفضيلة لا ترونه بالعيون المجرَّدة أمَّا نور الشمس فترونه. نور الفضيلة يخرج من القلب إلى القلب، ومن العقل إلى العقل، ونور الشمس يأتي من خارج القلب والعقل وتتلقَّفه العين برغبة. وصدقاً أقول: إنَّ الذي يكتفي بنور النهار لا يــعـــرف الطريق في الليل، أمَّا الذي يفرح بنور القلب والعقل، فيختفي الظلام من طريقه وتتبدَّد الحُجب. Read more