نظم منتدى “لقاء” احتفالا تكريميا للشاعر الراحل الدكتور محمد علي شمس الدين بعنوان “وهج في ارتفاع شاعر”، في مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية بالقرب من أعمدة هياكل جبيل، في حضور النائبين سليم الصايغ ورائد برو وممثلي النائبين سيمون ابي رميا وزياد حواط هاني عماد وبول حواط، الشيخ محمد حيدر أحمد، المدير العام للمكتبة الوطنية الدكتور حسان العكره، المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، ألامين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور الياس زغيب، رئيس بلدية بجة رستم صعيبي، رئيس الهيئة الإدارية في “المجلس الثقافي في بلاد جبيل” وألاعضاء وفاعليات.
الصايغ
بعد النشيد الوطني، قال الصايغ:”هو شاعر الحبر والورق الذي لا يهمل التفاصيل ، هو الراحل الحاضر دوما، يستشرف المستقبل ويجعل من الماضي أنيقا، حاول الإمساك بالخط الأساسي للتاريخ العربي وعمل عليه. يحلق في الشعر كما يتنفس في النثر، هو شاعر الأقنعة والنرجسي الذي لا يدع الآخر يغلبه في القصيدة والمقصد، حيث كان يخلق صورة جديدة بعيدة عن الكلاسيكية والتي تخلق صراعا بين الأصل والقناع حيث يتغلب الأصل وهو أنا الشاعر كما كان يحب ان يقول”.
أضاف: “هو شاعر الحب كما وصف في آخر إصداراته للصبابة للبلبل وللملكوت، إذ أن الشعر عنده العمق الاستراتيجي للوجود. كيف لا وهو ابن الجنوب وجبل عامل ولبنان كما هو أبعد من هذه الرقعة الجغرافية حيث الأصالة التي تخترق التاريخ والفرصة التي تنتهز اللحظة. لقد استمتع الشاعر محمد علي شمس الدين بمحاورة الحب والموت والألم والحرية، معرفا الشعر بأنه الخريطة الداخلية للحياة وبأنه العالم الافتراضي للعالم الواقعي”.
وختم : ” ترجل شاعر الأقنعة بهدوء وغادر المكان بشجاعة، وعمن يرثه في الشعر من الشعراء الحاليين فكان يعتبر أن الورثة موجودون كظلال، كاستعمال للعبارة، كانتباه للتاريخ وللأقنعة”.
فغالي
ثم تحدث مؤسس ورئيس “لقاء” وقال:”تساءلت وضميري على غير ارتياح، في غمرة محبة الناس الكبرى لمكرمنا، من لقاء ليستحق يكرمه، وماذا سيقول فيه إضافة ما قيل وما درس ونوقش؟ أما كان أجدر، لو اكتفينا بانحناءة قادرة أمام ارتحاله المهيب، ونحن واقفون على قيمة الرجل وهيبته؟”
وختم :”دكتور محمد علي، لو صار لنا ما تمنيناه، لكنت الآن تؤم محضرنا، تتلو أشعارك شعائر قدسية في محراب المعجبين، لكنك آثرت أن تكون صلاتنا، نؤديك عبادة إبداعية، إلى حيث أنت في مصاف النبيين، ترفرف روحك الشاعرية والمعرفية علينا، بأجنحة الرضى والحبور، بركات نورانية من وهجك العلوي مدى الأبد”.
جوني
اما الدكتور مصطفى جوني فوصف الراحل الكبير بأنه “متكلم بارع، وعلاقته بالحرف كعلاقة الدن بالخمر، فتأتي كلماته منتقاة، وكأنها مغمسة بقليل من النبيذ الأحمر المقدس، تفرح قلوب سامعيه، وأنا واحد منهم، حيث كنت أجد نفسي ملقى على الكرسي أمامه، لاحول لي ولا قوة إلا الإصغاء إليه بفرح المصغين”.
وتحدث عن كتابه الذي خرج إلى العلن عن الراحل شمس الدين بعنوان “قصائد أنبتتها الصخور” في سيرة محمد علي شمس الدين، لينهي كلمته برسالة إلى الشاعر الراحل جاء فيها “قريبي وصديقي محمد علي، اقتنعت بعد التقرب منك، بأن الكلمات تنزل على الشعراء الموهوبين كما الوحي على الأنبياء، فتحملها أصابعهم وتغمسها بمشاعرهم، وتزرعها على الورق فتنبت شعرا. وعندما يفيض الوحي على بعضهم يكونون شعراء غير أكثرهم، ولا أبالغ إذا قلت بأن محمد علي قد ارتقى فوصل ليكون في الصف الأول من الشعراء”.
البيطار
من جهتها ألقت الشاعرة الدكتورة يسرى البيطار قصيدة من وحي المناسبة، كما القت كلمة العائلة، واستهلتها بنقل تحيات مفتي بلاد جبيل وكسروان العلامة الشيخ عبد الأمير شمس الدين ومحبته، وبلغت الحضور محبته واعتذاره عن عدم تمكنه من تلبية هذه الدعوة لظروف استثنائية.
وقالت:”من يعرف شاعرنا منذ نشأته يوقن جيدا أنه لم يشتر كما لم يسع وراء منصب، ولم يساوم أو يبيع موقفا. عرفناه واضحا ومباشرا، لبقا يرشح جمالا ورقي حضور. عصاميا فرض نفسه بامتلائه ومكانته، كبيرا أبى إلا أن يتفوق على درب الكبار، حقيقة واقعية أدركنا فصولها ومراحلها”.
وختمت ببعض كلمات توجهت بها إلى الراحل الكبير، فذكرت “برحيلك لن ينطفئ قمر الشعر، رحلت وفي جعبتك الكثير الكثير لتسوغه، رحلت تاركا إرث محبة، وإرثك يا شاعرنا وهج مرتفع، فالكبار يسمون ويرتفعون، ووهجك لن يخبو ما دامت حروف الشعر تنظم”.
واختتم الاحتفال بتسليم رئيس “لقاء” عقيلة الراحل وكريمته الشاعرة رباب درعا تقديرية”.