قررت الطبيبة السعودية صافي تقصير شعرها وفق قصة “آلا غارسون” مع حصولها على وظيفة جديدة في العاصمة الرياض بعيدا من مدينتها، وهو ما تقول إنه منحها مزيدا من “القوة” لمواجهة المجتمع، بحسب تحقيق لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” من الرياض.
وباتت هذه القصّة التي يُقصّر فيها الشعر بما لا يتجاوز أعلى الرقبة، رائجة لدى الكثير من السعوديات وخصوصا اللواتي التحقن حديثا بسوق العمل.
ويطلق عليها “بوي” أي “ولد” بالانكليزية في المملكة المحافظة، وبات شائعا ملاحظة سعوديات بهذه القصة في الشوارع والأسواق مع تزايد خروج النساء علنا من دون غطاء للرأس، خصوصا في مدينتي الرياض وجدة الأكثر انفتاحا.
وقالت صافي (26 عاما) التي فضلت استخدم اسم مستعار لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”: “في البداية اخترتها قبل 7 سنوات تماشيا مع الموضة. كانت قصّة مريحة وتقلل من الضغوط”.
وكانت صافي تترك شعرها لينمو وينسدل على كتفيها بين وقت لآخر.
لكن انتقالها منذ 3 اعوام من مدينتها الجنوبية المحافظة للعمل في الرياض، جعلها تقرر الاحتفاظ بقصّة الشعر القصيرة.
وافادت صافي من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي دفعت بآلاف النساء إلى سوق العمل ومنعت الحظر المفروض عليهن لقيادة السيارات وحضور الفعاليات الرياضية والحفلات المختلطة.
وقالت الشابة التي ارتدت معطفا طبيا أبيض وحذاء رياضيا: “الناس تحب أن ترى مظاهر الأنوثة في أي امرأة. أحببت أن يراني الناس في شكل وطباع الأولاد فلا يتعرّض أو يقترّب مني أحد”.
وتابعت الشابة التي لم تفكر يوما بأنها ستقص شعرها، أن “القصة كانت بمثابة درع يحميني من الناس والمجتمع ويمنحني القوة”، خصوصا أنها تعيش بمفردها بعيدا من عائلتها.
“امرأة عملية”
قالت مصففة الشعر لاميس إن “قصة بوي أصبحت منتشرة جدا حاليا، وزاد الطلب عليها خصوصا بعد دخول النساء لسوق العمل بكثرة”.
وتابعت الفتاة السعودية “على الأقل من 7 إلى 8 زبائن من أصل 30 زبونة يوميا يطلبن قصة بوي”، موضحة أن القصة كانت منتشرة بالفعل “لكنّ ارتداء كثيرات للحجاب الآن أبرز انتشارها”.
وغالبية الزبائن من الفئات العمرية بين 16-20 عاما أو أكبر من 25 عاما، حسبما أفادت ثلاثة صالونات في الرياض.
وبالنسبة لبعض النساء العاملات، فإنّ هذه القصة “عمليّة ومريحة” وتوفّر عليهن وقتا.
وقالت عبير محمد (41 عاما) التي تدير معرضا لملابس الرجال في وسط الرياض “أنا امرأة عملية، وليس عندي وقت للاهتمام بشعري”.
وتابعت الأم لطفلين “شعري “كيرلي” (مجعد) وإذا طولته سأقضي وقتا للعناية به صباحا وهو أمر غير متوافر لي. لذا تساعدني هذه القصة على الظهور بشكل مرتب”، مع تأكيدها على اهتمامها بأنوثتها.
ويندرج تعزيز حقوق النساء بين أبرز النقاط الواردة في “رؤية 2030” التي أطلقها ولي العهد السعودي والرامية لتنويع الاقتصاد وتغيير صورة التشدد السائدة في العالم عن السعودية.
وقلصت المملكة خلال السنوات الأخيرة قواعد “الوصاية” التي تمنح الرجال سلطات واسعة على النساء من عائلاتهم. ورغم سياسة الانفتاح الاجتماعي هذه، يتعرض ولي العهد السعودي لانتقادات بسبب قمع حقوقيات طالبن بإصلاحات وسجنهن.
وتشكل النساء نحو 36 في المئة من قوة العمل، أي أكثر من الهدف المبدئي المنشود في نهاية العقد والبالغ 30 في المئة، على ما أفادت نائبة وزير السياحة الأميرة هيفاء آل سعود منتدى دافوس الاقتصادي الشهر الماضي.
وقالت: “نرى النساء اليوم يعملن في كافة أنواع الوظائف”.
“شخصية قوية”
وعلى مدى عقود كان الاعتقاد بأن الشعر الطويل والأملس هو قمة معايير الجمال، لكنّ قصّات أخرى كـ”الكيرلي” و”البوي” باتت تجد قبولا.
وأفادت منسقة الأزياء المصرية مي جلال أن قص نجمات في العالم العربي شعورهن على هذا الشكل يشجع مزيدا من النساء على خوض التجربة.
وقالت جلال لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”: “إن المرأة التي تقص شعرها بهذا الشكل شخصيتها قوية لأنه ليس من السهل على النساء الاستغناء عن شعرهن”.
وتنشر صالونات تصفيف الشعر السعودية باستمرار صورا لهذه القصة القصيرة على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لاجتذاب مزيد من الزبائن.
وتمنع السعودية تقليديا الرجال من “التشبه بالنساء” أو من ارتداء ملابس النساء، والعكس صحيح.
وبالنسبة الى البائعة السعودية روز (29 عاما) فإن الأمر لا علاقة له بالتشبه بالرجال.
وقالت الفتاة المسؤولة عن محل لبيع الأحذية في مركز تجاري في الرياض إن هذه القصة “تعطيني قوة وثقة بنفسي. أشعر بأنني مختلفة وقادرة على فعل ما أريد من دون وصاية من أحد”.
وتابعت الفتاة النحيلة التي ارتدت عباءة سوداء تقليدية “في البداية رفض أهلي القصة لكنني صممت، ومع مرور الوقت اعتادوا على ذلك”، خصوصا مع انتشار القصة بين النساء.
وترفض الثلاثينية نوف التي تعمل في متجر لأدوات التجميل النسائية، وصف القصة بكونها “تحديا للمجتمع” لكنها تعتبرها “إظهارا لقوة النساء”.
وتابعت الفتاة السمراء التي وضعت قرطا صغيرا في أنفها “نريد أن نقول إننا موجودات ودورنا في المجتمع لا يختلف كثيرا عن الرجال”.