أفرام الثاني في لقاء مع ممثلي الكنائس في الموصل: ما يحصل جريمة انسانية ولاجتماع طارئ مع إخوتنا بطاركة المشرق للتشاور واتخاذ القرارات

batrak sirianترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس أفرام الثاني لقاء في المقر البطريركي في العطشانة – بكفيا ضم ممثلي الكنائس في الموصل “للتشاور والتباحث في المستجدات في وضع المسيحيين في الموصل إثر موجة التهجير والتهديدات الأخيرة”.

حضر اللقاء: النائب البطريركي للأبرشية البطريركية للسريان الكاثوليك مار يوحنا جهاد بطاح، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، راعي كنيسة المشرق الأشورية في لبنان الأب يترون كوليانا، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الأب ميشال جلخ، الأب كارلو يشوع، الأمينان العامان المشاركان في مجلس كنائس الشرق الأوسط الشماس جيمي دنحو وإلياس الحلبي، السيد رحيم أبو رغيف الموسوي، إضافة إلى السفير العراقي في لبنان الدكتور رعد الألوسي والقنصل العراقي في لبنان الدكتور وليد عبد القادر العيسى.

كما حضر مطارنة الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في لبنان: مار ثاوفيلوس جورج صليبا ميتروبوليت جبل لبنان وطرابلس والأمين العام للمجمع المقدس، ومار يوستينوس بولس سفر، النائب البطريركي في زحلة والبقاع، ومار إقليميس دانيال كورية، ميتروبوليت بيروت، ومار ديونيسيوس جان قواق، مدير الديوان البطريركي في دمشق، ومار خريسوستوموس ميخائيل شمعون، مدير المؤسسات البطريركية الخيرية في العطشانة والأستاذ حبيب أفرام، رئيس الرابطة السريانية في لبنان ورئيس إتحاد الرابطات المسيحية في لبنان والإعلامي غسان الشامي.

اتصالات

وكان البطريرك افرام الثاني قد اتصل بمطران الموصل وتوابعها مار نيقوديموس داود شرف، للاطلاع على آخر المستجدات والوقوف على الحاجات الملحة للمؤمنين المهجرين من الموصل والتأكيد على أن قداسته والكنيسة كلها تستنكر التهديدات والاعتداءات الحاصلة.

في بداية اللقاء، تلقى افرام الثاني اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية جبران باسيل. وطلب قداسته منه “إيصال صوتنا عبر وزارة الخارجية إلى المحافل الدولية ولا سيما الأمم المتحدة”.

كذلك اتصل أفرام الثاني بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر وتشاور معهما في الخطوات التي يمكن اتخاذها لدعم المسيحيين في الموصل والمساهمة في إزالة هذه الضيقة وهذا الاضطهاد عنهم وعن مسيحيي المنطقة.

رسالة

بعد اللقاء، عقد البطريرك أفرام الثاني مؤتمراً صحافيا وجه خلاله رسالة إلى أهل الموصل ونداء إلى المعنيين في المنظمات الدولية ودولة العراق بشكل خاص،جاء فيها:

“أبناءنا وأهلنا في العراق، أبناءنا المهجرين من الموصل، الإخوة الحضور،

إن ما حصل ويحصل في الموصل من عملية تهجير ممنهج للمسيحيين وبعض المسلمين مرفوقاً بعبارات وإشارات عنصرية وإهانات وسرقات قامت بها “داعش”، بعد استيلائها على قسم عزيز من دولة العراق التي تشكل مهداً للانسانية، عموماً، ولنا على وجه الخصوص، يعد عملا وحشياً وغير مسبوق في العلاقات التاريخية بين مسيحيي هذه المنطقة ومسلميها. لذلك، ندين وبأشد العبارات هذا العمل مع إصرارنا على أن هذا النوع من الأعمال وهذا الشكل من المتأسلمين لا يمثل الإسلام الذي أمضينا وإياه ثلاثة عشر قرناً ونيفا.ً

إن هذا النوع من الإسلام لا يقيم حرمة لا للنص الديني ولا للعلاقة الإنسانية العامة. ولذلك، ندعو الإخوة المسلمين وقياداتهم إلى اتخاذ موقف واضح من هذا العمل وهذه الظاهرة المخالفة للنص القرآني، وفي الوقت عينه نستغرب الصمت الحاصل حتى الساعة إلا من بعض القيادات الروحية والمدنية والمراجع الإسلامية حيال ما حدث ويحدث في الموصل.

ان تهجير شعبنا والاستيلاء على كنائسنا وتدمير مقدساتنا وسرقة أمتعة ومستقبل ومنازل أهلنا لن يثنينا عن حمل رسالتنا في هذا المشرق العزيز. إن هذا الظلم الذي يخالف أولى الشرائع السماوية والإنسانية لا يدفعنا تحت أي مسوغ لطلب الحماية أو المساعدة من الدول الغربية، لا عن ضعف ولا عن خوف، بل لأننا مؤمنون أننا ملح هذه الأرض والشاهدون على القيامة إلى أبد الدهر، لكننا نطلب من شركائنا في الوطن أن يكونوا أوفياء للقيم الدينية والحضارية والإنسانية المشتركة بيننا عبر دعم وتوطيد الوجود المسيحي في هذه المنطقة من العالم وعدم الاكتفاء بكلمات التضامن من خلال قيام الأنظمة التي تدعم وتسلح وتمول داعش وغير داعش بوقف ما تقوم به لأن هذا التعصب وهذه الأعمال سوف ترتد على من يقوم بها ويدعمها عاجلا أو آجلا.

من جهة ثانية، نعلن أننا سنقصد أعلى المرجعيات الدولية في الأمم المتحدة وهيئة حقوق الإنسان لمطالبتها بأن تقف مع الشرعة التي تدعي بأنها تعمل بها. ولا نطالب الغرب بأكثر مما تقتضيه شرعة حقوق الإنسان وعدم استعمال الانتقائية في تطبيقها بين بلد وآخر ومكون اجتماعي وآخر.

وإننا نصر على أن ما وقع على شعبنا في الموصل هو جريمة حرب؛ فالتهجير على أساس ديني، إسلاميا كان أم مسيحيا، هو جريمة إنسانية تقتضي معاقبة من قام بها. كما نطالب الدولة العراقية ورغم ما يحصل لعراقنا الحبيب الذي نريده موحدا وجامعا لكل مكوناته ومؤمنا لحقوقهم، تأمين حقوق المسيحيين للبقاء في أرضهم وحمايتهم وتأمين مستلزمات حياتهم الكريمة. كما نطالب الإخوة الأكراد، شركاءنا في الوطن، بالعمل معنا على حماية هذا الوجود المسيحي حفاظا على التنوع وقيمته التاريخية والحضارية.

من جهة أخرى، نقول لأهلنا في الموصل وسهل نينوى والعراق بشكل عام: إننا سنحاول وبشتى السبل تأمين مستلزمات حياة كريمة لكم من خلال أبنائنا في المشرق وعلاقاتنا الدولية في محاولة منا للمساعدة على بقائكم في أرض آبائكم وأجدادكم مع مطالبتنا بإعادة كل الممتلكات والمسروقات.

أخيرا، إننا نعمل لعقد اجتماع طارئ مع إخوتنا بطاركة المشرق في أقرب الآجال للتباحث والتشاور واتخاذ القرارات حيال ما حصل في الموصل وما يحصل لمسيحيي المشرق وتشكيل وفد مسيحي مشرقي لطرح هذه القضية في الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية حيث تقتضي الحاجة.

نشكر أصحاب السيادة ممثلي الكنائس السريانية الكاثوليكية والكلدانية وكنيسة المشرق الأشورية والأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط والأمناء العامين المشاركين وسعادة السفير العراقي لتلبيتهم دعوتنا هذه وحضورهم معنا للتشاور والعمل من أجل مصلحة شعبنا المتألم في الموصل”.

اسئلة واجوبة

وردا على أسئلةالصحافيين، أشار البطريرك افرام الثاني إلى أن عدد العائلات المتبقية في الموصل قليل ونعمل على التواصل معها لمساعدتها على الخروج، موضحاً أن لا تنسيق مباشرا للكنيسة مع أي سلطة مدنية أو سياسية في العراق، إنما المطارنة على اتصال بالسلطات الكردية لتأمين عيش كريم لأبنائنا، مشدداً على أن أرض الواقع تؤكد أن هذه الجهات الإرهابية مدعومة من دول وهذا ما يتم تداوله في وسائل الإعلام ايضاً.

وطالب الحكومة العراقية، ليس فقط باسترجاع الموصل ولكن بالعمل على حماية أبنائنا الموجودين في الموصل، وفي سهل نينوى وفي المناطق المتنازع عليها، وقال: “ما زلنا نؤمن بأن حكومة بغداد هي المسؤولة عن أمن وسلامة أبنائنا”.

واعتبر أن “الأمل هو أساسي في إيماننا المسيحي”، وقال: “بحسب قراءتنا للأحداث، نعتقد أن هذه الحركات من داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية عمرها قصير، وإن شاء الله سيعود أبناؤنا إلى الموصل وأهلنا الى كنائسهم، منتقداً نزع الصلبان وحرق الأيقونات، وقال: “نحن لسنا ضد الصلاة ولكن لكل صلاة مكانها وظروفها وشروطها فهذه كنائس بنيت منذ مئات السنين وبالتالي يجب احترام قدسيتها والإسلام لا يقبل أن تهان دور العبادة بهذه الطريقة”.

وأعرب عن الشعور بالإحباط من الصمت الدولي بشكل عام وعن شبه الصمت المحلي سواء في العراق أو في دول أخرى في المنطقة، “نأمل أن تصرخ كل دول المنطقة عالياً، فما حصل في الموصل غير مقبول ومخالف لكل ما عشناه مع إخوتنا المسلمين في هذه المنطقة خلال قرون، يجب وضع حد لهذا الأمر وأن تستعاد مدينة الموصل. والمسؤولية تقع على عاتقنا كلنا وبشكل خاص على العراق، ونطالب الحكومة العراقية بأن تأخذ بعين الجد هواجسنا والإحساس بالخطر المحدق بنا”.

وأمل أن يأخذ موضوع الموصل حقه في الإعلام اللبناني وهو يستأهل نشرة أخبار موحدة أسوة بغزة.

الموسوي

بدوره قال الشيخ رحيم ابو رغيف الموسوي: “وجدنا ضرورة الوقوف والتضامن مع الاخوة المسيحيين في العراق بشكل خاص. وكما وصفه البعض هو تطهير، أنا أشاطره الرأي بأنه تطهير حقيقي لأن الوجود المسيحي في العراق هو وجود أصيل، ونحن بدورنا نحافظ على هذا الوجود الأصيل، لأن هذا هو قوة واستلهام وبقاء للتاريخ العراقي بشكل خاص وللتاريخ المسيحي المشرقي بشكل عام. لذلك أجد أن من واجبنا الأخلاقي والوطني والديني أن نتضامن، ولا نكتفي بالتضامن فحسب بل يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، وأن نذهب الى أعلى المؤسسات الدولية في العالم لوضع حد لمثل هذه المهاترات بدماء وأرواح وممتلكات الناس وهذا التطهير، فهذه الوقفة هي الحد الأدنى الذي نقدمه وهي وقفة ذات طابع أخلاقي وحضاري وقيمي”.

اترك رد