بقلم: المطران سمعان عطالله
أتقدّم من قدس الرئيس العام، الأباتي داود رعيدي ومجلس مدبريه الأفاضل ومن جميع إخوتي الرهبان الأنطونيين بالتهاني بمناسبة تقدّم إخوتنا الشمامسة الأربعة من مذبح الرب ليقبلوا وضع اليد الكهنوتية المقدسة؛ وأسأل الله ان يتكرّم ويمنّ على رهبنتنا بالدعوات الكثيرة فيزداد عدد الفعلة كمّاً ونوعاً، لأن الحصاد كثير والفعلة قليلون، بخاصة في كرم رهبنتنا.
كما وأتقدّم من طلاب الدرجة الكهنوتية الأربعة الأحباء ايلي ويوسف ورواد وجاك ومن أهاليهم الكرام، الذين تعبوا عليهم، كما تعبت الرهبنة، فوصلوا إلى ما وصلوا إليه، بالتهاني الحارة، المقرونة بالصلاة والدعاء كي ينجحوا في خدمة مذبحه المقدس ويثمر كهنوتهم ثماراً، يفرح بها الرب ويفيد منها المؤمنون خلاصاً لنفوسهم، وتمجيداً لاسمه تعالى.
مع درجة القسوسية التي يمنحكم إياها الرب بواسطة يديّ الحقيرتين، اودّ ان أزوّدكم بكلمة خلاص، أزيدها على الزاد الذي جمعتموه بكدّ وعناء طوال الطريق، الذي سلكتموه لتصلوا إلى درجة المذبح، توّاقين إلى طبعه بقبلة الحب والسلام والأمانة والإلتزام، وتقوموا بخدمتكم فرحين سعداء، خاصة وإن الربّ يحبّ المعطي الفرحان؛ بذلك تشهدون ان الحياة مع الله جميلة وخدمة الإنسان أو خدمة تدبير الله الخلاصي للإنسان، كل إنسان، مصدرُ تعزيةٍ وهناء.
كلمة الخلاص هذه، آخذها من عهدكم الرهباني، وأنتم أبناء عهد؛ آخذها من حياتكم الديرية، من نسككم الذي كان دائماً رسولياً، إلاّ في أزمنة الانحطاط، حيث انكفأ الرهبان ما وراء جدران الدير وكأنهم يريدون تقديس نفوسهم لنفوسهم، فيما الرب يسوع علّمنا واعطانا ذاته قدوة في بنيان القداسة والخلاص، عندما أعلن في وصيته الأخيرة قائلاً: إني أقدّس ذاتي لأجلهم!
فتقديس الذات، وهو مطلب الرب يسوع من كلّ مؤمن ومؤمنة: كونوا قديسين، على مثال أبيكم السماوي، يتمّ في الكنيسة جماعياً: الجماعة هي مكان الخلاص، وبالتالي مكان بنيان الخلاص. وحياتكم الرهبانية قائمة على الحياة الجماعية لبنيان وحدتكم وخلاصكم معاً. الحياة الرهبانية هي مدرسة بنيان الوحدة والخلاص، مدرسة العيش الواحد بفرح، مدرسة الشراكة، على كل الصعد، المدرسة القائمة على المحبة. فالعالم، يسبّح الله إذا كان المؤمنون به يحبّون بعضهم بعضاً. بفضل هذه الشهادة كان عدد المؤمنين يزداد ألوفاً
الشراكة، او ألمعيّة تعني السير معاً والتفتيش عن المطلق معاً والتعاون الصادق، أي العمل معاً بالنوايا الحسنة. فما تعيشونه معاً في الدير، نهج يُدعى الحياة المشتركة بكل أبعادها، عليكم ان تنقلوه إلى حياتكم الراعوية مع إخوتكم المؤمنين. هذه هي البشرى الجديدة المطلوبة: إشراك ومشاركة بالمحبة لبنيان الإنسان الجديد وتمجيد الله بالتسبيح والشكران والتهليل والتقديس. وهذا ما نعلنه عندما نضع يد القسوسية على طالبيها قائلين: نقوم بهذا العمل المبارك لبنيان بيعة الله المقدسة، بنيانها كنيسةً، أي جماعة، جامعة واحدة، مقدسة رسولية وشاهدة مستشهدة، حباً بالذي عُلّق على خشبة ليعطينا الحياة.
الجماعة أو الحياة الجماعية، وبكلام آخر العمل الجماعي، هو كلمة الحياة التي عليكم ان تقرأوها وتتأملوا فيها وتعملوا بها لتشهدوا للأخوّة والتعاون، مجسّدين إنجيل المحبة والفرح. هكذا تخرجون من الأنانية المنغلقة وتدخلون سرّ الآخر: إذ حيث يجتمع إثنان باسمي أكون الثالث بينهما.
يسوع هو ضمانتنا؛ إنه ضمانة عملنا معاً باسمه. ولذلك لا نخاف من فقرنا وضعفنا والمحدودية. معه نغامر وباسمه ننطلق في الأرض كلّها، حاملين بشرى الخلاص والحياة ورسالة الوحدة والسلام لجميع الناس؛ إذا كان من نذهب إليهم أبناءَ سلام، فسلامنا يحلّ عليهم، وإلاّ فسلامنا يعود إلينا. بذلك فنحن لسنا أبداً خاسرين. معه، نحن دائماً غالبون؛ هو غلب العالم!
هذه النظرة تحرّرنا من عبودية “المؤسسة” وترفعنا إلى مقام الودعاء، الذين طوّبهم الرب يسوع ووعدهم بالأرض إرثاً، لا ينزعه أحد منهم:”طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض”، وتسمح لنا بأن نخرج إلى المطلق، الموجود في كل أخت وأخ، متخطّين كلّ عائق وكل حاجز يرتفع أمامنا، وندخل إلى الداخل، داخل كل سرّ من أسرار الحياة، ونذهب إلى الجوهر مع كل إنسان، مؤمن أو غير مؤمن، بارّ أو خاطئ، نذهب إلى البحث عن المطلق الحيّ وعن الأرض الموعودة… إنها مسيرة طويلة صوب الصحراء وعمقها، مسيرة صبورة وحقيقية؛ إنها خروج، لا بل الخروج الجديد من أرض العبودية، إلى أرض المعاد، من أرض اليباس والتحجّر والانعزال إلى أرض الرطابة والليونة والتفاعل.
“حياة الجماعة تقدّم لنا العون الذي يهبه الرب يسوع لوجودنا لنعيش التوبة والوداعة والتواضع والغفران. عندئذ يصحّ قول المرنّم والنبي داود:”ما أطيب وما ألذّ ان يعيش الإخوة معاً” (133، 1).
الحياة الجماعية تذكّرني بالأندية التي يكوّنها منشّطو حياة التلاميذ في المدارس. والكهنة، رعاة القطيع، عليهم، بدورهم، ان يبنوا في رعاياهم جماعات جماعات، ويعطوا كلّ واحدة منها مسؤولية خاصة في حقل الرعاية ويبنوا لها موهبة خاصة (كاريسما)، بحيث تصبح الرعية حيّة، تضجّ بالحياة وتشهد بفرح الخلاص، الذي خصّ به الله البشر. فالتكرّس في المعمودية طبَعَ على جبين المعمّدين تمغة أي سمة واضحة:”نحن شعب مخلّص”: إنه صليب الخلاص (صليب الانتصار) (صْليبُا زَكُيُا)، صليب القيامة المجيدة.
فاهنئوا، إخوتي بكهنوتكم! تقدّسوا به واستثمروه في خدمة البشرى الجديدة، ليكون لكم، ولمن تسهرون على رعايتهم، بركة وكلمة خلاص وحياة وتمجيد للآب والابن والروح القدس، طوال أيام حياتكم وإلى الأبد، آمين.
******
(*) عظة ألقيت خلال احتفال الرهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة، يوم السبت 28 يونيو 2014، بترقية أربعة من الرهبان الأنطونيين: إيلي أبو عساف، يوسف الفخري، رواد كعدي وجاك الكك، إلى الدرجة الكهنوتيّة، بوضع يد صاحب السيادة المطران سمعان عطاالله، رئيس أساقفة أبرشية بعلبك دير الأحمر المارونية، في الكنيسة الكبرى لدير مار الياس – انطلياس.
المطران سمعان عطالله افسد انسان عرفو التاريخ وقبل ما يطلب فعلة لحقل الرب بسألو هو شو عمل ليكون انسان صالح؟ بيحب البهرجة والتاج وكرشو مفتوح للدجاج. منيح الي بعدو عم بيجي دعوات بوجود هيك اشخاص. واذا في دعوات مش بفضلو ولكن بفضل ربنا. والله يستر ما ينزع الاشخاص اللي بيفوتوا على الرهبانية الانطونية.