وجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث كلمة لمناسبة بداية شهر رمضان، قال فيها:
“يطل علينا شهر رمضان المبارك، الشهر الفضيل، شهر الصلاة والتوبة والزكاة والتواصل والتراحم والتضامن. شهر عبادة الله الرحمن الرحيم الغفور السميع المجيب.
يطيب لي كبطريرك عربي مسيحي أن أوجه هذه الكلمة باسمي وباسم أبنائي المسيحيين الروم الملكيين الكاثوليك خصوصا، والمسيحيين عموما. إنها كلمة محبة وإيمان ورجاء وأمل ودعاء وابتهال، أقدمها لإخوتي المسلمين، مهنئا إياهم بحلول هذا الشهر الفضيل.
وليسمحوا لي أن أخاطبهم وأعاتبهم بآية قرآنية كريمة: “تعالوا إلى كلمة سواء” (سورة آل عمران 64)، “إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” (سورة الحجرات 13). وأضيف عليها بروح قيم الإنجيل المقدس “لتحابوا”. وأقول لهم مطبقا عليهم آية إنجيلية مقدسة: “بهذا يعرف الناس أنكم مسلمون إذا كنتم تحبون بعضكم بعضا” (يوحنا 35:13).
أقول ذلك بألم كبير وحزن عميق، وذلك أمام مشاهد الشرذمة والتناحر والانقسام والتكفير والدعوة إلى الجهاد، والذي ليس بجهاد. وإلى فتاوى ليست بفتاوى، وإلى دعوات ليس فيها من الدعوة شيء، وإلى صحوة فيا رائحة الموت والقتل والإرهاب. إنه لمؤسف جدا أن تكون هذه الأمور قد شوهت صورة الإسلام. نطلب منه تعالى أن يوطد الإيمان الحي في قلوب إخوتنا المسلمين أمام هذه الهجمات الصعبة على الإسلام، إننا بحاجة في عالمنا العربي إلى هذا الإيمان، إلى هذه القيم، إلى هذه الأخلاق. ولتكن هذه القيم هي بنود تحالفنا ووحدتنا العربية، الإسلامية الإسلامية، والإسلامية المسيحية، أمام التحديات المأساوية المصيرية الدامية التي تواجهنا كلنا.
تحالفنا يجب أن يكون عربيا، وحلولنا السياسية يجب أن تكون عربية محلية. ومصالحنا يجب أن تكون مصالح عربية. وسلامنا أن يكون سلاما عربيا. ماضينا وحاضرنا واحد، لا نصر فيه للواحد دون الآخر. ولا مجال لاستقواء الواحد على الآخر. ومستقبلنا الكبير العظيم، ومستقبل أجيالنا الشابة واحد.
واعملواوسيرى الله عملكم! (سورة التوبة: 105). ونحن المسيحيين العرب سنرافقكم بالصلاة والدعاء والصيام والتضامن والتراحم، لأجل أن يزيل الله الرحمن الرحيم والمخلص الإلهي، هذه الغمة عن عالمنا العربي، ويعيد إلى ربوعه الأمن والأمان والاستقرار وراحة البال والتسامح والغفران المصالحة والمحبة والسلام”.