بيروت بالأبيض والأسود… حركة وانبعاث حياة

بقلم: جوزف أبي ضاهر

abi-1-cover-1هاجر الماضي بلونيه الأبيض والأسود، طوعًا. ما عاد مندمجًا في بعضنا جسدًا، حتّى ولا ذاكرة.

الألوان ببريقها المغري جعلت الأسزود والأبيض  والأبيض يصبح نافرًا، إذا أطلَّ من زاوية لم نكن نظن أنها موجودة.

زوغٌ في الألوان، زوغٌ في الرؤية، ظننت.

ربّما بعض الظن استسلام غير مكتمل المعرفة، إذا انتفت، يحضر الكتاب ولا يحضر القارئ.

غياب له ما يبرره، فالضحل يبرز ويجد من يسوِّقه، والمسَوِّقُ، عمومًا غير مدركٍ أهمية من مرَّ قبله وما ترك.

عين العصر سبقت الفم والوجه… والرأس بكامله، بحثًا عمّا لا علاقة له بالحنين إلى ما كان.

مَلامح قاتمة لحاضرٍ أجد نفسي محاصرًا فيه، وربّما مثلي بعض جيلي الما زال متمسِّكًا بأمسه القريب، متمسِّكًا بجذوره وعواطفه ومشاعره، وبالحنين إلى أمكنة وناس كنّا بينهم، كنّا منهم القلب واللسان والعين الباحثة عن هويّات سقطت في غياب أصحابها.

abi-4(1-1  abi-6-1  abi-7.j-1pg

الدافع إلى ما سبق، ليس رثاءً لما فقدنا، بل شوقًا إلى ما أعاده إلينا كتاب: “بيروت الحركة” صدر عن وزارة الثقافة اللبنانيّة، ولم يكتبه قلم. أُعطي الحق الحصري فيه لصور بالأبيض والأسود انتُشِلت من غرقٍ في النسيان، وانبعثت “أدونا” وزهر أقحوان خارج النار والماء والرمال، رجعت معها الذاكرة حيّة مشرقة، تؤرّخ، تستعيد، تحيي أزمنة بيروت المدينة  الما غمضت لها عين إلا على أحلامٍ يقظة، أغرت العالم بها، فسعى صوبها سعي عاشق إلى معشوقه، تسبقه سِمعَته هالةً من نورٍ وسحرٍ ومعرفةٍ وحبٍّ وإغراءٍ وفرحٍ ودهشةٍ… تتزايد كلما فُتح باب أو شباك على درب لهفة.

صور من ربع قرن مضى (1950 ـ 1970) تتبع ظِلَّها كلمات وشعر ونبضات، كأنها الـ “آه”، بعد: “سقى الله أيامًا” منعت تلك الصور من الضياع أو الاندثار، ولو ما عادت تُغري الراكض خلف الزَوَغِ الفارغ من مضمون إنساني، شكّل مع المكان حكاية وَلَهٍ لمدينة ما كل أبنيتها من حجر، بعضها من أسرارٍ وحكاياتٍ وشوق أقلامٍ عرفت الحرّية، فنبتت لها أجنحة حَمَلتها إلى سماء الشرق الكان مهتمًّا في توسّع السجون لحبس كلِّ الكلام الخارج عن القانون (!)، وكلّ الكلام كان خارجًا عن قانونه.

في مدخل الكتاب تعريف، وكلمة لوزير السياحة، وفي ختامه تحيّة من المديرة العامّة للوزارة ندى سردوك (بالانكليزيّة) لفترة ذهبيّة سكنت المدنية فيها القلوب والعقول. وكانت لكلِّ الأذواق، منفتحة على العالم، تستقبل بذراعين مفتوحتين حتَّى… المدى.

بيروت التي رسّخت حضورها القوي، الجامع بين الإرث الجمالي في الروح الإنسانيّة والتطور الصارخ المتسلّق جدار الوقت، هي الأعجوبة التي تُبهر.

هي الحَرَكةُ النبض ومنهما نسغ الحياة.

 

كلام الصور

1- غلاف الكتاب

2-  إستراحة المصور على كورنيش المنارة

3- منطقة الفنادق

4- ساعة الزهور في ساحة الشهداء

 

اترك رد