نظمت الرابطة المارونية لقاء حواريا مع رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين حول “شؤون الجامعة اللبنانية وشجونها في ظل المواطنة”، في قاعة ريمون روفايل في مقر الرابطة – بيروت، في حضور الوزير السابق ناجي البستاني، رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع، نقيب أطباء الاسنان الدكتور طوني زينون، أعضاء المجلس التنفيذي في الرابطة ورؤساء اللجان المنبثقة عنها، عمداء كليات في الجامعة اللبنانية وعدد من مدراء الكليات والفروع وشخصيات فكرية واكاديمية واعلامية وثقافية واجتماعية.
مطر
استهلالا النشيد الوطني ونشيد الرابطة المارونية، ثم ألقى عريف اللقاء عضو اللجنة التنفيذية في الرابطة المارونية الدكتور سهيل مطر كلمة رحب فيها بضيف اللقاء وبما يتمتع “من شخصية ثقافية غنية تؤكد على حضوره الأكاديمي والفكري”، لافتا الى أهمية هذا اللقاء وموضوعه عن الجامعة اللبنانية وشجونها وعن المواطنة واسسها في بناء دولة الوطن والمواطن بعيدا عن دولة المحاصصة السياسية. وأشار الى أن “لا قيام للبنان الدولة والوطن إلا بقيام الجامعة الوطنية اللبنانية”.
صقر
ثم ألقت الدكتورة سندريللا أبو فياض صقر كلمة عرضت فيها بشكل مقتضب أوضاع الجامعة اللبنانية وبالأرقام، لجهة “الاجحاف الذي يلحق بها والصعوبات الكبيرة التي تواجهها، ان كان على صعيد تعيين العمداء أو على صعيد تفرغ أساتذتها، أو موازنتها أو تجهيزات فروعها”. وقالت: “كل ذلك بعد 63 سنة على تأسيسها وقد خرجت أفضل وأنجح الخريجين الذين تبوأوا أعلى المناصب وفي كل المجالات”. وذكرت بأن الجامعة اللبنانية “تضم 16 كلية لمختلف الاختصاصات وثلاثة معاهد للدكتوراه، و55 فرعا يتوزعون على مختلف الاراضي اللبنانية، وفيها قرابة 75 الف طالب و5 آلاف استاذ محاضر واكثر من 3 آلاف موظف”.
السيد حسين
ثم كانت مداخلة رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين فقال: “كم أسهل للمرء أن يكون مواطنا من أن يكون بلا هوية، لأن المواطنة تجمع ولا تفرق، ولأن المواطنة تحدد الأصالة والمستقبل، وهي تربط بين الماضي والمستقبل، أما الحروب المتنقلة القبلية أو ما دون القبلية فهي ليست فقط بلا مستقبل بل هي العدم. هي الاندثار هي الخراب، هي اللاحضارة واللاانسانية، ولبنان وطننا لم يكن بهذا الخواء لا في الماضي البعيد ولا في الماضي القريب”.
أضاف: “لعل أجواء المنطقة العربية والشرق الأوسط تضغط علينا باستمرار، ونسأل أنفسنا لو لم يكن هناك اتفاقية كامب ديفيد، هل كانت استمرت الحرب الأهلية في لبنان؟ ونسأل اليوم: لو لم يكن هناك هذه الحروب المتنقلة، بفعل اسرائيلي أولا، فهل كنا في هذا الخطر على الأوطان على الرغم من رفضنا لسايكس بيكو وسان ريمو بعد الحرب العالمية الأولى؟”. لافتا الى أن “على اللبنانيين الاجابة عن هذه الاسئلة، رغم أننا لم نفقد الأمل بهذا الوطن الذي هو رسالة ودور منذ القديم والذي بني، كما قال الرئيس الراحل سليمان فرنجية “كل جل استغرق بناؤه جيلا كاملا وتضحيات لأجيال متعاقبة”.
وبعدما شرح مفهوم المواطنة، تحدث عن الجامعة اللبنانية فقال: “بصفتي رئيسا للجامعة اللبنانية، هذه المؤسسة العامة المستقلة في القانون وغير المستقلة الآن في الواقع، هي أهم مؤسسة عامة في لبنان على صعيد التعليم العالي. والمسألة ليست في العدد فقط بل هي في الدور وفي المستوى الأكاديمي الرفيع الذي وفرته وتوفره، على الرغم من المآسي والمشكلات التي فرضت على الجامعة، فهذه الجامعة رغم الحرب والتفريع ورغم تغييب مجلسها منذ عام 2004، ورغم مصادرة استقلاليتها المالية منذ 1993 ورغم وقف مشاريع التخرج المفترض أن تكون سنوية، فهذه الجامعة تعطي لبنان والجامعات الخاصة التي تنهض على أكتافها أفضل الأساتذة”.
وسأل السيد حسين: “ألا يحق للجامعة اللبنانية أن تفرغ أساتذتها سنويا كما جاء في قانون تنظيمها؟ وهل الجامعة تخالف القانون أم الحكومات المتعاقبة؟ وكنت وزيرا وشهدت كيف تناقش أمور الجامعة، وليدرك الحاكم أن العلم هو السلاح الامضى وان قوة الجيوش مهما عظمت فان الاقتصاد مبني على العلم، وحضارتنا كلها مؤسسة على العلم والثقافة، وتابع هذه الجامعة خرجت أكثر من 250 الف خريج من كل لبنان، وكم من المسؤولين والقادة العرب تخرجوا من الجامعة اللبنانية، وكبار الفنانين العريقين في لبنان مروا في معهد الفنون الجميلة. وما أريد قوله أن هذه الجامعة تدخل اليوم في منافسة أكاديمية رفيعة ومشرفة تحت اشراف برنامج “تمبوس” الأوروبي بما يخص الجودة وتحت اشراف وزارتي التنمية الادارية والاقتصاد والتجارة، وأختيرت الجامعة من بين أربع مؤسسات عامة لتكون تحت الاختبار، وارتضينا ذلك طوعا لأن الجامعة التي لا تخضع للتقييم لن تستمر في جودتها”.
أضاف: “على رغم هذا الجو الايجابي عن الجامعة، فأنا كرئيس للجامعة لا يسعني الا أن أصارح أهل الجامعة والمسؤولين في الدولة اللبنانية عن واقع الجامعة، ومطلبي الذي قلته أنه لا يمكن أن تدار الجامعة من قبل رئيس بدون مجلس، وهناك شهود على ما جرى من معاناة في حوارنا مع فئة لا تدرك دور الجامعة اللبنانية، وكأنها تعمل على اضعافها، وقال أن دولة لا تفتخر بجامعتها الوطنية ليست دولة، وأن مجتمعا لا يلتف حول جامعته هو مجتمع آيل الى التفكك”.
واستعرض بالارقام عدد الاساتذة المتفرغين في الجامعة “والذين يتناقصون بفعل خروجهم الى التقاعد، وعدد الاساتذة المتعاقدين وبموجب عقود المصالحة الذي يفوق عدد المتفرغين بأضعاف، ما يعني أن نسبة الملاك والتفرغ أقل من 25 بالمئة من عدد الاساتذة الاجمالي وهذا مخالف للقانون، بفعل الحكومات اللبنانية المتعاقبة وليس مجلس الجامعة”، قائلا: “ممنوع على الجامعة منذ 17 عشر أن توظف اداريين وغيره”.
وسأل: “لماذ تتقلص مساهمة الدولة في موازنة الجامعة؟ على الرغم من ارتفاع المصاريف للأيجار والترميم والتدفئة، اضافة الى مصادرة صلاحيات مجلس الجامعة في تعيين الموظفين؟ ماذا يبقى من استقلالية الجامعة؟ كيف يمكن للجامعة أن تسير دون أساتذة جدد، ودون تعاقد ولو بالساعة مع موظفين؟ وقال: “اذا كان البعض يعتقد بتخصيص الجامعة اللبنانية فنقول له لا. جامعة الدولة يجري تخصيصها، كيف يكون ذلك؟”.
تابع: “اذا كنا نريد مواطنة في لبنان، ونريد جامعة وطنية في لبنان؟ فمطالب الجامعة اللبنانية ليست مرهقة، لا ماليا، وأسألوا أهل الجامعة، فأنا لم أتعرف الى المواطنة الا من خلال الجامعة اللبنانية”.
وتطرق الى تعريف “الشعب” فقال: “هو مجموع المواطنين الموحدي الولاء لدولتهم والمتساوين بالحقوق والواجبات أمام القانون. فالشعب ليس مجموعة فئات وليس مجموعات، كل واحدة تضع فيتو على المجموعة الأخرى، لبنان وطن الرسالة ليس بالفيتو المتبادل”.
وإذ لفت الى أن “الجامعة الوطنية تعرفنا على كل ما هو مشترك بين اللبنانيين على المستويات الاجتماعية والمعيشية”، توجه الى كل من يهاجم الجامعة اللبنانية قائلا: “نحن الذين ضبطنا الانفاق ونحن الذين نعرف كيف نرشد الانفاق لأننا نريد حماية الجامعة ونحمي من خلالها لبنان، ونحن تحت رقابة ديوان المحاسبة والتفتيش المالي الموجود في الجامعة منذ سنوات طويلة”.
وقال: “نريد لرجال القانون أن يكونوا قانونيين ولرجال السياسة أن يكونوا قادة مصلحين، ونريد للعلماء أن يكونوا ملتزمين بوطنهم وشعبهم وبالقضايا الكبرى”.
وختم السيد حسين سائلا: “ما هي نتائج اضعاف الجامعة أو الغاء دورها، فنحن لا نقبل من المواطن اللبناني ألا يعرف دور الجامعة اللبنانية”.
تلا ذلك حوار مع الحضور.