الأب جورج كرباج … “سفر أناشيدي”

بقلم: الأب كميل مبارك

بدأت بقراءة كتابك يا أبتي فخِلتُني في زمن تجاوز مفهوم الزَّمن وترداد البواكير والعشايا، فلا الثواني تُحسبُ فيه ولا الدّهور وفي مكان عُلِّقت فيه الحدود والمساحات وامتزجت pere-camille-1الابعادُ والاتجاهات، كأنَّ الأرض فسحةٌ بلا أثقال، ابتلعَت منها السماء كلّ مفاعيل التراب، وأسقط منها وهج العرفان كلّ حواجز الجهل وجدران الانقطاع، وبات الاتصالُ عيشًا مباشرًا وحضورًا دائمًا؛

وكمثل ما يخترق الشعاع غياهب الظلمات، ملأ نور الحقِّ عقلي وقلبي وخلب إدراكي وإرادتي فتلمست الطريق، وأعدت النظر في قيم الحق والخير والجمال، واستعدت كلَّ تعاليم النَّاموس والوصايا، واضعًا كلّ المقاييس في ميزان المحبّة تحت ومجهر النعمة، وأدركت، كمن يعود من طريق التيه ويستفيقُ من غفلة الجهالة، أنَّ هذا الانسان الذي هو نحن، ما كان، ليبقى في ضبابيَّة المادة وتردُّدها وفنائها، بل كان ليستمرّ في شركة الحياة مع الله في عالم الروح والحق الذي لا يعرف النهايات. فسكنتُ وسكتُ وتأملتُ واعتبرتُ ولمستُ وعاينتُ وشعرتُ، كم أن هذا عالم في حاجة الى معرفة الحقّ، للتخلّص من أثقال وميول وانحرافات وترابيات ومحدودية ودونيّة تنتهي كلّها في الموت والفناء، لنصل الى عالم الروح وما فيه من إطلاق ورفعة واستقامة وسلام وخلاص.

قرأت كتابك واخترت من بين جواهره جوهرة واحدة هي “طريق النجاح”. فرأيتك واضعًا لها وصاياها العشر. فأدركت أنَّ طريق النجاح مرصوفة بمبادئ اذا اعتمدناها وصلنا الى مبتغانا.

أولها
ثقتك بنفسك.

ثانيها
يجب أن تختار جيدًا أصدقاءك
فالصداقة هي كالحياة لا يُغامر بها ولا يُقامر
وابتعد عن الذين وجوههم كـ”ورقة النعوة” وأناشيدهم كنُعاب الغراب.

ثالثها
يجب أن تعرف كيف تختار الوقت المناسب
وحدد المكان الذي تنطلق منه والمكان الذي تريد ان تبلغه.

رابعها
إيّاك والسبل الملتوية، فمن المستحيل أن توصلك إلى حيث تريد
وإذا فاوضت فلا تخرج عن الثوابت التالية: حريتك، كرامتك، العدالة.

خامسها
إيّاك واليأس
وإياك ان تعتبر ذاتك أكثر ذكاءً وأكثر شجاعة وأكثر قوة من غيرك.

سادسها
كي تنجح ابتعد عن الارتجال
وتمهّل كي تستطيع أن تسيطر على ذاتك وعلى تسرّعك وعلى نفاذ صبرك.

تأكد من خطواتك
وأُنصت إلى دقات قلبك فتتعلم الصبر
ولا تستعجل حصول الآتي، ولا تتسرع لئلا تندم.

سابعها
كن شجاعًا واخترق ما لا يُمكن اختراقه
فإن الافكار الجامدة والعاداث الثقيلة والتقاليد البالية ستسقط و تتهاوى وتتلاشى،
لأن الديناميكية انطلقت تحمل معها التجدد المفتقر إلى مساحات واسعة،
إلى فضاء أفاقه غير مغلقة ولا محدودة.

ثامنها
لا تكن فريسة التردد أو ضحية الشجاعة في غير موضعها، وإياك والتردد القاتل.

تاسعها
عندما تقلقك الغيوم السوداء
حدّق حدّق جيدًا بقوة نحو الأعالي فتنطفئ البروق بغتة
قد لا تخلو طريق من صعوبات ومشقّات ومفاجآت ومغامرات وأخطار
ليست الطرق دومًا كما نتمنى أن تكون.

عاشرها
ابتعد عن العروض المغرية
وامتنع عن التراجع بضعف والرضوخ بمرارة.

سلِمت يداك ولمثلها من الوزنات… والسلام.

*******

ألقيت في الندوة حول كتاب “سفر أناشيدي” للأب جورج كرباج بدعوة من رئيس لجنة مهرجانات نيحا-البقاع الدولية وأعضائها على مسرح بلدية الجديدة-المتن وشارك فيها العميدة هدى مبارك، الدكتور يوسف كمال الحاج، الرئيس غالب غانم، أدار الندوة الشاعر ريمون شبلي.

اترك رد