بقلم: الدكتور انطوان نجيم
مقدمة
بعد قراءة “لبنان الطوائف في دولة ما بعد الطائف إشكاليات التعايش والسيادة وأدوار الخارج” ترسّخت قناعتي بأمرين: أولاً ما يتمتّع به هذا الكتاب من مستوى علمي رفيع وتحليل عقلانيّ معمّق وتعبير موفّق عن حقائقَ مثبتة بالحجّة والقرائن الدامغة، وثانياً ما يُستَشفّ في طيّات الكتاب من نظرة للمؤلِف ثاقبة صائبة، ومزايا علمية فارقة بين المتعاطين في شؤون التأريخ ومطبّاته في لبنان. وعليه، تتناول هذه المداخلة مسألتين: خصوصية المضمون وخصوصية الكاتب.
I- مضمون الكتاب
-العنوان وأبعاده
فرادة العنوان الذي بين أيدينا أنه يكاد أن يقول بلبنانات على عدد الطوائف؛ وإذا توخّينا المزيد من الدقّة والواقعية، لقلنا: لبنان واحد نظريّاً؛ لكنّ بنيته، في الواقع ، تعدّديّة تضمّ مجموعة من الطوائف ؛ ما يثير أكثر من إشكالية على صعيد التعايش في ما بينها، وأكثر من تصوّر لمفهوم سيادة الوطن؛ والأخطر من كلّ ذلك إفساح هذه البنية عينها، بفعل تعدّديّتها واختلاف مفاهيم السيادة بين مكوّناتها، المجال لعلاقات مختلفة ومتباينة مع الخارج، سيّان أكان شقيقاً، أم صديقاً، أم فريقاً دينيّاً مماثلاً.
يحدّد الكاتب، في المقدّمة، مضمون كتابه بالقول : ” يعالج هذا الكتاب في أربعة فصول حالة التعايش الطوائفي في لبنان، وأزمة السيادة اللبنانية، وأدوار الخارج في مرحلة ما بعد “اتفاق الطائف”.
• محتويات الفصول
• الفصل الأول
يحمل الفصل الأول عنوان: “لبنان: الطريق المسدود إلى الدولة الحديثة: إعادة قراءة مستجدّات الطائفية السياسية/المذهبية والمجتمعية”، يناقش فرضية، مفادها “أن الطائفية السياسية ليست سمة تاريخ لبنان، وأن الطائفية المجتمعية وُجدت قبلها، لكنهما بدأتا، على الأقلّ بعد العام 1843، تتغذّيان احداهما من الأخرى وتسيران جنباً إلى جنب.” كما يعالج مقولات منتشرة بين اللبنانيين. منها على سبيل المثال، “مقولة “العيش المشترك” التي جرى الترويج لها – تكاذباً – بعد “اتفاق الطائف”، والكلام للمؤلِف الذي يعمد إلى مقارنة “التعايش الطوائفي قبل الاتفاق (1920-1989) وما شابه من مشكلات، مع ما استجدّ بعد “الطائف”، انطلاقاً من مقولة خاطئة مُفادها أن المجتمع اللبناني هو مجتمع مندمج وغير تعدّدي، ليخلص إلى أن لبنان لا يزال يراوح مكانه – كما قبل الطائف – ما بين حدّيْ النزاع والوفاق.”
• الفصل الثاني
أمّا الفصل الثاني فيعالج موضوعاً بالغ الأهمية. حسبنا التأمل في عنوانه: ” سورية في لبنان: مكامن القوة ومآزق السياسة: من اتفاق الطائف إلى القرار 1595″. لا يتوانى عبد الرؤوف سنّو عن إظهار ما كانت عليه أهداف سورية في لبنان، من إمساك بالمؤسسات الدستورية وبالقوى السياسية وبالطوائف، إلى تعزيز الخلافات بين اللبنانيين، فإنجاز الهيمنة الأمنية والسياسية عليه والاستفادة القصوى منها من أجل تحقيق مكاسب مادية وفق سياسة النهب ومصّ الاقتصاد.
• الفصل الثالث
ويعالج الفصل الثالث ” الحرب الاسرائيلية على لبنان 2006: صراع محلّي بأبعاد إقليمية ودولية: من خلفياتها… إلى نتائجها وتداعياتها”، في سياق الصراع بين المحور الأميركي-الإسرائيلي، الذي رفع مقولة القضاء على “الإرهاب” ونشر الديمقراطية في الشرق الأوسط (الفوضى البنّاءة)، وبين المحور الإيراني-السوري الذي ناهض الأميركيين والإسرائيليين بمقولة “الممانعة”، والذي امتدّ نفوذه من ايران إلى لبنان، محتضناً “حزب الله” ومنظّمات جهادية فلسطينية (القوس الشيعي)”.
• الفصل الرابع
أمّا الفصل الرابع فيرصد تحت عنوان “لبنان الطوائف في دوّامة الجيو- سياسة الإقليمية : قدره أم خياره 1990-2011″، إذا ما كان استجلاب الخارج والاستقواء به، أو حتى الارتهان له، خياراً لبنانياً أو قدراً؛ ويعزو ذلك إلى” نتيجة الطائفية السياسية والانقسام المجتمعي، وعدم وجود دولة قوية تتصدّى لما يُخطَط له إقليمياً.” من هذا المنطلق، لا يجد سنّو حرجاً في الحديث عن توافق إسرائيلي- سوري على لبنان قبل الطائف وبعده، فضلاً عن صراع إرادات بين الفريقين أحياناً وبروز إيران كلاعب إقليمي مهمّ في المنطقة، يمتدّ نفوذه إلى لبنان وفلسطين عبر حزب الله ومنظّمتيْ حماس والجهاد الإسلامي”.
• إشكاليات الكتاب
يخلص عبد الرؤوف سنّو في تقديم كتابه ومحتويات فصوله إلى إشكاليات مركزية ثلاث:
• الإشكالية الأولى هي “التعايش الطوائفي الذي يدّعي اللبنانيون أنهم يعيشونه بكل جدارة” بينما يُضعف عيشهم وممارساتهم الواقعية تضامنهم فتُغيَّب مواطنتهم.
• الإشكالية الثانية تكمن في السيادة التي اعتقدت الدولة اللبنانية انها استعادتها بموجب “اتّفاق الطائف” بينما تمنعها عوامل فعلية من ممارستها وصناعة قرارها بنفسها.
• الإشكالية الثالثة تتجلّى في “التشابك بين نزاعات الداخل اللبناني وتدخّلات الخارج، بفعل الجيو- سياسة الإقليمية والنظام الطائفي السياسي المجتمعي.” فاللبنانيون يتطلّعون إلى الخارج ويتصرّفون كأتباع لهذا الطرف أو ذاك من الأطراف الخارجية.
• الفرضيات الأساسية
ثم لا يتوانى سنّو عن إبراز ثلاث فرضيات خطيرة من المجدي التوقّف عندها والتأمّل فيها:
• الفرضية الأولى تقول بأن “لبنان لا يستطيع الانتقال إلى مصاف الدول الحديثة في ظلّ نظام طائفي سياسي يفرّق ولا يجمع، وطائفية تتغذّى منه ، أو يتغذّى منها. ذلك أن “بوابة الدخول في الدولة الحديثة هو قيام نظام مدني، أو علماني بعيد عن الطائفية أو المذهبية”.
• الفرضية الثانية تقول بأن “موقع لبنان الجغرافي في مهبّ الجيو- سياسة الإقليمية والدولية هو قدره. لكن تطلّع اللبنانيين على الدوام إلى الخارج واستجلابهم إيّاه إلى الداخل ، بسبب صراعاتهم واستقواء بعضهم على الآخر، كان خياراً بملء إرادتهم”.
• الفرضية الثالثة هي “وصول “الديمقراطية التوافقية” إلى طريق مسدود، وعدم صلاحية “ديمقراطية الأكثرية” بمفهومها الإسلامي ، ولا الفدرالية بمفهومها المسيحي، كحلّ لأزمات لبنان، في ضوء الثقافة الطائفية السياسية، والحالة المجتمعية، والانتشار الطوائفي وافتقاد المشاعر الوطنية”.
– II صفات المؤلف ومنهجيته العلمية
قد يعترض بعضهم على استنتاجات عبد الرؤوف سنّو. إلاّ أن الاعتراض سرعان ما يزول عندما يتأمل المعترض في كيفية وصوله إلى هذه الاستنتاجات، تحديداً في المنهجية التي استخدمها لهذه الغاية، واستطراداً في ميزاته العلميّة .
1. منهجية علمية
هذا الكتاب عمارة محكمة البنيان؛ منهجيته علمية متينة، تتسم بالمنحى العقلاني، مشفوعة بالوثائق مثبتة بالقرائن. مصادر عبد الرؤوف سنّو ومراجعه عديدة ومتنوّعة. وكلّها تخضع للنقد العقلاني. لئن بدت استنتاجاته ذاتية بسبب جدّتها وجرأتها، فهي تقارب الواقع والحقيقة، من حيث تدفّق البراهين وترابط الحجج الهادفة إلى إثباتها.
لا يضيره الحديث ببرادة أعصاب وعقلانية عن : “فرض سورية هيمنتها على لبنان ومؤسساته في مناخ عربي ودولي ملائمَين.” ويتابع محلّلاً: ” كما استفاد النظام السوري من “معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق ” (أيار 1991) مع لبنان”؛ وتقوده صراحته وجرأته وواقعيته إلى الكشف عن أن هذه المعاهدة جعلت لبنان يدور في فلك سوريا، وعن الذريعة التي ما فتئ النظام السوري يلجأ إليها، ومفادها أن “الجيش السوري هو الوحيد الذي يضمن الأمن والسلم الأهلي في البلاد لمنع الانزلاق إلى حرب جديدة”.
في السياق عينه، يشير سنّو إلى أن سورية قد أبقت “على أسلحة “حزب الله” وتنظيمات فلسطينية أخرى بشكل مخالف لاتفاق الطائف”. أما استراتيجية النظام السوري فكانت “الإبقاء على جبهة الجنوب مع إسرائيل مشتعلة عبر مقاومة “حزب الله”. والهدف لم يكن خدمة المصالح اللبنانية؛ بل خدمة مصالح النظام السوري وأهدافه الإقليمية. بالطبع، “كان لهذا القرار أبعاد على السلم الأهلي اللبناني وعلى وضع لبنان في محيطه الجيو-سياسي”
• في إطار مماثل، يكشف سنّو كيف دخلت إيران بقوّة على الوضع اللبناني الداخلي، “عبر دعم “حزب الله” ماديّاً وعسكريّاً، ورفع شعارات تحرير القدس والقضاء على اسرائيل”. ولا يقف عند هذا الحدّ، بل يكشف أن الأمر جعل “لبنان لا يدخل في صلب الصراع العربي – الإسرائيلي فحسب، بل أيضاً في استراتيجية إيران في المنطقة التي ارتبطت بملفّها النووي وصراعها مع الغرب”.
ب – صفات المؤلف العلمية
تبيّن لي بعد قراءة هذا المؤلَف الغنيّ بما يبرز فيه من منهجيّة وما يقدّمه من معلومات جديدة ومكثّفة، أنه تعبير بليغ عن صفات علمية في شخصيّة المؤلّف: أولها بحثه الدؤوب عن الحقيقة وتعبيره الجريء الصادق عنها.
• 1- مقاربة الحقيقة بموضوعية
من صفات الدكتور سنّو اللافتة في هذا الكتاب الشجاعة في مقاربة الحقيقة كما هي، لا كما يتمنّاها أن تكون، ولا كما تتمنّاها طائفته أو يحبّذها قرّاؤه انفسهم، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية.
أورد، على سبيل المثال، ما سبق وأشرت إليه في تحديد المؤلِف موضوع الفصل الثاني بقوله: ” يلقي الضوء على آليّات عمل النظام السوري في لبنان وممارساته طوال فترة احتلاله له… ولا يكتفي سنّو بهذا الحدّ، بل يضيف: ” لكن ممارساته الشائنة بدأت ترتدّ عليه منذ انسحاب إسرائيل من الجنوب في العام 2000، إذ شجّع تحرير الجنوب على ظهور مقاومة مسيحيّة “متخمّرة” وناقمة على الوجود السوري، لحق بها المسلمون بخجل وتدريجاً” أنْ يرد هذا القولُ على لسان مؤرّخ سنّي لإقدام على تسمية الأمور بأسمائها. انه اتهام صريح للسوريين دونما أيّ تبرير أو تخفيف أو مواربة، كما هو اعتراف جريء للمسيحيّين بمقاومة رائدة ما لبثت أن استمالت المسلمين وإنْ بخجل وعلى مهل. لا أدري لماذا خطر على بالي عندما كنت أقرأ هذه الأفكار، أمثال عامّة دارجة في العربية والفرنسية: “الأعور أعور بعينه”؛ وتذكّرت قولاً لفكتور هيغو (Victor Hugo) :
” J’ai nommé le cochon par son nom; pourquoi pas? دعوت الخنزير خنزيراً؛ لمَ لا”
هذا التلازم، عفويّاً كان أم إراديّاً، معبّر بحدّ ذاته. هو نمط تسمية الأشياء بأسمائها دونما مواربة ولا لفّ ولا دوران. حسبي التذكير بأن تحليلات كهذه كانت شبه محرّمة (des tabous). ومن تخطر على باله ويريد الإفصاح عنها، كان عليه أن يهمس بها سرّاً لئلاّ تشيَ به آذان الجدران.
لا يسعني إلاّ الانحناء احتراماً أمام هذه المعالجة الجريئة. لا يزعجه الحديث عن “سوء تطبيق “اتفاق الطائف” وتأثيره في العلاقات المجتمعية وفي التعايش بين الطوائف، من ناحية استهداف المسيحيين، وخرق الدستور والقوانين، وفشل عَلمنته الأحوال الشخصية، وتعزيز التعليم الطائفي والإعلام والعمل النقابي والحزبي، وثقافة الخوف من “الآخر” و”تخويف الآخر” وتغذية الأحقاد بين أبنائه، في ظلّ الاحتلال السوري، ما غيّب فكرة الوطن …”
• 2- تجرّد العالم وغوصه إلى الأعماق
هذه الجرأة ليست بالأمر السهل والطبيعي ولا تقتصر على قول الحقائق الخارجية فحسب؛ فالنظرة الجديدة لمجريات الأمور تبدأ من الداخل، وتفترض انتصاراً على الذات الفردية والجماعية، ومندرجات الأقوال والآراء الرائجة في كل منطقة بما يتناسب وإسقاطاتها التاريخية، سواء أكانت مذهبية أم اجتماعية ثقافية. فضلاً عن ذلك، تتطلّب الشجاعة غوصاَ إلى الأعماق.
• 3- دقّة علمية فارقة
ينتج عن هذه الجرأة شغف بالدقّة والوقوف على تفاصيل يتحاشاها الكثيرون ويُعرضون عنها لما تنطوي عليه من خفايا وإحراجات وإشكاليات. حسبنا برهاناً على ذلك ما نقرأه عن التعايش والعيش المشترك والعيش الواحد، يقول: ” قبل الحرب في لبنان في العام 1975، وفي أثنائها، استعمل اللبنانيون مصطلح “التعايش” للدلالة على حالة من العلاقة المجتمعية الطائفية القائمة على مفهومَيْ الوفاق والنزاع. وبعد عودة السلام إلى لبنان في العام 1990، أخذوا يستعملون بكثرة مصطلح “العيش المشترك” للدلالة على الرغبة في بناء مجتمع متلاحم. وفي العقد الأخير، بدأ مصطلح “العيش الواحد” يظهر في الأدبيات السياسية للتدليل على حالة انصهار وطني متقدّمة على “العيش المشترك”. وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن الحديث، علميّاً وعمليّاً، عن نجاح المنظومتين الأخيرتين (العيش المشترك والعيش الواحد)، ذلك أن ثمّة فرقاً جليّاً بينهما أو بين إطلاق العبارات المطمئنة حولهما، وبين الواقع المعاش على الأرض، وذلك عبر الممارسات والسياسات التي تدلّ على الطائفية السياسية والطائفية المجتمعية، وعلى النفاق السياسي والتكاذب الاجتماعي”.
• 4- الجمع بين قول الحقيقة واحترام الإنسان
قد يكون لعبد الرؤوف سنّو مشاعر شخصيّة وأهواء؛ لكنه كما سبق وقلنا يتجرّد عنها لمقاربة الحقيقة كما هي. ومن ثَمّ يعرض المواقف منها بدقّة واحترام لأنصار كل موقف أيّاً كان رأيه الخاصّ بهم، حتّى وإن خالفهم الرأي. يجمع الآراء المتعدّدة ويعرضها كما لو كان مطلقها. بيد أنه لا يتورّع عن نقدها وإبداء رأيه الخاصّ فيها مقترحاً حلولاً تتلاءم مع قناعاته العلمانية المعلنة دونما مواربة أو مراوغة. لا يهادن أحداً؛ نقده تحليليّ معلّل، دقيق على تنوّع في التفاصيل.
III الخلاصة
في الخلاصة، لا يسعني إلا أن أعرب عن تقديري لطرح الدكتور سنّو العلماني الموضوعي والمتجرّد. قد يعترض البعض متوهّماً أن سنّو يغالي في تخصيص طائفته بقدر من المسؤولية في إفشال قيام الدولة؛ لكننا نتناسى أن جميع الطوائف، بدون استثناء، لم تقصّر في الحؤول دون قيام الدولة كدولة. كلّنا أخطأنا ولا نزال بإعاقتها عن أداء مهامّها الأساسية. كلمة حقّ أودّ قولها: لا يزعجني، أنا الماروني الملتزم بمارونيتي ومقتضياتها، كيفية معالجته الموضوع. أوافقه الرأي “أن لبنان لا يستطيع الانتقال إلى مصاف الدول الحديثة […] من دون اعتماد نظام مدني أوعلماني”. إلاّ أن العلمانية التي قد تحمل حلولاً لمشاكلنا المستعصية، من الواجب أن تكون شاملة فيأخذ بها جميع المواطنين بلا استثناء ولا يتوسّلها بعضهم كمجرّد وسيلة مموّهة للوصول إلى تغليب مصالحهم الطائفية الخاصّة. لا يتوخّى عبد الرؤوف سنّو في طرحه المواربة لتغليب طائفته أو جماعته على غيرها. لئن نادى بعلمانية، فهي صادقة شاملة تحترم حقوق المواطنين، كلّ المواطنين، فيما كلّ واحد منهم إنسان؛ ويعتبر المواطنة على هذا الأساس. وأخيراً أختم بما يختم به عبد الرؤوف سنّو كتابه: “لا ريب في أنه لن يترسّخ أيّ حلّ للأزمة في لبنان، … ما لم يُحدّد اللبنانيون خيارهم الوطني، ومصالحهم الوطنية، وما لم يجدوا بأنفسهم حلولاً لبنانية لمشكلاتهم، بدءاً من بناء دولة مدنية ديمقراطية قابلة للحياة، تضمن الحرية السياسية، والعدالة الاجتماعية… على اللبنانيين أن يعوا إنّ الخارج الذي يهَب المالَ والسلاح والدعم السياسي والمعنوي، ليس جمعية خيرية أو إنسانية، بل دُولٌ تنطلق من مصالح وحسابات خاصة ليست في مصلحة لبنان في غالب الأحيان.” وأضيف أن معيار المواطنة هو الولاء لمصلحة لبنان لأنها فوق كل مصلحة، بل فيها الضمانة لمصالح جميع أبنائه.
*********
(*) ألقيت في الندوة حول كتاب الدكتور عبد الرؤوف سنو “لبنان الطوائف في دولة ما بعد الطائف إشكاليات التعايش والسيادة وأدوار الخارج” في جامعة الروح القدس- الكسليك