بقلم: الصحافي جورج شاهين
بعد كتابه “حرب لبنان 1975-1990” الصادر عام 2008ن أطل علينا المؤرخ الدكتور عبد الرؤوف سنو بكتابه الجديد “لبنان الطوائف”، الذي يستكمل البحث في المرحلة التاريخية بعد اتفاق الطائف حتى سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري.
تناول الباحث في أربعة فصول (533 صفحة) حال التعايش الطائفي بشقيه السياسي والمجتمعي وأزمة السيادة اللبنانية بفعل الاحتلال السوري للبنان واغتيال الرئيس الحريري والحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 وتداعياتها، وأخيراً وقوع الطوائف اللبنانية في دوامة الجيوسياسية.
بعد شرح نظري للمصطلحات والمفاهيم يخلص سنو في الفصل الأول “لبنان الطريق المسدود” إلى الدولة الحديثة، إعادة قراءة لمستجدات الطائفية السياسية والمجتمعية” إلى أن الأخيرة سبقت الطائفية السياسية، لكنهمل تلازمتا منذ إنشاء المتصرفية. وبسبب سوء تطبيق اتفاق الطائف وخرق الدستور والقوانين على وقع الاحتلال السوري للبلاد، تأثر التعايش الطائفي سلباً، وانعكس على تفاصيل الحياة المجتمعية من ثقافة رفض “الآخر”، وعلى الزواج المختلط والمدني والتربية والتعليم والاقتصاد، وعلى الإعلام والأحزاب والجمعيات والنوادي الرياضية والنقابات.
ورأى الباحث أن لبنان سيتحرّك مستقبلاً نحو خيارات ثلاثة: الإبقاء على النظام الطائفي مع توقع توترات سياسية ومجتمعية وحروب كل عقد أو عقدين، أو التحوّل إلى الفدرالية التي قد تؤدي في حال فشلها إلى تفتت لبنان وتقسيمه. ورأى أن “الحل الأصعب هو في قيام دولة مدنيّة تحوّل اللبنانيين إلى مواطنين و”تبرّد” الطائفية المجتمعية.
وفي الفصل الثاني “سوريا في لبنان: مكامن القوة ومأزق السياسة”، يلقي سنو الضوء على طريقة إمساك سوريا بالدولة وبقرارها والتلاعب بالطوائف ونهب الاقتصاد، إضافة إلى تحرير جنوب لبنان والتمديد للرئيس لحود ثم اغتيال الحريري. كلها عوامل أسست لقيام معارضة مسيحية ضد السوري، وخروج المسلمين آخر الأمر عن صمتهم التقليدي.
ويتناول سنو في الفصل الثالث “الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006″، ويرى أنها “أتت في سياق قيام محورين: الأول من الولايات المتحدة وإسرائيل، والثاني محور “الممانعة”: إيران- سوريا- حركات المقاومة في المنطقة”، وبيّن الباحث أن غيران وسوريا حرضتا “الكماشة الفدائية” و”حماس” و”حزب الله” على خطف جنود إسرائيليين: الأولى من أجل تخفيف الضغط الدولي عليها في موضوع ملفها النووي، والثانية للخروج من عزلتها عقب انسحابها من لبنان. وبنتيجة القرار 1701، حققت إسرائيل هدفاً رئيساً، هو إبعاد “حزب الله” عن حدودها ونشر “اليونفيل” والجيش اللبناني في جنوبي الليطاني، وانكفاء الحزب إلى الداخل اللبناني.
وفي الفصل الرابع والأخير “لبنان الطوائف في دوامة الجيوسياسية الإقليمية” كشف الباحث أن تطلّع اللبنانيين نحو الخارج كان خيارأً. فهم مختلفون حول “المحكمة الدولية الخاصة بلبنان” ويتسابقون بفعل عصبياتهم للارتماء في أحضان الخارج، وجعل بلدهم ساحة نزاع. وبذلك، اضاعوا فرصة ذهبية لاستعادة دولتهم وسيادتها بعد الانسحاب السوري. واعتبر سنو أن الرهان على “السين سين” أو على أي “سين سين” أخرى، هو دليل على أن فئة من اللبنانيين تمتثل لمشيئة سورية-غيرانية، وفئة أخرى تقبل بما تقبل بعه السعودية، ومعنى ذلك أن لبنان قاصر وعاجز عن إدارة شؤونه بنفسه.
(*) جريدة الجمهورية
********
تنظم كلية الآداب في جامعة الروح القدس- الكسليك ندوة حول كتاب الدكتور عبد الرؤوف سنو “لبنان الطوائف في دولة ما بعد الطائف إشكاليات التعايش والسيادة وأدوار الخارج”، الخامسة والنصف مساء الأربعاء 28 مايو، في قاعة المؤتمرات- حرم الجامعة الرئيسي.
يشارك في الندوة: السفير عبدالله بو حبيب، الدكتور طانيوس نجيم، الأب كرم رزق، الدكتور عبدالرؤوف سنو. يلي الندوة توقيع الكتاب ونخب المناسبة.