بقلم: الشاعر حبيب يونس
نزلَ الشَّارعُ صباحًا إلَى المدينةِ،
فَلمْ يجدْ مكانًا لَهُ.
كانَتْ هُمومُ النَّاسِ سبقَتْهُ إِليْهَا، وَهوَ نائمٌ ملتفٌّ بِالظَّلامِ وَبِبضعةِ أنوارٍ،
منْ أعمدةِ كهرباءٍ وَلافتاتِ محالَّ
وَمصابيحِ شرفاتٍ وَأضواءِ سيَّاراتٍ،
مُثقَلٌ بِمتاعبِ اليومِ السَّابقِ
وَوقْعِ الخُطَى وَهديرِ المركباتِ، متشوِّقٌ إلَى رتابةٍ
تزيدُ وجهَهُ سوادًا وَعرَقًا. توجَّهَ الشَّارعُ إلَى ربِّ عملِهِ يَشكُو إِليْهِ همَّهُ!
فَجعلَهُ علَى رصيفٍ،
يُقيمُ عليْهِ باعةٌ،
وَيعبرُهُ عاطلُونَ منْ عملٍ،
وَمتسارعُونَ إلَى عملٍ،
وَيستوطنُهُ متسكِّعُونَ. إنتظرَ الشَّارعُ قربَ إِشارةِ مرورٍ،
لعلَّ الهمومَ تأتمرُ بِضوئِهَا وَتمرُّ.
لكنَّ الإشارةَ اعتنقَتِ اللَّونَ الأحمرَ،
ربَّما لِأنَّ الهمومَ متجذرِّةٌ فِي الأرضِ.
مشَى الشَّارعُ متأبِّطًا همَّهُ، هوَ أيضًا،
وَهامَ علَى وجهِهِ،
يُعزِّيْهِ أنَّ لَهُ رفاقَ دربٍ كُثُرًا!
*****
من ديوان” عكاز للسماء”