“النشيد الأولمبي” للروائي السوري راهيم حساوي قريبًا عن “نوفل”

 

 

تصدر قريبا عن دار نوفل / هاشيت أنطوان رواية “النشيد الأولمبي” للروائي السوري راهيم حساوي. فيها يعرّي الروائي الوجوه التي تتآكل بفضل الضجر والوحدة في مدن أصبحت بحجم بيت. وفيها ينبت الحب أزهارًا، لكنّه أيضًا يفجّر الأوجاع الكامنة في قلب حامله.

 

هذا ما حدث بين علياء ابنة اللاذقية ولوكاس الضابط الروسي الذي أصبح طياراً إثر حادثة شديدة التعقيد وقعت له في طفولته بسبب أمه وعشيقها في موسكو .وبقيت هذه الحادثة تؤرقه إلى أن وجد من تجعله يرى الحياة من على الارض وليس من خلال طائرته الحربية التي كان ينطلق بها من مطار قاعدة حميميم الجوية .

وكذلك علياء تقع بحب لوكاس بعد انتحار اخيها الذي رفض المشاركة في الحرب، وموت أمها قهراً عليه، وأوجاع أبيها الذي سافر الى أختها في دبي كي يشفى من الاكتئاب الذي وقع على إثر كل ما حدث للبلاد ، لتبقى علياء وحيدة تجابه الحياة بالكتمان .

تتابع الحياة مسيرتها بأشرارها وأخيارها وأفخاخها، ويفشل بديع في المعهد العالي للفنون المسرحية بسبب عضوٍ في لجنة الحكم، لكنّه لا يفقد شغفه بالمسرح، وتعوّضه الحياة بسوسن وحبّها.

بينما يواصل الملازم صفوان هوسه بالشرّ ولذة مقتل ريحانة وحسرة أبيها عليها، وترويع بديع في كل موقف يصادفه به .

في روايته “النشيد الأولمبي”، استطاع الكاتب راهيم حساوي أن يسلط الضوء على هؤلاء جميعًا بكل ما فيهم من خيبات وقهر وحب، وأمل يتعلق به كل واحد منهم على طريقته، كما قام والد ريحانة بوضع شتلة ريحان على نافذة الكشك الذي يعمل به على كورنيش الدائري الجنوبي المحاذي للبحر .

ثمة مفاهيم فلسفية تتخلل الرواية، وحبكة روائية منسجمة مع التفاصيل المتداخلة، ومع عنوان الرواية الذي يحمل بين طياته ما أراد الكاتب منه .

وجاء في الرواية:

في أحد أحياء مدينة اللاذقيّة الواقعة على الساحل السوري، تعيش علياء التي بلغت التاسعة والعشرين من عمرها، حاصلة على شهادة الأدب الإنكليزي من «جامعة تشرين»، لها وجهٌ وديع بعينين كأنّهما زجاجتان شفّافتان بنصف ماءٍ ووردتين، وشعرٌ أسود طويل مموّج، ونهدان يحثّان هواة الفنّ على رسمهما في الهواء بإصبع الإبهام. تعجبها الحالة البشريّة التي تسري في عروقها، وثمّة حالةٌ من الألفة لتلك الأخطاء التي ترتكبها بين الحين والآخر. تكره الكمال، وتدين المخطّطات التي يسير عليها البعض لتحقيق أهدافهم الكبيرة، فهي تتحرّك ببطءٍ يمنحها شعورًا عارمًا بالحرّية. حتى عندما تمارس رياضة الركض الصباحي على الكورنيش البحري، ترى الوجود مسترخيًا، وحتّى لو كانت مسرعة، فهي تتعاطى مع العالم كما لو أنّه قُبلةٌ بطيئة ما بين السماء والأرض. هي التي تتذكّر كيف أصابها جرحٌ صغير في يدها عندما كانت صغيرة، وراحت تراقبه، حينها مدّت يدها نحو الشمس لترى كيف يتخثّر الدم على الجلد، وفي اليوم الثاني رأت هذا الدم اليابس مثل وجهها البريء الذي يخفي وراءه الكثير من الأشياء. أحبّت الطبيعة التي حدثت فوق ذلك الجرح، وفي اليوم الثالث راقبت القشرة اليابسة وهي تتشقق من تلقاء نفسها، كما لو أنّ ثمّة ولادةً جديدة على يدها، حتّى إنّ مفهوم مرور الوقت أعجبها، وهي في هذا العمر دومًا ترى أنّ مفهوم الزمن على علاقةٍ وطيدة باللغة، سواء كانت لغةً منطوقة، أو لغةً تدور ما بين المرء ونفسه، وهذا ما يجعل علياء تبدو جميلةً في عالمها الداخلي، حتى في لحظات انكسارها.

راهيم حساوي:

روائي سوري، مواليد 1980، مقيم في برلين، له العديد من الروايات. أشهرها رواية “الشاهدات رأساً على عقب” (2013). “النشيد الأولمبي” هي روايته الرابعة الصادرة عن دار نوفل، بعد “الباندا” (2017) التي أدرجت على القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب، و”ممر المشاة” (2020)، و”الكعب الأبهر” (2021).

 

اترك رد