في ذكرى ٤ آب الأليمة:
فستان أزرق هالبحر
تا تلبْسي وتتكبّري…
يا هالأميره الغاليه…
المن أوّل التاريخ كنتي…
وكيف رح تتغيّري؟
ومين قال حلوه هالمدُن؟
لا…متل خصرك ما التقى
وعا صدرك تنعشر قمر
والعطر عطر الزنبقه…
ومْلوك كانو يبعتو لعندك حرير وعاج…
تا تتمختري…
وتحت الشمس تتصوّري…
وقدّيش حلوين الصور!
ضحكه لكي يمكن رنين السيف
يمكن زقزقة عصفور
عا غْصون الشجر…
معقول يا بيروت هيك يصير
هيك دموع بيقصّو الحجر؟
هيك البيوت تهدّمو
وما عاد نعرف مين نحنا
وكيف صارت حالنا؟
وكيف انكسر
رمش اللي عمرو ما انكسر؟…
***
بحْكي أنا وحِيطان ما بتْسمع شو بدّي قُول. تا إشرح لها قدّيش رُوحي بقلب علبِه مسكَّره، والعتم عالأربع جهاتْ… مكتوب إسمي عالرمِل، لكنْ غمرْني الموج. صار الملح عا شفافي قصيدِه. صرت إغرق بالبِكي. وبنْت الأنا حبّيتها ما قدرت إبعتلا خبر… من بعد ما جْناح السنونو تْخزّق وما عاد ناوي عالسفَر… جرّبت وَدّي مع نسيم القنطَره. معْقول كلمه زغيَّره ما في أمَل تُوصَل لِها تا قلّها: بيروت يا غنيِّة الصبح الأنا غنّيتها… ضَلّي البِسي تيابْ الورد. يا حلم عَنّي بعيد، يا وعد اللي صرلو سْنين عم يسبَقْ وعد… يا عشتروت المن وقت ما شفتها حبّيتها، ولمّا افترقنا صرت ضايِع بالوِدا… وما ضلّ عندي قلب تا إعشق حَدا.
***
ملكة جمال الكون إنتي، وهون كانو عالرصيف الناس، عجقِة ساحة البرج… وعا مقعد بنت حلوه، ناطره شاعر كتبلا وقال: إنتي الروح، لولا هالعْيون السود، ما حبّيت وتمنّيت… ما كانت حياتي متل هالشط البعيد، ولا القمر قنديل فيّي علّقو قدّام بيتي… بسّ يا بيروت كان الصيف هالمرّه حزين كتير. كان الغيم أسود متل خيل الحرب. والدخّان برج المملكه… وتفرّقو العشّاق… مدري سافرو… مدري وقع بالليل عود الليلكي… وإنتي اللي كنتي تضحكي، ما ضلّ عندك سطح عالي، والحمام الأبيض اللي كان عالشبّاك، طار… وما بقا يرجع لكي… صيف المرق بتذكّرو… وبتذكّر البيت القديم اللي تركنا، والطريق الصار يغْرق بالبِكي.
***
من الليل فيكي تطْلعي، هلّق بعد ما الناس صارو يبْعتو لعندك رسايل مش حبْر، من أرجُوان، ومن حرير… كتير غالي كتير، بسّ بيلْبق لأحلى صبيّه. وبعْدهُن عم يعشَقوكي، ويسألو عنّك، بنت لبنان إنتي، من جَبل مارد، صهيل الريح ما بيخاف… شو لبنان إلاّ جْبينْ عالي ما انحنى ولا بينحني؟ هوّي الشمس، وحْقول فيها خير عا طول السنه… ولولا ما هوّي يكون ما كانت سما، ولا كان بحر… ولا سفينه محمله بالنور وصلت عالدِّني.
***
قومي يا بنت الشعر تا نغني سَوا. الخيّال ما بيوقاع من نسمة هوا. بكرا الشجر بيعود يضْحك عالبواب، بكرا القمر بيطل من خلف الضباب… ورجال فخر الدين رح بيعمّروا إلنا مدينة، وخيل يوسف بيك بدهن يطلعو حَور ودهب الكروم، من بعد الغياب. ومْراكب الكانو لنا رح يبعتو الحروف… حتّى يعلّمو الإنسان يكتب شعر، ويغنّي قصايد عالرباب.
***
العنوان يا بيروت نحنا منعرفو. ولو كان عنّا بيوت ببلاد البعيده. وما لنا عنوان متل العا الرصيف مشرّدين… صوره لكي بكتاب كلما منفتحو، منقول: يا حِلوه صباح الخير، ومنبعت لكي بخّور مريم من بْعيد وياسمين. ومنقول، مهما نْغيب… وتْطول السنين… إنتي لنا، ونحنا لكي… وعْروقنا بشْلوش أرز معلّقين.
———-
*د. جميل الدويهي: مشروع “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي – سيدني 2021