صدر حديثا عن دار الرافدين في بيروت وبغداد كتاب “الإبادة الجماعيّة في الشرق الأوسط” تأليف سعد سلوم.
تتصدى الدراسة لتحليل نموذجين نادرا ما تم تحليلهما في دراسات الإبادة الجماعية المعاصرة، وهما حالتي فلسطين والعراق، إذ تعالج حالة الإبادة الجماعية في فلسطين كمثال على الاستعمار الاستيطاني الذي ما تزال تأثيرات ما ارتكبه من تطهير عرقي ماثلة ومستمرة منذ النكبة عام 1948 وحتى اللحظة الراهنة. وفي الحالة الثانية قادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا ضد العراق 1990 وأعلنت عن نظام دولي جديد، اعقبتها 13 عاما من العقوبات الدولية المدمرة ضد المجتمع العراقي انتهت بغزوه عام 2003 على نحو أفصح عن طبيعة الاستعمار في انماطه الجديدة.
على الرغم من إستخدام مصطلحي “التطهير العرقي” و”الإبادة الجماعية” في توصيف الحالتين، فإن الدراسة ومن خلال نقد وتفكيك تعريف اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، والرجوع الى المفهوم الأصلي لمخترع مصطلح Genocide الفقيه البولندي “رفائيل لمكين”، تدعو إلى إعادة تقييم شاملة للأحداث غير المرئية أو المتجاهلة أو المنسية في الشرق الأوسط. وتشرع برسم مسار جديد لعلماء الاجتماع والسياسة والقانون للتفكير بمرونة من خلال مصطلحات جديدة تحلل نماذج التدمير المختلفة، مثل: إبادة المجتمع sociocide، وإبادة جماعية عن طريق الاستنزاف genocide by attrition، التي تصف السياسات والممارسات التي لا تسبب الموت الفوري، بل تؤدي إلى الموت البطيء والثابت للفرد وتدمير المجموعة، ومصطلح الإبادة بطيئة الحركة slow-motion genocide، من خلال أشكال خفية من العنف البنيوي الذي يقضي على المجموعة من خلال تدابير تدريجية.
وكذلك مصطلح الإبادة الباردة Cold Genocide من خلال استهداف ضروريات الحياة اليومية مثل العمل والسكن والتعليم والغذاء والخدمات الصحية أو حالات الاختفاء التدريجي.تقدم الدراسة اعترافاً بالديناميات والمعاني الجديدة في أفعال التدمير التي مورست في فلسطين والعراق، ورفضا لمحدودية المدرسة الكلاسيكية في تفسير الإبادة الجماعية، وتتماشى المصطلحات الجديدة التي تستخدمها مع نمط الإبادة الاستعمارية الاستيطانية الاسرائيلية في فلسطين التي استمرت لمدة تزيد على سبعة عقود، والإبادة الإستعمارية الجديدة الأمريكية في العراق التي استمرت لمدة تزيد على ثلاثة عقود.