الصحف الورقيّة لن تموت… ستبقى مصدرًا وثيقًا للأخبار والأحداث

 

 

  تحقيق – قاسم صفا

 

باتت الصحف الورقية ظاهرة نادرة بين يدي الباعة والقرّاء في مقاهي المدينة التي تضج اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي ويضيع معها المصدر المسؤول عن المعلومة لتعدد النشر والنسخ المبرمج.

ما اجمل فنجان القهوة مع تصفح الجريدة اليومية في قهوة الدقة ورصيف البحر وفي ساحة ميناء الصيادين وغيرهم من الاماكن الصورية العريقة  قبل التوجه الى هموم الحياة والعمل.

رئيس الحركة الثقافية في لبنان باسم عباس رأى ان “قراءة الجريدة اليوميّة مسألةٌ ملازمةٌ لي منذ أكثر من خمسٍ وأربعين سنةً، حروف الجريدة تحملني، بلونها المغسول بشلّالات الضوء ، إلى فضاءات حالمة . الجريدة والقهوة ووشوشات الموج في بحر صور ، أو مع نايات العصافير المبحوحة في الحديقة العامّة، حيث يبدو الرصيف متدحرجًا على خاصرة مدينة لا تنام، فكلّ نسمةٍ فيها إعصارٌ من حُبّ، أو فصول من انتعاش بعد ضجرٍ طويل. التكنولوجيا، رغم أهميّتها، سحقت أرواحنا، لا يمكن أن يكون ثمّة تآلف بين إيقاعنا الداخليّ النفسيّ وبين التكنولوجيا، لذا نصرّ على علاقتنا بالجريدة الورقيّة اليوميّة حيث تبدو علاقةً حميمةً وصادقةً وطازجةً، لكأنّ كلّ حرفٍ من حروفها وشْمٌ على جبين الصباح أو رشفةٌ من قهوة شمسٍ عامليّة .

دهيني

واعتبر الدكتور وهبي دهيني ( طبيب الفقراء) ان “الجريدة او الصحيفة لا تزال تلعب صفحاتها بين انامله يقلبها حسب المزاج من الصفحة الاولى حيث الاحداث الاساسية والتحليل السياسي ومع الانتقال من صفحة الى اخرى لا ينسى رشفة القهوة وشهقة السيجارة التي غالبا ما تنطفئ ولا يقطعه عن القراءة إلا مريض او مريضة.

هو يغرق في قراءة  موضوعاتها  ولا يتركها على طاولة المكتب الا ليصل الى صفحتها الاخيرة ويعود الى تصفحها بين الوقت والاخر  ليجد ما يلفت انتباهه مجددا.

الجريدة هي توأم روح الدكتور دهيني لعمر تجاوز عقودا وهي بالنسبة له ثقافة الدفاع عن  المعرفة التي طوتها الحياة الرقمية”.

بزون

ولفت المربي بسام بزون الى انه عندما يكون الحديث عن تمايز بين الصحافة الورقية و الصحافة الالكترونية خاصة، ما يهمنا نحن الذين عايشنا صحفا كثيرة  ليس اولها النهار وليس اخرها السفير، وما بينهما من مطبوعات عرفها جيلنا قبل أن يجف حبرها وتغفو، جيلنا الذي  استرسل في التنقيب بين حروفها متلذذا بنكهة الخبر على طعم القهوة الصباحية او على انغام  ترقرق الشاي في كوب الظهيرة.

وعندما يكون البحث عن اي من الوسائل  افضل و اكثر  قربا لا يمكن الجزم هنا بموقف موحد وحازم بعيدا عن مشاعرنا ومقارنة بأجيال أصغر، و ايضا بعيدا عن ملامسة الخبر نبض الحقيقة مهما كانت مرة او حلوة، فاليوم نرى أن الخبر الالكتروني  الذي يبدو طاغيا على وسائل التواصل و الصحافة الالكترونية عند جيل من الشباب الذين لا يريدون  التوغل بين الحروف و انما التلذذ بالإستماع أو القراءة على اجهزتهم  الذكية، لكنهم سرعان ما ينصدمون وننصدم معهم في كثير من المواقع  بأخبار إنما تهدف فقط لجذب الاعضاء لمواقع حتى على حساب المصداقية، وهذا اضافة الى عدم المهنية و الاختصاص لكثير من هواة رمي الاخبار والعودة و الاعتذار، وكثيرا ما يتركون لسواهم التمحيص وتبيان الحقائق، هذا كله في السيارة او على قارعة الطريق او او او، لكن الجريدة التي كثيرا كنا نطويها ونحملها كما الابن بين يدي والدي، نعود اليها مع قهوتنا لكي نستلذ بتلاوة  أخبارها  الذي لا ينتابنا ادنى شك في صدقيتها نظرا لمناقبية الصحافي وتقديره و أمانته وباعه الطويل في صياغة الخبر ونقله بكل ثقة، عدا عن أن للصحافة المكتوبة مكانة كما الجواهر في خزانتنا، نحفظها لنعود ننهل من صفحاتها خبرا من هنا، او قصة من هناك، وهنا لا بد من الاشارة الى ما كنا ننتظره من  جريدتي النهار و السفير حين كانتا  توزعان كتيبات رائعة إسبوعيا ولا زلت احتفظ بهم و اتنعم  بالمحتوى الذي  لا ينسى، للجريدة يا عزيزي وقع في ذاكرتنا  ينمو كما عشب الزين الذي يشق الارض صعودا مهما حاول الانسان إخفاءه، كذلك الجريدة  تناغي القلب كلما ذكرت فينمو عشق الورق الاسمر في القلوب وعند مكتباتنا كما عشق  الفقير لرغيف خبز اسمر على باب الفرن. ما بينهما يبقى عشق الجريدة عشقا ابديا لمن خبرها والفها”.

***

*الوكالة الوطنية للإعلام

اترك رد