كلمة د سحر حيدر في حفل توقيع ديوان “صدى الوجدان” (منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي) للشاعر شربل فرنسيس، السبت 13/ 1/ 2024- حرف أردة- زغرتا.
أحبتي أهل القلم والفكر والطيب
مساؤكم بخور يفوح من أرضٍ احتضنت بين حبات ترابها رفات، رفعت اسم لبنان فوق أديم السماء.
أرضٌ طُبعت فوق صخورها آثار أقدامِ قديسين عبروا من هنا وبقيت ذكراهم، أملًا تناثر في الأثير وطاف العالم بأسره.
مساء الدفء والوفاء والعطاء، وسكبُ فكرٍ شمالي استعار من الشمس خيوطها،
ألبس أرواحنا قمصانًا مطرزة بالحب، زاحمت الجمال في تألقه، ونسجت للقمر عباءةً من صدى الوجدان.
في رحلتي نحو سبر أغوار ذاك المغامر المتمرّس، استوقفتني ميزاتٌ وسمت كلماته بالشغف واللهفة والوطنية، ورحت اسأل نفسي المتعطشة إلى كل جديد، ماذا عساني أجد خلف تلك الأوراق المسطورة بدم القلب؟ وما عسى أناي تجد في بحرٍ متقلب الأمواج، تتأرجح فوق لججه، زوارق الوفاء والإنسانية وعزة النفس؟!
أن تكون أديبًا فهي مسألةٌ صعبةُ المنال غير مستحيلة. تعوزك أمورٌ بديهيةٌ، تنطلق من نعمةٍ من علاء، وتتغذى من صقلٍ مستدام، وجهود لا تكلّ ولا تملّ، أضف إلى ذلك رشات وجدٍ موسومٍ بالمعرفة والادراك لخفايا اللغة وجمالياتها.
وهي حال “المعلّم” شربل فرنسيس.
أما أن تكون شاعرًا فهو أمرٌ” يختارك: هبةٌ من الخالق لا ينتزعها منك أحد. ترافق خطواتك إلهاماتٌ خصّكَ بها ، من اصطفاك مرسلًا للكلمة، رسولًا للحب والأمان والفرح.
عنوانك الأول “حبٌ غير مشروط” واكليلك الدائم، حبٌ وانسحاقٌ في الآخر. وغلالتك شوقٌ شفيف وصدقٌ من دون إسفاف.
له ومعه، تذوب خلف اللاوعي، وتسلّم قلبك وعقلك وروحك وكلَّ احاسيسك لمن بيده مفاتيح الخير، فتحملك ملائكة الرأفة والرحمة والحبّ وتسبح معها في فضاءاتٍ لا حدود لها.
نعم، كذا هو حال الأستاذ، المربي، القدوة شربل فرنسيس الذي لم يكتب، بل حاكته قصائده، وعجنت حناياه، فانسكب البِشرُ فوق الورق، إشراقة أمل يعزف لحن القصيد ويسيجه بوريد القلب. فنسمعه يقول لمحبوبته، ص 12،
عزفتك لحن ع مطلع قصيدي، وبدنيا الشعر عنونتك رصيدي، ببحر الوزن سفرتك بزورق شراعو القلب، رسي ع شط سيجتو بوريدي.
شربل اسم على مسمى
طيبٌ ينفح صدقًا…
لم اتفاجأ حين سمحتُ لنفسي بالغوص والرحيل خلف كلماته، لا بل خلف صدى وجدانٍ مفعمٍ بالانسانية الحقّ.
تاقت نفسي إلى البحث عن تلك الكنوز المكنونة التي، إن تزيّنا بها، ارتفعنا عن الدنايا وسمونا معه.
نسيجكَ، أيها المغامر المحترف، بسيط على ارتقاء. يُلبس أرواحنا غلالات من سندسٍ وإستبرقٍ، يعلمنا لحن الإباء والعزة ويصوّب السّهام نحو سبيل الحقّ فنسمعه يقول ص 78 حول أجناس البشر، التي تختلف بحسب أخلاقها وتربيتها
ناس جناس
من وقت بدء الكون أجناس البشر، منهون معدنو رنان أخلاقو درر
في ناس أصلون وفى ما بتنشرى بفلوس
بتبذل لأجلك ذاتها عا جرحها بتدوس، وناس بتشرب من لبير وبترمي حجر.
يحثنا على الالتزام بمكارم الأخلاق والاستعانة بالعلم والمعرفة علّنا ننجو من مكائد الشيطان، ونَزق العيش المستهتر بالقيم، إذ يسدي إلينا نصيحة كريمة، ويقول ص 74 “لما الظروف تعاكسك، تبقى وحيد، خلي شموخك بالدني أدّ الدني
طال السما براسك ولا تنحني
وقت الحياة تعاكسك لا تنحني، تشبت بأرضك مثل صخرا بالعناد، تسلّح بالعلم، كون بفهمك غني.
شربل أيها المبدع من بلادي
اسقنا بعدُ من خوابيك ولا تستسلم. أرواحنا عطشى إلى من يرتقي بها نحو الملكوت. ونفوسنا دومًا تشتاق إلى من يحرك حنينها ويزرع الأمان في نواحيها.
طوبى لك، سعيك نحو الكمال
وهنيئًا لمن احتضن نتاجك وتربعت كلماتك بين ثنايا قلبه
***
*أقيم الحفل في مركز مشروع أجيال، مبنى الكونسرفتوار (كفرحاتا – زغرتا)، برعاية منتدى “شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” و”منتدى بخور الوحي”، وتضمن إلى جانب كلمة الدكتورة سحر حيدر كلمات لـ : الشاعرة ميراي شحاده (رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي)، الشاعر والإعلامي قيصر ميخائيل ألقى كلمة منتدى بخور الوحي، المؤلف الشاعر شربل فرنسيس. تخلل الحفل إطلالة للفنانة الصاعدة ريا فضل الله، وقدمته جويا بو فرنسيس.