زَمانِي!  

 

*

زَمانِي كم بَغَيتَ، فما تُرِيدُ؟!              أَما يَكفِيكَ كَم فَسَدَت عُهُودُ؟!

أَخَذتَ طِلاوَةَ الأَيَّامِ مِنِّي،                 فَدَعنِي مِن صِبا عُمرِي أُفِيدُ

سَطَوتَ على حَياتِي مُذ تَراءَت             لِيَ الأَحلامُ، فاختَنَقَ النَّشِيدُ

قَصَفتَ أَبِي على صِغَرِي فَمادَت              بِيَ الدُّنيا، وما زالَت تَمِيدُ

وأَسكَرَكَ التَّشَفِّي مِن مُصابِي،             فَصِرتَ لِكُلِّ نازِلَةٍ تُعِيدُ

تَقُضُّ مَضاجِعِي، وتَفَلُّ مِنِّي            عَزائِمَ نَسجُها الصُّلْبُ الحَدِيدُ

أَرَى الآمالَ تُزهِرُ في مَكانٍ،              فَأَتبَعُها، وبِي أَملٌ وَطِيدُ

أَسِيرُ وبِي مِنَ الإِصرارِ غَمْرٌ،             ويَحفِزُنِي لَهُ الجَهدُ الجَهِيدُ

أُذَلِّلُ عَقْبَةً، وأُزِيلُ أُخرَى،           فَيَظهَرُ بَعدَها العَدَدُ العَدِيدُ

ويُلهِبُ هِمَّتِي، في كُلِّ يَومٍ،              إِلى ما رُمتُه، شَوقٌ جَدِيدُ

وأَمشِي، والمُنَى تَمشِي أَمامِي،              وتَصمِيمِي يُزَوِّدُهُ الوَقِيدُ

وكَم مِن مَرَّةٍ أَوشَكتُ حَتَّى            مِنَ الأَغصانِ أُمسِكُ ما أَصِيدُ

فَتَبرُزُ، يا زَمانِي، في عُقُوقٍ،            لِتَمنَعَ ناظِرِي في ما يَرُودُ

وتَغرِسَ في جَنَى عُمرِي حِرابًا،              ووَجهُكَ لا يُفارِقُهُ الجُحُودُ

فَيَبدُو ما ظَنَنتُ على وُصُولٍ،                  بَعِيدًا دُونَهُ البُعْدُ البَعِيدُ

لَقَد حَطَّمتَنِي، وقَصَمتَ ظَهرِي،            فَماتَ الحُلْمُ، وانتَحَرَ القَصِيدُ

ولكِنِّي سَأَبقَى، في عِنادٍ،           أَصُوغُ مِنَ الأَمانِي ما أُرِيدُ

فَتَسرِي في شَرايِينِي دِماءٌ،         بِلاهِبِ دَفْقِها استَعَرَ الوَرِيدُ

وأَزرَعُ في دُرُوبِي مَرْجَ وَرْدٍ،            لِأَنشَقَ ما تَفُوحُ بِهِ الوُرُودُ

ولَن أُلقِي سِلاحِي في خُمُولٍ،            فَبِي الإِيمانُ تَعضُدُهُ الزُّنُودُ!

اترك رد