جماليات الوصف وأبعاد الحوار  في رواية “قطط إسطنبول” للروائي زياد كمال حمّامي

 

  عفيف قاووق – لبنان

 

“ما أصعبَ أن تعيش لاجئاً في بلاد تكره الغرباء”.

     يطلُّ علينا الروائي زياد كمال حمّامي مع روايته الصادرة حديثاً عن دار نون 4، بعد أربع مجموعات قصصية وأربع روايات،. يتناول فيها قضايا اللجوء وما يعانيه اللاجئون من ظروفٍ حياتية قاسية تُشعِرهم بأنّهم أناسٌ غير مرغوبٍ بهم، ليصبحوا أشبه بالقطط الشاردة في الشوارع والأزقة، ولهذا ربما كان اختيار الكاتب لعنوان روايته هذه تحت مُسمى” قطط إسطنبول”. 

    إنطلق الكاتب في روايته من الشخصية الرئيسة، الشاب الملقّب باللولو، وهو لاجئٍ سوري في إسطنبول اختبر أزقّتَها المليئة بالأسرارِ والتناقضات ، وعرف التشرّد والتنقّل من مهنة إلى أخرى على أمل أن يحظى مع  الكثير من اللاجئين بالحصول على بطاقة الحماية الدوليّة “الكيميلك”،  لتضفي على لجوئه الصفة القانونيّة وتضمن له حماية مؤقّتة يمكن من خلالها الإقامة والعمل وفق الاتّفاقيّات والمعاهدات الدوليّة، ولكن صعوبة الحصول على مثل تلك البطاقة نتيجة تشدّد السلطات التركيّة في منحها، جعلته يعيش حالاً من اللااستقرار كبقيّة رفاقه اللاجئين الذين غادروا بلادهم مكرهين، ينشدون  الأمن والأمان والعمل ليجدوا أنفسهم أشبه ما يكونون بقططٍ شاردة في إسطنبول، في حين أن المضحك المبكي هو أنّ  للقطط  في إسطنبول هويات رسمية مسجلة لدى الدوائر الحكومية، وأنّ لها أيضا شجرة نسب كاملة، وسجلَّ لقاحات طبّيّة وصحّيّة، وهي  تُباع وتشترى ومحلّات تجاريّة لا تخلو حتى من الإعلانات عن طلب زواج قطّ من قطٍّة أخرى. وهذا هو الفرق بين قطط إسطنبول”الوطنية” وقططها الوافدة والشريدة. 

    الرواية تسلّط الضوء على الممارسات الشاذّة التي شهدها اللولو فتطرّقت فيما تتطرّقت إليه إلى عدة مشاهد أبرزت من خلالها العنصريّة والكراهية التي أبداها جزء لا بأس به من المجتمع التركيّ تجاه اللاجىء السوريّ واعتباره عنصراً طارئاً ومضرّاً ببنية المجتمع ومستهلكاً لموارده على حساب أبناء الشعب التركي. 

    كما أشارت الرواية إلى  رواج الإتجار بالبشر وانتشار تجارة البغاء نتيجة لاستغلال الفتيات العربيّات اللاجئات بعد إيهامهن بتأمين فرص عمل لائقة لهنّ، ولكن لا مناص بعد أن تكتشف هذه الفتيات أنّ  أوراقهن الثبوتيّة وجوازات السفر الخاصّة بهنّ قد صودِرت وجعلتهنّ سلعاً في سوق البغاء تحت إدارة عصابات منظّمة ومنها بيت الشابّات الوارد ذكره في الرواية.

  تتمحور الرواية بشكل أساسي حول مسألة اللجوء والعذابات النفسيّة والجسديّة التي رافقت المهاجرين، إذ “ليس لدى المشرّدين مأوى في ليالي البؤس، غير ظلام الحدائق بعد منتصف الليل أو مقابر المدن أو تحت الجسور الرَّطبة أو الأماكن المهجورة، وإنّهم بذلك يتشابهون مع الكلاب الضالّة وقطط الليل”.

   وفي سياق متّصل تبرز الرواية المهانة والإذلال المنظّم للمهاجرين أمام مديريات الأمن والهجرة وهم يستجدون بطاقات الحماية الدولية” الكميلك” وتُشير كيف أنّ اللولو “وقف بالدور أمام مبنى مديرية الهجرة، وكيف كان  حُرّاس “المعبد” ينهرونهم ويشتمونهم وهم يصطّفون وراء بعضهم، خروف أمام شاة ٌ وجدْي خلف نعجة لأجل الحصول على بطاقة “الكيملك”  وهي بطاقة حماية دولية مؤقتة أي لاجىء مؤقت“. 

     الصعوبة لا بل الاستحالة في الحصول على تلك البطاقة الملعونة كان لها التداعيات المأساوية على حياة المهاجرين ودفعت ببعضهم للانتحار وإنهاء حياته بعد أن سُدّت الأبواب في وجهه كما حصل مع الشاب “عمرو الأشقر” الذي رمى بنفسه من الطابق السادس لأنّ عدم حصوله على الكميلك كان المانع الوحيد لعدم ارتباطه بمن أحبَّ وهي الفتاة “غفران” حيث اشترط والدها الحصول على تلك البطاقة لإتمام الزواج.

     وجه آخر من وجوه المعاناة التي رافقت المهاجرين تمثّلَ في رغبة العديد منهم بالهجرة والهروب من تركيا باتجاه أوروبا لعلّ الوضع هناك يكون أفضل نتيجة تصديقهم لمقولة حقوق الإنسان التي أوهمنا بها الغرب على مرّ العقود، فكانت قوارب الموت هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة للقيام بهذه المغامرة الخطرة، كون “الذين استطاعوا الهروب إلى أوروبا عبر قوارب الموت  شربوا المياه المالحة في كؤوس من ذلٍّ ومهانة، ولكنّهم غامروا بحياتهم، منهم من مات كأيّ سمكةٍ ابتلعها قرش ومنهم من وصل بعد مشقة  ومعاناة”.  

     عندما يتقن الكاتبُ وصف القُبح أوالمستنكَر للدرجة التي تثير اشمئزاز المتلقّي، فهذا يعتبر من الجمال والإبداع، حيث يصبح الوصفُ في هذه الحالة جمالًا بحد ذاته. وهذا ما قام به زياد كمال حمّامي بأن حوَّل القبح إلى جمال عندما أجاد في وصف المراحيض الصدئة يغطيها الماء الأصفر، وتسبح فيها أنواع البكتيريا والفيروسات الضارة كافة، ناهيك عن الروائح التي لا يمكن تحمّلها. وكيف أنّ عربًا وأفارقة ممدّدين على الأرض بشكل فوضويّ وقد اختلط الرجال مع النساء والأطفال، وإذا احتاج أحدهم أن يتبول ففي صفيحة  معدنية فتح الصدأ فيها ثقوبًا، وسرعان ما يسيل البول على أرضيّة ساحة السجن، راسماً خطوطاً دموية من عارٍ ومن ذُلّ.  

      كما تطرّقت الرواية إلى النظرة العنصريّة ومستوى الكراهية التي قوبل بها هؤلاء المهاجرون قسراً من بلادهم، وكيف أن الشحن الإعلامي والسياسي فعل فعله، فبعد خطاب الكراهية لمرشّحة حزب الوردة، توجّهت كتائب من المعارضين لوجود الغرباء واللاجئين صوب المحال التي تضع أسماء عربية، وبدأت بتحطيمها وكسر أبوابها الزجاجيّة، والاعتداء على أصحابها ضربا مُبَرِّحاً. ولسان حالهم يقول:” سنطردهم، البلد لنا، وليس لهم،  ليرجعوا إلى بلادهم”. 

     كما أن وجود المهاجرين على بقعة اللجوء المر أصبح مادة دسمة للمرشّحين السياسيّين الذين عملوا على شدّ عصب المتطرفين والعنصريين تجاه هؤلاء “الغرباء” وليس أدلّ على هذا سوى تلك اللوحة الكبيرة التي رفعت في إحدى الساحات بتمويل من أحد المرشحين  المتطرّفين، ولإضفاء نوعٍ من المصداقيّة، فإنّ الكاتب امتلك من الجرأة والشفافية ما جعله ينشر صورة فوتوغرافية عن تلك اللوحة التي جاء فيها بالحرف:

“أنادي اللاجئين، قلتم قبل 11 سنة بأنكم أتيتم إلى بلدنا ضيوفاً ، ولشعب التركي يحاميكم بضيق استطاعته منذ سنوات، والآن تطوّلت هذه الضيافة كثيرا ، وتشاهدون الأزمة الاقتصادية  في بلدنا. شبابنا بدون عمل، وتعيش العوائل تحت حدّ الجوع. بهذه الشروط لم يبقَ لنا خبز ولا ماء حتى نتشارك معكم، حان وقت سفركم إلى بلدكم كما أتيتم ، ارجعوا إلى بلا دكم”.

    ونتيجة لتلك النظرة العنصريّة فقد نشطت عمليّات القبض على المهاجرين وسجنهم بغية ترحيلهم خارج “الجنّة”، فالسجناء الذين قُبِض عليهم وهم يعبرون الحدود الدوليّة تهريبًا أُجلِسوا على الأرض العارية حيث لا شيء يقدّم لهم، لا ماء ولا أكل، بعد نهب كلّ ما يملكونه من مالٍ وذهب مخبوء كانوا يخفونه بطرقٍ شتّى كي يساعدهم على الحياة، حتى أوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهم وهويّات الحماية الممنوحة لهم قد مزِّقت وأحرقت أمام أعينهم.

    في موضع آخر أظهرت الرواية الأثر النفسي والاضطراب السلوكي لدى بعضهم، والذي مورس بحقّ المهاجرين فنجد مثلاً كيف أن طفلة سوريّة في العاشرة من عمرها تتعرّض لعمليّة اغتصاب من قبل مواطن في الخمسين من عمره.. وكيف يتمّ إطلاق الرصاص على شاب لم يتعدَ الخامسة عشر فقط لأن سيادة الشرطي طلب منه التوقف، فركض الصبيّ خوفاً من الترحيل.

   لا بد من الإشارة إلى أنّ المآسي والأزمات الاجتماعيّة غالباً ما تترافق مع ظهور حفنة من المستفيدين وضعاف النفوس الذين يسعون لتحقيق مكاسب زائلة ولو على حساب كرامتهم وكرامة أبناء جلدتهم من المهاجرين، وكيف أن أحد ألشُبّان وفي بداية حضوره إلى حي “أسنيورت” حظي برضا رئيس المخفر في المنطقة، وصارَ عيناً سرّيّة له، ثم ترقّى إلى رتبة مترجم خاص، استطاع من مهنته هذه ابتزاز المهاجرين في أموالهم التي يتقاسمها مع رئيس المخفر.

    وهذا “فصوع الجزار” يدّعي أنه طبيب للأمراض الجلدية، ومعالج فيزيائي، ومدلّك مسّاج متخصّص في فرنسا وفي الحقيقة ما هو إلا ممرّض فاسد كان يعمل في المشفى الوطني وطرد منه لاتهامه بالسرقة.

   وأيضا يذكر الكاتب “صفوح الهدلة” الذي ادعى أنه شيخ جليل، وقد افتتح جمعيّة خيريّة أسماها “برّ الشام”، وجمع حوله نفر من المريدين وبدأ بجمع الزكاة والصدقات والمساعدات الإنسانية بحجّة إيصالها للاجئين حسب زعمه. وما هو في الحقيقة سوى انّه كان يعمل كاتباً لدى مختار قرية  “الضبع” الحدودية، وهو مثل الكثير من جماعته لا يُحسن حتّى تلاوة دعاء دفن الميت.

    وفي إشارة إلى جشع بعض المهاجرين الميسورين والذين لا يردعهم وازع من ضمير أو أخلاق تحدّثنا الرواية عن “عبد الحق” الذي يرفع شعار الحقّ والصدق والأمانة دائماً، ويعتبر نفسه مدافعاً عن حقوق اللاجئين، وبعد موافقته على تعيين اللولو أمينا لمستودعه القريب من محل “السوبر ماركت” الذي يمتلكه وأسماه ّ “شط العرب”، يكتشف اللولو أن المستودع مليءٌ بأصناف المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الآدمي والمتلاعب بتواريخ صلاحيّاتها مما جعله يتخيّل أنّه يواجه عبد الحقّ بما رآه ويعلمه بأن المخزن بمحتوياته كله فاسد، وتخيّل عبد الحقّ يجيبه بالقول “أتريدني أن أخسر وأعلن إفلاسي؟

     بالعودة الى اللولو، وهو كما ذكرنا إحدى شخصيّات الرواية الرئيسيّة، فقد عاش متنقّلاً بين مهن مختلفة، إلى جانب رفيق تشرّده عبّود الأقرع، وها هو يتذكّر أو يحاول أن يستقرئ الأسباب التي أوصلت بلاده إلى ما وصلت إليه فلم يجد سوى الفساد الذي بدأ يتغلغل في بنية المجتمع بحيث أصبحت ثقافة الفساد هي السمة التي تغلب على تصرفات الكل مجتمعٍ وأفراد. واستذكر بعض النماذج الدالة على هذا الفساد فقدّم لنا على سبيل المثال لا الحصر كل من الخضرجي الذي يحتال على أهل الحارة، حيث كان يوافق على بيعهم كل ما تحتاجه مطابخهم ويسجّل ذلك على دفتره بالقلم الرصاص، ثم يتلاعب بالحساب كما يريد. وكذلك الفرواتي، جزّار الحارة الذي كان يغشّ في بيع لحوم الغنم إذ كان يشتري بالسرّ بعض الأغنام المصابة بأمراض فتّاكة لا يقبل المسلخ الوطني بذبحها لأنّها تضرّ بصحة الحيوانات وبصحة البشر أيضا.  

 ولم ينسَ مختار الحارة ِ النسونجي “مطيع الزرقا” هذا الرجل المتصابي، المدعوم من أحد أبناء عمومته، والذي لا يضع ختم على أية وثيقة بحاجة للتصديق إلا بالدفع أضعاف ما يأخذه المختارون الآخرون.

    ولأنه يصعب على المرء أن يتنكر لجذوره، فمهما اغترب أو تهجّر يبقى الوطن في القلب، ها هو اللولو في بوحٍ ٍ وجداني يتذكر مدينته حلب التي غادرها قسرًا، فيقول   “أعشق حلب وأبوابها التسعة يا أمي، باب الجنان المؤدّي إلى بساتينها وأشجار الفستق الحلبي الأحمر الممزوج بالأخضر، وباب النصرالذي تعود منه الجيوش منتصرة، وباب “أنطاكية” الكبير المؤدّي إلى ولايات حلب والذي عرف بطريق الحرير واليوم صارت حلب تأكل أولادها، تتخلى عنهم  وتهبهم بلا ثمن، أصبحنا فيها مجرّد قطط تائهة، وحين رحلت أوبالأصحّ هاجرت ُ مظلومًا وعشتُ لاجئاً ممقوتاً بلا وطن وبلا حبيبة ، بلا عائلة ، بلا أهل، عندها أدركت يا أمي أنّ  روحي ما زالت في حلب، وأنها لم تهجرني”.

      الشخصية الثانية الرئيسية في الرواية كانت شخصية “شام” هذه الفتاة السوريّة التي غرّر بها زوج أمّها واغتصب طفولتها، مما جعلها تبحث عن ملجأ تخفي فيها فضيحتها فكان أن صدّقت الوعد المعسول الذي قدّمه لها عضو عصابة الإتجار بالبشر واسمه “تاجار” كان يراسلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد عرض عليها الزواج ، وقام بتسهيل هروبها والمجيء إلى إسطنبول، لتبدأ معاناتها وتكتشف انّها وقعت ضحية عصابة تتاجر بالنساء وتحولهن إلى سبايا و داعرات، ولكن ” شام” تحاول التمرّد وتصرخ بأعلى صوتها بعد أن تلتقي اللولو “أنا شام..  أنا لستُ داعرة.. أنا.. شام”. 

وفي إشارة لافتة ورمزية في أن الكاتب أشار إلى أنّ بيت الشابات الذي من خلاله تمارس أعمال الاضطهاد والدعارة ضمّ  بين جنباته فتيات عربيّات من جنسياّت متعددة توزّعت بين السوريّة، اللبنانيّة، اليمنيّة والعراقيّة، وربّما في هذا التنوع إشارة من الكاتب إلى المآسي والحروب التي تعصف بهذه البلدان مع اختلاف الأسباب والمطامع ولكن ما يجمعها ربّما مؤامرة واحدة بوجوه متعدّده، وكان لافتًا اختيار الكاتب لاسم “شام” ليطلقه على الفتاة السوريّة  ليشير من هذا الاختيار إلى ما تتعرّض له  شام البلد من عمليّات اغتصاب بواسطة العديد من الجيوش والجماعات الغريبة الطامعة بالشّام وبياسمينها. ولذا نجد الفتاة “شام” تصرخ وبلسان حال الوطن ربما وتقول:” كلُّكم ضد امرأة واحدة، يا لعظمة النساء، إنّ روحي وجسدي لم يقبل أن ِأكون داعرة، لقد خدعوني واحتالوا عليَّ، الموت أشرف لي من أن أكون داعرة”.    

      وإذا أردنا الانطلاق من الحوار الذي جرى بين شام وزميلتها ياسمينة المغربية في بيت الشابّات، حيث جاءت ياسمينة لتعلن تضامنها مع شام وتخبرها قائلة: “اصبري، لا تخافي، كلّنا معك. سنعلن الإضراب عن العمل حتى  يتمّ إخراجك. هذا المقتطف من حوار شام وياسمينة ربّما يعيدنا بالذاكرة إلى بيانات التضامن العربي التي ما كانت يوماً تسمن او تغني من جوع، فالتضامن الكلامي لا يكفي وهذا ما عبّرت عنه شام عندما قالت لياسمينة ” الإضراب فقط؟! ياسمينة، الإضراب؟!” .   

يبقى أن نشير إلى أن اللولو الذي عُرف بأنه يركن كثيراً إلى تخيّلاته، استطاع الكاتب أن يجعله يتخيّل الحلّ المنشود لأزمة المهاجرين واللاجئين من بلاده، فتخيّل نفسه وزيراً للمغتربين في حكومة بلده، بعد انتهاء الحرب، وأنّه رفض العمل في المكتب الفخم،ً وبدأ يطير من بلد إلى آخر. ها هو يعود معهم تباعاً ، وحين تهبط طائرتهم على أرض الوطن، ومعهم سيادة الوزير اللولو ينزل بشموخ، يجثو على الأرض ويقبّلها بقدسيّة وطهارة، ومن خلفه يجثو الملايين ويبكون فرحاً بالعودة الظافرة، وفي هذا إشارة واضحة من الكاتب إلى ما يجب القيام به لأجل حلّ أزمة النازحين وضرورة العمل على إعادتهم لموطنهم بمبادرة جدّيّة وصادقة من قبل دولتهم بالدرجة الأولى.

 اللافت أنّ الكاتب جعل نهاية روايته مفتوحة بعد أن قرّر اللولو إنقاذ الفتاة شام مهما كان الثمن غالياً، متسلّحا بالتصميم القويّ على ألا يخذل نفسه وألا يخذلها أيضاً فهذه هي حربه الأخيرة، تاركاً للقارىء تخيّل النهاية التي يرتأيها . فهل سينجح اللولو في إنقاذ شام الفتاة ومن خلالها شام الوطن؟ الأيّام والممارسة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

اترك رد