“لقاء الأحد الثقافي” يكرم رئيسة “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” ميراي شحاده

 

 

كرّم “لقاء الأحد الثقافي” المهندسة الشاعرة ميراي شحاده (رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي) في احتفال أقامه  في مقرّه في مركز “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” في طرابلس، حضره مجموعة من أهل العلم والأدب والفكر في طرابلس والشمال، وتكلّم فيه الدكتور سابا زريق (رئيس “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية”) ورئيس “لقاء الأحد الثقافي” الدكتور أحمد العلمي، وكانت شهادتان لـ د. مصطفى الحلوة، ود. إميل يعقوب.

سابا زريق

بدأ اللقاء التكريمي بالنشيد اللبناني ثم نشيد الفيحاء، من ثم ألقى د. سابا زريق كلمة  ترحيبية ما جاء فيها:

“أطالَ اللهُ بعمرِ أستاذي النقيب أنطوان السبعلاني الذي أوصى منذُ بضع سنوات، مكرَّمَتَنا لهذا اليوم، بالتعرُّفِ إليّ، كوني مُنْغَمِساً في صحنِ الثقافة، الشماليةِ منها تحديداً، وكونُه مقدِّراً لِمَن يشاركُني اللُّقمةَ الطيّبةَ منه. فكان لِقاؤنا، أُتبِعَ بلقاءات في مناسباتٍ عديدةٍ مختلفة، وَقَفْتُ خلالَها بسرورٍ كبير على مدى تملُّكِ الشاعرة ميراي من ناصيةِ لغةِ الضّاد ومدى براعتِها في تدجينِ حروفِها لتَخرُجَ من يراعِها، وكذلك من فيها، لوحاتٍ زاهيةً يكلّلها نثرٌ ويتوِّجُها قريض، تماماً كما هي تروِّضُ الأرقامَ والخوارزميات في سياقِ عملِها اليومي”.

 

أضاف: “وللمتسائلِ عن كيفيةِ مواءمَتِها وتوفيقِها بين الهندسةِ الجامدة والأدبِ الحي، على غرارِ الشاعرِ الكبير الراحل حسيب غالب، الذي كان هو بدورِهِ مهندساً،أجيب: أوليسَتْ هي ابنةُ أبيها، الأديب والشاعر عبدالله شحاده؟ رحماتُ الله عليه، التي كانت قد ذكَّرَتْني منذ زمن، وعاودَتْ فباحَتْ لحاضريّ الاحتفال بمرورِ الذِكرى العاشرة على تأسيسِ مؤسستي، بأني سبقَ أن التقيتُهُ منذُ نصفِ قرنٍ وثلاثِ سنوات، في حفلٍ كان والدُها عرّيفَهُ، لتكريمِ الأديب والمربي المرحوم عبد الهادي شلق، حين انتدبَني جدّي، شاعرُ الفيحاء، الذي كان متوعّكاً آنذاك، لإلقاءِ قصيدتهِ في تلك المناسبة”.

ختم: لن أطيلَ عليكم؛ فما ربما تعرِفونَهُ عن المهندسة الشاعرة، أو بالأحرى الشاعرة المهندسة، ميراي شحاده حداد، وما سوفَ يُطلِعُكُم عليه عنها بعد لحظاتٍ رئيسُ لقائِنا، الدكتور أحمد العلمي، مضافاً إلى ما سوف نسمَعُهُ منها لاحقاً، لا بدَّ أن يرسُمَ لنا جميعاً صورةً جميلةً لوجهٍ مشرقٍ ومضيء، يشكِّلُ قيمةً مضافةً في  مجتمعِنا الثقافي اللبناني”.

أحمد العلمي

ثم ألقى كلمة “لقاء الأحد الثقافي” رئيسه الدكتور أحمد العلمي عدد فيها مآثر المكرمة، ومما قال: “أيقونة أدبية مقتدرة ومتمكنة من أدواتها الفنية والثقافية والاجتماعية اتحدت بشخصها الكورة الخضراء وطرابلس الفيحاء، اجتمعت فيها عيون الحكيم ولسان الأديب وقلب الأم. كان لها ولا يزال دور بارز في إغناء الحركة الأدبية في لبنان حيث امتد نشاطها الأدبي والثقافي إلى معظم المناطق عابرة بهذا لكل الحواجز الوهمية من مناطقية وطائفية ومذهبية”.

 

أضاف: “لن أقدم أديبتنا كضيفة كما جرت العادة مع من سبقها في لقاءاتنا السابقة  فهي من أهل البيتين مؤسسة سابا زريق الثقافية ولقاء الأحد الثقافي  كان لنا شرف التعرف عليها سنة 2018 من خلال الصديق المشترك د. سابا زريق ومن يومها العلاقة والتواصل مستمرين وهي باقية إلى ما شاء الله طالما كانت أهدافنا واحدة وهي نشر وتعزيز الثقافة في كل أشكالها الأدبية والفكرية يقينًا منا أنه لا قيام للوطن بدونها”.

ميراي شحاده

بعد ذلك كانت كلمة الأديبة المكرمة، المهندسة ميراي شحاده حداد، فشكرت “لقاء الأحد الثقافي” على مبادرته، وشكرت الحضور معتبرة وجودهم مدعاة فخر لها.  وقالت:

مساء الخير أحبتي أصدقائي الوافدين من الكورة من بلدي طرابلس ومن بيروت ومن أقاصي لبنان. فعلا أنا مذهولة بمحبتكم، خصوصاً في هذا اليوم السبت 5 آب بدل أن تكونوا في المصايف جئتم لتكونوا الشمعة التي تنير هذا المساء، شكرا لكم.

أولاً دعوني أشكر لقاء الأحد الثقافي رئاسة وأسرة وأعضاء وأصدقاء لتحضيرهم لهذا الحفل الرائع وجمعنا حول تكريم ميراي شحاده.

من هي ميراي شحاده؟

ميراي شحاده هي ابنة ترعرعت وكبرت وما زالت تحس بطعم اليُتم، وهذا اليُتم هو الذي حثّها إلى ما وصلت إليه اليوم.

دعوني أشكر أيضاً دكتور سابا زريق ومؤسسته الكريمة لاستضافتنا هنا في هذا الحفل الرائع. للدكتور سابا فضل كبير عليّ، وهو لا يدري، فقد أرسلني إلى لقائه النقيب أنطوان السبعلاني، وهو عضو في الرابطة الأدبية، أطال الله بعمره،  وسأخبركم بعد قليل كيف التقيت بثلة من أصدقاء والدي وكيف ابتدأت العمل بالمجموعة الكاملة وكيف انتهى بي الأمر إلى “منتدى شاعر الكورة الخضراء”.

النقيب السبعلاني الذي كان يصغر والدي بعشرين عاماً، طلب مني زيارة الدكتور سابا زريق. قال لي: يا ابنتي، تريدين أن تطيري بوالدك بعيداً إلى كل العالم، إذهبي إلى هذا العنوان وتتلمذي هناك، ستجدين شخصاً مثالياً قد فعل لجده ما أنت تحلمين أن تفعلي لوالدك.

أعود إلى كونفوشيوس، وهو فيلسوفي المفضل حينما كنت طفلة، يقول كونفوشيوس: عندما تريد أن تعمل شيئاً إذهب إليه بكامل قلبك. حتى لو كان عملا لا يهم الآخر فإذا أردت أن آكل يجب أن آكل بحب وشغف. لديّ صديق يقول سأكتب يوماً عن شغف الشغف الذي تعاني منه ميراي شحاده، إنه مرض. فعلا كل عمل نريد أن نقوم به لا بد من  أن ينبع من الداخل.

كان هاجسي الوحيد طيلة عمري كيف سأجمع إرث والدي، وكانت هذه أمنية والدتي رحمها الله التي كانت تقول لي: أنتِ تعشقين اللغة العربيه وتتباهين بها وتكتبين، وهذا ربما صديقك ربما كنزك، لا أدري، ولكن يجب أن تجمعي أثر والدك يوما ما. وفعلا في 2015 ذهبت إلى منزل العائلة في كوسبا وأحضرت كل الأوراق من القصيصات الصغيرة إلى الكتب الكبيرة، الى كل مكتبة والدي، نقلتها إلى منزلي في بيروت، وما زالت كتب وأوراق والدي منتشرة أينما كان في غرف المنزل. لم أكن أدري من اين سأبدأ، كان هناك كم هائل من الأوراق التي يزيد عمرها على خمسين عاما وكلما أتناول ورقة أقرؤها ثم أعود إلى أخرى، كنت مذهولة بما ترك.

عندما كنت صغيرة، قرأت بعض كتاباته، طبعًا لم يُقدّر لي  أن اقرأه وأفهمه لأن لغة الوالد جداً متينة ولديه صور إبداعية شعرية،  فهو من الشعراء الأفذاذ، شاعر بحت. ولأنه يحمل رسالة في أشعاره وقصائده أحببته مرتين، مرة لأنه والدي ومرة ثانية لأنه رجل شهم يحترم كلمته، يحترم أحاسيسه، وفيٌّ لمحبوبته، وفيٌّ لوطنه، وفيٌّ لعائلته، رأيت فيه هذا الكمال الذي ابحث عنه في وطني لبنان. وابتدأ المشوار في 2015 وكل هذه الأوراق المبعثرة رحت أبوّبها حسب التاريخ تارةً و حسب الموضوع تارة.

نقلت كلمته إلى كل لبنان وعدت به إلى الفيحاء وكان حفل الإطلاق من الرابطة الثقافية في تموز 2020،  رغم كل الظروف التي كانت تعصف بالبلد، والحمدلله اني طبعت المجموعة وكان الدولار قد قارب الـ أربعة آلاف ليرة لبنانية. كنت ابكي، لماذا؟ لأنني عندما قررت أن أخوض المعركة بيني وبين ذاتي وأجد عبدلله شحاده، وضعت جانبا حصالة واسميتها قجة عبدالله شحاده، ووضعت فيها بين 2015 و2020  من راتبي شيئاً بسيطا، في آخر كل شهر، ورددت في نفسي هذه قجة عبدالله شحاده هذا ما سأنفقه على ديوان أبي.

اليوم الحصالة يا اخواني فرغت من النقود، لكنها امتلأت بنبض القلوب وبالمحبين وبالأصدقاء، فأصبح لأبي أبناء وبنات وأصبح لي إخوة وأخوات من كل لبنان.

طبعا الفيحاء تنبض في داخلي ولي في حبها شغف كبير ومداد واسع، وهذا ما ورثته عن والدتي لأننا في كل سبت كنا نزورها ونتبضع من أسواقها. وعندما قرأت لعبدالله شحاده ازداد حبي لها وازداد فخري بها وازداد توسعي من خلالها. ما تعطيه الفيحاء لأبنائها وزوارها ومحبيها هي كنوز لن تعرفونها يا أحبة إلا عندما تبتعدون عنها .

لن أطيل الكلام اكثر، شكرا لكم، شكراً لعائلتي الصغيرة لأنها  تتحمل الكثير من غيابي واستغيابي عن البيت، كأم، اعتذر من عائلتي أمام الجميع ولكن روح عبدالله شحاده وأمي يطوفان دائما حولي ويرتقيان بي إلى الأعلى.

مصطفى الحلوة

في مداخلته قال الدكتور مصطفى الحلوة: “حين تُسفرُ الفيحاءُ عن جمالاتها وضوع عبيرها، وتُلاقيها الكورةُ الخضراءُ بنسغ زيتونها المبارك، فَقُلْ ثمّةَ في المشهد عَلَمَان: سابا وميراي! وحين يكون للفكر ذيوعٌ وانتشار، فقُلْ في الساحة مُحرِّكان: سابا وميراي! وإذْ يكون لفرح العطاء مدٌّ دون جزر، فقُل في اللُّجة ملّاحان: سابا وميراي!

ما أحلاكما، سابا وميراي، وأنتُما تعبُران بفيحائنا، بكلّ الشمال إلى حيث خطّت يدُ الله: “ن، والقلمِ وما يسطرون”، وحيث يتعالى النداء الإلهي:”إقرأ”، ولا تكون القراءةُ إلّا في كتاب!

 

من أيّ كوكبٍ جئتُمانا، أيّها المجنونان المبدعان – والجنونُ فنون – وأنتما تسفحان ما ندَّ منكما، تُروّيان أرضَنا الموات، فتستحيلُ جنّةً للفكر غنّاء!؟

أدامكُما الله، عزيزَيَّ د.سابا وباش مهندسة ميراي، على رأس صَرحَيكما: مؤسسةً ومنتدى، بهما يُزهرُ ربيعُ الفكر والأدب، وتعمُّ الأرجاءَ قِيَمُ حقٍّ وخيرٍ وجَمال!

سُعداءُ نحن بهذا اللقاء الجامع، الذي يُستضافُ في صرحٍ ساباوي، فيكون للتكريم طعمٌ آخَرُ، بل نكهةٌ زريقيّةٌ، ليست كسائر النكهات!

شكرًا، أخي سابا، حفيدَ جدّي سابا الأكبر، إذْ عرّفتني على ميراي، وعظّمتها في عينَيَّ، فأدمنتُ على محبّتها، فراشةً، تنشرُ السعادة، حيثُ تحطّ وأيّانَ تطير!

شكرًا، صديقي المزمن د.أحمد العلمي، شكرًا الإخوة الأعزاء في “لقاء الأحد الثقافي”، شكرًا لكم هذا التكريم المستحقّ، الذي استحقّ”.

إميل يعقوب

أخيرًا كانت مداخلة للدكتور إميل يعقوب مما جاء فيها: “اليوم نزف عروستنا في طرابلس باسم الثالوث المسيحي الآب والابن والروح القدس والثالوث الإسلامي باسم الله الرحمن الرحيم فنقرأ الفاتحة والأبانا. د. سابا ود. أحمد شكرا للفتتكما الكريمة، وما أشبه سابا بميرايظن أصيل ابن أصيل ورث الأدب والنبل والثقافة عن جده فأحياه بتأسيس مؤسسة ثقافية رائعة  والأخرى أحيت والدها أدبًا ونبلا وثقافة فأسست منتدى شاعر الكورة الخضراء”.

 

أضاف: “ما أشد شبهكما، يومًا أقول د. سابا أنشط من ميراي وفي اليوم الثاني أقول أنتِ أنشط من سابا وفي الثالث أعود إلى الأول، ولكن هناك سؤال لا أعرف الجواب عنه وربما تساعدونني أنتم وربما يعجزكم من منهما الأروع؟ شكرًا”.

درع تذكارية

وفي الختام قدم اللقاء للمهندسة الأديبة ميراي شحاده حداد درعًا تذكارية، وكان نخب المناسبة.

 

اترك رد