وقائع الجلسة الحواريّة حول كتاب الأديب د. جميل الدويهي “المتقدّم في النور” (8)

 

الأديبة كلود ناصيف حرب

 

أيّها السيّدات والسادة،

اسمحوا لي بداية أن أبدي دهشتي برؤية الدويهي الخاصّة للإيمان، فهو يعتبر الناس مؤمنين، ما عدا الناكرين لوجود الخالق. ويرفض العجرفة في موضوع المعرفة، فمهما ادّعى الناس أنّهم يعرفون، فهم لم يبلُغوا من العلم إلاّ قليلاً. فلماذا يجتهد ناكرو وجود الخالق في البراهين والحُجج، وهم لا يعرفون؟

ونزولاً من فكرة وجودِ الله، يرى الدويهي أنّ الكون كلّه نتج عن فكر الخالق، والفكر روح، لكنّ هذه الروح استطاعت بعبقريّة فذّة أن تجسّد الأشياء في مادّة. وهذا التفاعل بين الروح – الفكرِ الإلهيّ، والكونِ المادّيّ، هو ما يجعل الدويهي مؤمناً بتوازن الروح والجسد.  والتوازن ينطبق على الإنسان.

وهو يضيف  إلى العناصر التي تشكّل الكون، وهي الماءُ، النار، الهواءُ، التراب، والخواء، عنصرين آخرين هما الله وفكرُه. ويقول في الكتاب: “مّا أنا فأرى أنّها عناصر مستقلّة، ومن العيب أن تكون لاحقة لسواها. لقد قالوا بوجود الماء، والتراب، والهواء والنار، ثمّ أضافوا الخَواء. فأين الله من كلّ هذا؟ وأين فكرُه؟… الله كان قبل، وهي جاءت بعد… هو سابق لها. وعندما أعمل فكره وقال للشيء كن فيكون، أصبح الفكر سابقاً أيضاً لما وجب أن يكون. لذلك فصلتُ بين الله والفكر الإلهيّ، وبين العناصر الخمسة”.

هذا هو الدويهي في فكره العميق، والمتميّز، وفي مدرسته التي تشبه مدرسة سقراط. فله ولمذهبه الفكريّ النابضِ بالخيرِ والإبداع المختلف، نرفع القبّعة.

***

*مشروع أفكار اغترابيُة

النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الانواع.

*تنشر وقائع الجلسة في كتاب يضاف إلى مكتبة أفكار اغترابية.

 

 

اترك رد