عبدالله أبي عبدالله… نجيّ القوافي

 

 

 

 

كلمة المهندسة والشاعرة ميراي شحاده (رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي) في المهرجان الشعري  احتفاءً بصدور ديوان “وداعاً أيّها القلم” وهو التاسع لصاحب حديقة الشعراء في جران المؤرّخ عبدالله أبي عبدالله ،  مساء السبت 9 تمّوز 2023، في حديقة الشعراء-جران،  من تنظيم  عائلة  الشاعر وأصدقائه.

 

مساؤكم شعر ومحبة

حيث كلّ الألق  المتوهّج من حديقة الشعراء مساؤكم شعر وألق 

كنت صغيرة جدًّا يوم انتقل أبي إلى دنياه السّرمديّة، وكانت أمّي تخبرنا أنّه لسنوات كثيرة قد أمضى في إدارة ثانوية البترون أثمن أوقاته وأعذبها وأغناها… وكان له تلامذة نجباء أصبحوا اليوم من عباقرة لبنان وروّاده الأدباء والشعراء.

لمّا هاتفني الصحافيّ الألمعي غسّان عازار والشاعر المؤرّخ عبدالله أبي عبدالله وسكبا في روحي من خوابي ذكرياتهما مع أبي في ربوع البترون، طرِبَت نسائمي واهتاجت أمواج أشواقي. فالأقلام لا تموت ولا ينضبُ ماؤها، والقلوب لا تنسى إن خفقت يوماً لمربٍّ أو معلّم أو أستاذ.

كم أنا فخورة في هذه الأمسيّة وأنا أجدّد عهد الوفاء بين الكورة الخضراء والبترون المعطاء… محمّلةً من كوسباي زيتوناً أخضر ، جئت في جران أعصره زيتاً للنور و المعرفة.

جئت حديقتكم كي أضوعَ شغفا وحبّا وأضيعَ في رفقة ورودها ووداعة رياحينها  وأتعمّدَ في أجران رحيقها… وأرتديَ من شلوح أشجارها شلحاً من زمرد وياقوت…جئت ألقي التحيّة على سعيد وجبران وأصافحُ المتنبي وألهو قليلاً بين أرضي وسمائهم…

جئت أمتلئُ من مجد التاريخ و مؤرّخه عبدالله؛  وجئت أدلو له من قلبي الصغير بعض نبضٍ وبعض خفقٍ علّ في كؤوس أمجاده الكبيرة أغرف من خمرتي السمراء كمشة حبّ  من دوالي عبدالله شحاده شاعر الكورة الخضراء. 

أيها الشاعر والمؤرّخ الحبيب،

كلّما  أهدبَتك، يا سيّدي، السماءُ حنانها وزنّرتك النجوم بضيائها، تُهدينا دفقَ ينابيعك وحمرةَ شقائقِ نعمانك.

وتزرعُنا في حديقة شعرائك نرجساً وخزامى  وكفّاك تقطران حبّاً وعشقا.

إن ودّعت القلم في رشفة ألم، هو لا يودّعك.

فمن للأقلام  غيرك ناسكها، ولمئذنة الحبر بعدك جوّادها، ومن غيرك لصهوة الكلام فارسها  ولأبجديّة الدمع ساقي أفراحها…

 إن ودّعت القلم في رشفة ألم، هو لا يودّعك!

سلاحك فكرك و حبر قلمك فوّاحُ؛ فما همّنا، كما أبدعت وبحتَ ، “ما همّنا إن قسا الدهر و اشتدّ الألم، لا ندمٌ ولا عدم”…ما دام عندَنا فكرٌ وسلاحُنا قلمُ!

لقد شرّعت للآفاق أقلامك وطويت في زواياها قبلاً محبّرة وتنهّداتٍ مضمّخةً بالحب والجوى!

 ياسيّدي، يا عبدالله، وجلالة الاسم تُشعل في مياهي حريقا 

وتُطلق براكيني مواكبَ نور وتشويقا

والاسم هذا، طريقي و في بحور شعره ما زلت الغريق

لا أنجو منه وأرومُ لججه العميقه

جئت حديقتَكم، للمعالي أحجّ 

و مقلُ أمجادكم تغيثُنا في الشعر صديقَ 

و قمم نسوركم، إليها

أنا البلبل الصغيرُ، أحاولُ التحليقَ! 

وأهيم كصبٍ في ذراعيّ حبيبه

يشدّ ويشدّ جمّا التطويقَ!

ومن رويّكم غليلُ القريض يُروَى

أنهارٌ تدفقُ 

وكوثر جنّتكم يُملي الأباريقَ

وروح ناديا في الهوى تختال في نسائمكم

وتُلهم الفؤادَ كيف يدقُّ

والعشق يذرف أبياته قصائد

 تختالُ زفيراً وشهيقَ!  

ما بين المتنبي وجبران، من هنا

نسبرُ الدنيا مع سعيد فينيقا!

ونسوغ  المستحيلَ حقيقه

وما جفّ وما ذبل 

وإلى نضرة في دقيقه!

جئت أزهدُ في ربوعكم قليلا

فيا ليتني، يا نجيّ القوافي عبدالله، ألِدُ هنا معكم في كل صبح شمسي، وتتسامى في ربوعكم أنواري الضئيله! وأسكُبُ في  القصبِ لحني، إنْ لامسَته كفُّ شاعر من حديقتكم، جُنَّ وارتعش مزماراً أو يراعاً كحيلا!

وافترَّ عن ثغر الفجر فجرٌ، في راحتيه همسُ مجدٍ وتأويلا!

يا حساسين الربى عندلي وصفّقي مع أبي عبدالله، ولتُقرع أجراسُ الشعرِ صلاةً وترتيلا!

شكرا لكم.

 

اترك رد