جامعة القديس يوسف تحتفل بمرور 120 سنة على تأسيس معهد الآداب الشرقية

 

احتفلت جامعة القديس يوسف في مرور 120 سنة على تأسيس معهد الآداب الشرقية الذي كان يعرف بالكلية الشرقية، وذلك في قاعة ليلى تركي في المعهد، في حضور وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي، النائب عدنان طرابلسي، العقيد فؤاد الزغبي ممثلا قائد الجيش العماد جوزيف عون، النقيب اوليفر الحمصي ممثلا مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا، الرئيس الاقليمي للرهبنة اليسوعية الاب مايكل زميط، رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش اليسوعي، مدير المعهد البروفسور طوني القهوجي وشخصيات اكاديمية وطلاب.

النشيد الوطني ونشيد الجامعة، والقى مدير المعهد كلمة قال فيها: “يتبدى للناظر في تاريخ الشرق الأدنى الدور الذي أدته الرهبنة اليسوعية في تشكيل هويته الثقافية والفكرية والاجتماعية والدينية. صحيح أن فتح مدرسة إكليريكية، في القرن الثامن عشر، عد الإنجاز العظيم عند اليسوعيين، إلا أن ذلك الإنجاز سبقه، وتبعه أيضا، افتتاح مدارس أوحت بمفهوم التعليم في المشرق وبمضمونه، فتخصص الآباء اليسوعيون بالتربية منذ العام 1630”.

أضاف: “مزج اليسوعيون التعليم بغاياتهم التبشيرية، واستغلوا الفرص المتاحة لنقل الثقافة والفكر؛ واللافت أن المرسلين اليسوعيين في الشرق لم يكتفوا فقط بنقل معارفهم وتراثهم وتعاليمهم، إنما سعوا إلى الاكتناز من الثقافة الشرقية، وتحديدا العربية منها. إذا هكذا كان اللقاء… اللقاء الفعلي الأول الذي جمع اليسوعيين بالفكر الشرقي… لقاء أوجد “بالقوة” فلسفيا “معهد الآداب الشرقية” منذ بدايات القرن السادس عشر، معهدنا الذي نحتفل بالذكرى المائة والعشرين لتأسيسه بـ”الفعل”، لانتقاله من التجربة إلى الثبات والدوام والاستمرارية. لا شك في أن معهد الآداب الشرقية جزء لا يتجزأ من تاريخ الرهبنة اليسوعية وتاريخ جامعة القديس يوسف. فلقد حمل منذ أكثر من قرن لواء النهضة العربية وسار به وسط تحديات كثيرة، مخرجا أجيالا من أصحاب الاختصاص فتبوأوا مراكز رفيعة، وسطعوا بفضل كفاءتهم في لبنان والعالم العربي، متجاوزين الحدود الجغرافية ليلمح بريقهم في العالم أجمع”.

وتابع: “يحتفل معهد الآداب الشرقية هذا العام بالذكرى المئة والعشرين لتأسيسه. فجذوره التي تعود إلى الكلية الشرقية التي أسسها الآباء اليسوعيون في العام 1902، تواقة أبدا إلى التقدم والتجديد، مع مراعاة الماضي والحاضر بالانفتاح الدائم على حضارة الشرق والغرب، وتعبيد مساحات تقارب لمختلف الأوساط والتوجهات. كان اختيار التأسيس أمرا ضروريا وأساسيا: فقد كان له الأثر ولا يزال على رسالة جامعة القديس يوسف في بيروت. وهذا ما عبر عنه الأب رينيه شاموسي في قوله، إن معهد الآداب الشرقية هو “أساس جامعة القديس يوسف”. لم يأت هذا القول في سياق التبجح، بل ليعبر عن فلسفة الآباء اليسوعيين في بداية القرن العشرين المؤمنة باستحالة بناء أي مدماك في مجال التعليم العالي من دون الانكباب على دراسة ثقافة المنطقة التي يتجذرون فيها. يستمر المعهد في تأدية رسالته، بإعداد أساتذة متخصصين ونقاد وباحثين في اللغة العربية وآدابها، والفلسفة، والحضارة العربية، والدراسات الإسلامية، وتاريخ البلاد العربية. وهو لا يألو جهدا في دعم النشاط العلمي، سواء من خلال تعزيز البحث العلمي ضمن مركز لويس بوزيه لدراسة الحضارات القديمة والوسيطة، أو من خلال نشر الأبحاث في حوليات المعهد. وفي ظل التحولات المتسارعة التي ترخي بظلالها على المجتمعات كافة، يحافظ معهد الآداب الشرقية، بأمانة، على التاريخ وعلى الهوية الشرقية بكل أبعادها، ويواكب في آن كل ما فرضه التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، والثورة التكنولوجية والتقنية من تجديد في البحث والمناهج والمقاربات، واضعا المعلوماتية في خدمة اللغة والأدب والفكر”.

وقال: “لا يمكن في أيامنا هذه أن نعيش حالة إنكار، ونغض الطرف عن تحولات باتت جزءا من قوتنا اليومي وهنيهات تتراكم وتتبدل وتتراءى بألف نسق وحال. في ظل هذا الفيض من التحول، كانت ذاتنا تثب نحو الأمام، تتلقى صفع الأمواج برحابة صدر، وتتبدل… وكانت معها تتبدل لغتنا – صورتنا وصوتنا- في هذا الكون الشاسع، وبصمتنا في الزمن. من هنا، أمام هذا الجديد الشائع، كنا أمام خيارين… إما أن نبقى مكتوفي الأيدي، متفرجين، تسبقنا قاطرات التقدم وتتركنا وحيدين على رصيف الأمس… وإما أن نعدو ونراهن على تاريخنا المشع علما ومعرفة وأدبا… لننطلق بكليتنا نحو الغد بلا تردد… فنوظف لغة، أو ربما نبني لغة، تتماشى مع السياقات الحياتية الجديدة، تخلع عنها رداء التقليد من دون أن تمس بأصالته، وذلك كي تعود لتحيا في ثقافة الأجيال الجديدة وتمسي جزءا من استخداماتها اليومية في مختلف حقول العمل. وبهذا نكون قد أنقذنا لغتنا من جمود في عصر سرعة، ومن خطر موت أمام سطوة اللغات الأخرى في زمن العولمة والحياة الافتراضية. لكن، ومن واقع لا يمكن حجبه، ترسم لليوم، كما للأيام اللاحقة، خطوط جديدة في مسيرة المعهد… فمن أولى المسؤوليات الملقاة عليه اليوم استعادة مكانته مرة أخرى في مجال البحث والدراسات والتدريب، ليبقى كما كان أساسا في جامعة القديس يوسف”.

أضاف: “وإنا، وإذ لا ننكر التغير الجذري في البيئة التي يتواجد فيها معهد الآداب الشرقية في العقود الأخيرة، نشدد على حاجة المعهد إلى مساعدة الجميع. لقد ولى الزمن الذي كان المعهد يتألق فيه منفردا ويزدهر بفضل طابعه الخاص حصرا؛ لهذا حان الوقت ليرسخ علاقاته بالجامعات العربية والغربية ويفعل المشاريع المشتركة معها، كما حان الوقت كي ينفتح على معاهد الجامعة وكلياتها، المدعوة بدورها إلى المساهمة في تعزيز معهد الآداب الشرقية ورسالته”.

وختم: “من مئة وعشرين سنة، مسيرة بدأت، وتستمر. دمتم ودام معهد الآداب الشرقية مشعا من قلب جامعة القديس يوسف في بيروت للبنان وللعالم”.

زميط

وألقى الرئيس الاقليمي للرهبنة اليسوعية الاب زميط كلمة قال فيها: “يشرفني ان افتتح احتفال الكلية الشرقية بمرور 120 سنة في المبنى نفسي المكتبة الشرقية مكتبة الصور متحف الصور متحف ما قبل التاريخ اللبناني المدرج والقاعة الحالية كل هذه الاماكن تستحضر على الاقل جزئيا جميع الوجوه الشهيرة للمعلمين والباحثين والاباء والاخوة اليسوعيين والاشخاص العاديين الذين التحقوا على التوالي بالكلية الشرقية هذا ما يعبر عنه ميثاق جامعة القديس يوسف الذي كتبه الاب جان ديكرويه  وعن اصالة الجامعة يمكن للاخرين ان يشهدوا افضل مني على المكانة الاستثنائية لمعهد الاداب الشرقية في دراسة وتدريس اللغة العربية وغيرها من اللغات القديمة والحديثة خلال حياة المؤسسة”.

وتطرق الى “الآباء اليسوعيين الذين تعاقبوا على التدريس والدور الذي ادوه من الماضي الى الحاضر”.

وختم: “في احتفالنا اليوم نتطلع الى المستقبل بتصميم وثقة ونسعى قدر الامكان لاعداد جيل جديد من الباحثين والمدرسين اليسوعيين وغير اليسوعيين الذين يواصلون العمل في هذا المجال المهم جدا الحروف الشرقيه في تنوعها”.

دكاش

وتحدث رئيس الجامعة دكاش قائلا: “فكرة إنشاء الكلية الشرقية في الجامعة اليسوعية، بعد إطلاق كليات اللاهوت والفلسفة والطب العام والصيدلة، هي فكرة قديمة سابقة ملازمة للنوايا والأفكار بشأن تأسيس جامعة أعطي لها لاحقا  في السنة 1875 اسم جامعة القديس يوسف في بيروت. في السنة 1813، اقترح المستشرق الأب يوحنا بوليغ (Bollig) على الرئيس العام للرهبنة الأب باكس (Becks) أن يؤسس في إكليريكية غزير “الأكاديمية الشرقية” التي سوف تسعى إلى تكوين الأساتذة الشباب والكتاب على الدراسات الشرقية. وذلك لمواجهة البروتستانت. فالبعض يمكثون إثر تكوينهم في غزير والبعض الآخر يعود إلى مقاطعته، البعض لتعليم الكتاب المقدس واللغات الشرقية والبعض الآخر قد حضن آراء البروتستانت كتابة، وهم الوحيدون العاملون في هذا الحقل العلمي. في السنة 1881، طرح الموضوع مجددا حيث إن الاقتراح الأول سقط ولم يعد قيد التداول، حتى مع فتح باب الدروس في الكلية الثانوية وفي الجامعة، أصبح الهم مركزا على تعليم اللغة العربية وآدابها في الصفوف الثانوية في الكلية وكذلك على السريانية والعبرية في كلية اللاهوت الناشئة آنذاك ومرة ثانية تأجل موضوع إنشاء الكلية الشرقية”.

أضاف: “الفكرة سوف تأتي للمرة الثالثة من روما، حيث إن الرئيس الإقليمي آنذاك الأب ماريوس بويون (Bouillon) طلب من الأب لوسيان كاتان (Cattin) في السنة 1902 بأن يباشر في جامعة القديس يوسف تدريس العلوم الشرقية ومنها اللغات العربية والسريانية والعبرية، التاريخ والجغرافيا والجيولوجيا المحلية، علوم الآثار، علوم الكتابات، المؤسسات والآثار اليونانية والرومانية، وهي علوم ينبغي أن تساعد بوجه غير مباشر دروس النصوص المقدسة. وهكذا تأسست الكلية تحت إدارة الأب كاتان مع الأب لويس شيخو كنائب للعميد ومديرا للدروس فيها. وهكذا افتتحت الكلية الدروس فيها في الثاني من كانون الأول 1902 معتمدة الحلقة الأولى لمدة ثلاث سنوات، حيث تم إضافة اللغتين القبطية والأثيوبية على لائحة اللغات المدرسة. ومن الوجوه التي لمعت في تلك الحقبة الأب موريس بويج (Bouyges) في الفلسفة العربية، الأب لويس شيخو في اللغة العربية وآدابها، الأب لويس جلابير (Jalabert) في علوم الآثار والكتابات، بول جوون (Jouon) للعبرية، هنري لامنس (Lammens) للتاريخ، ألكسي مالون (Mallon) لتعليم القبطية ولاحقا سوف يؤسس مدرسة الكتاب المقدس في القدس لتعليم العبرية، لويس وسيبستيان رونزفال (Ronzevalle) للغة اليونانية والعلوم والآثار والكتابات، وأنطوان صالحاني لآداب اللغة العربية. وإذا كانت السنة الأولى والثانية مفتوحتين أمام جميع الهواة، فإن إكمال السنة الثالثة بهدف نيل الشهادة مرتبط بإتمام السنة الثالثة والخضوع لامتحانات قاسية نوعا ما”.

وتابع: “في الوقت عينه، تم إنشاء مرحلة الدكتوراه في العلوم الشرقية، وقد رافع طالبان عن أطروحتيهما في السنة 1906، مما أعلى من شأن الكلية ومهد لصدور العدد الأول من “مزيج الكلية الشرقية”، المجلة التي أصبحت لاحقا “مزيج جامعة القديس يوسف” (Mélanges de l’Université Saint-Joseph). وهكذا من السنة 1902 حتى 1906، استمرت الكلية الشرقية ناشطة في تقديم برنامجها المكون من تعليم اللغات وعلوم الآثار والكتابات وغيرها من الدراسات. وفي السنة 1906، طلب رئيس عام الرهبانية اليسوعية بأن يتم إدخال تفسير النصوص المقدسة إلى البرنامج العام، إلا أن ذلك لم يتم بعد ملاحظات عديدة حول المشروع الخاص بكلية اللاهوت، مما جعل الرئيس العام يسحب طلبه. وعشية الحرب العالمية الأولى، كانت الكلية ملتزمة بالدروس العامة، إلى أن جاءتها تلك الحرب فتوقف عمل الكلية وبرنامجها، وتشتت المدرسون في أصقاع شتى”.

وقال: “مع النهاية الأولى للكلية، يتوقف المراقب ليقول إنها أكملت مهمتها بحث خرجت مئة ونيف من المتخصصين في مختلف المجالات، بين السنوات 1902 و 1913. عادت الدراسات الشرقية وضرورة التقدم بها الى الواجهة في السنة 1933، عندما أعلن رئيس الجامعة عن إطلاق سلسلة “دروس في الآداب الشرقية” لأنه لا بد من وضع ما حققه الاستشراق من نتائج في متناول الاختصاصيين، وكذلك طرق البحث العلمي مما يتيح تحقيق التقدم في هذا المجال. كان ذلك أول أهداف “الدروس في الآداب الشرقية” والتي انطلقت على يد مجموعة من الآباء والأساتذة والعلمانيين من بينهم رينيه موترد (Mouterde) المتخصص في علم الآثار والتاريخ وفؤاد أفرام البستاني في الآداب العربية وتاريخ المسيحية الشرقية، والأب جان مسريان في العلوم الأرمنية، والأمير موريس شهاب في علوم الآثار. ومع تواصل الدروس في السنوات اللاحقة والنجاحات التي حققتها مع توسيع دائرة المواضيع المدرجة في البرنامج، قر الرأي بين الأب موترد وعميد كلية الآداب في ليون – فرنسا، لوضع الدروس تحت رعاية جامعة ليون من ناحية التصديق على الشهادات التي سوف يعطيها معهد الآداب الشرقية كما جرت تسميته في جامعة القديس يوسف ببيروت، وذلك ابتداء من السنة الأكاديمية 1937-1938. وهذا الاتفاق دفع جامعة ليون إلى إيفاد العشرات من الأساتذة والاختصاصيين في شتى المجالات لإعطاء الدروس في بيروت ونيل شهادات مشتركة ما بين ليون وبيروت. ودامت هذه الاتفاقية فاعلة حتى السنة 1976 عندما تمت إعادة تموضع جامعة القديس يوسف في بيروت كجامعة لبنانية لديها شهاداتها الخاصة التي تمنحها لطلابها والمتخرجين من صفوفها”.

أضاف: “وهكذا فإن المعهد شق طريقه عبر تلك السنوات الطويلة من السنة 1937 حتى اليوم، فنختصر هذا العرض لمسيرته بالخلاصات التالية:

أولا: إن تأسيس الكلية الشرقية في السنة 1902جاء على خلفية كاثوليكية رومانية لتزويد الاختصاصيين في الكتاب المقدس وخصوصا الطلاب منهم بعلوم لغوية وتاريخية وحضارية لها علاقتها القوية بالكتاب المقدس أكان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ولقد تحقق هذا الهدف إبان المرحلة الأولى من عمر الكلية (بين 1902 و1913)، وكذلك في المرحلة الثانية، حيث شهد الكاردينال بيزردو Pizzardo، مدير دائرة الإكليريكيات والجامعات في الفاتيكان في السنة 1955، بأن العلاقة القوية بين معهد الآداب الشرقية وكلية اللاهوت، حيث تخصص الكثير من الطلاب في العلوم المقدسة، فعلت فعلها وأعطت النتائج المرجوة.

ثانيا: إن العلاقة بين معهد الآداب الشرقية وكلية الآداب في جامعة ليون من السنة 1937 وحتى السنة 1976  كان لها الصدى الطيب إذ إنها عززت أوطد العلاقات بين الجانبين الشريكين في مجال الدراسات الاستشراقية، وخير دليل على ذلك الدراسات المشتركة ومنها صدر في سلسلة دراسات وأبحاث الصادرة عن المعهد عن طريق المطبعة الكاثوليكية ودار النشر المنبثقة عنها، دار المشرق، والواقع أن إيقاف التصديق على شهادات المعهد من طرف ليون، ترك بعض الأثر السلبي على واقع المعهد ورسالته، مع العلم أن المعهد خلال السبعينات وحتى نهاية القرن العشرين، كان لديه قدرات وكفايات فكرية عالية تقودها مجموعة من اليسوعيين كأمثال رولان مينيه (Meynet)، لويس بوزيه (Pouzet) وميشال ألار (Allard) وغيرهم من العلمانيين واليسوعيين. وحاول المعهد أن يتخطى المرحلة مع ليون وكذلك موقعة الحرب الأهلية في لبنان، عندما فتح الأبواب، عبر الدبلوم في الآداب والفلسفة وغيرها، أمام طلاب العالم العربي، ومنهم من سوريا والكويت، والأردن وعمان وغيرها من الدول الذين كانوا يأتون بيروت لمتابعة دروسهم وتحصيل شهاداتهم. إلا أن إرث الحرب في لبنان وآثارها الهادمة عطلت مسيرة المعهد شيئا فشيئا، بالإضافة إلى تأسيس العديد من الليات والمعاهد الأدبية والشرقية في دول المنطقة والحد القانوني في استخدام الشهادات لتعزيز الصعود في الوظيفة العامة في بعض دول الوطن العربي جعل المعهد محدود الفعالية في مواجهته التطورات الجديدة.

ثالثا: إن المعهد اشتهر منذ أن كان كلية شرقية بعلماء ومعلمين واختصاصيين نبراسيين اختباريين من الآباء اليسوعيين وكذلك من العلمانيين الذين رافقوا أجيال الطلبة سنة بعد سنة وكانوا لهم خير الموجهين والباحثين والأساتذة، وهم بالعشرات من كل حدب وصوب واختصاص. ولا شك أن من بين المتخرجين والمتخرجات، أسماء لمعت اللمعان القوي في عالم الشعر والنقد والتعليم من أمثال أدونيس، عقل العويط، صونيا بيوتي، الوزيرة ليلى الصلح، وليد عبود، كاتيا الطويل، عبده وازن، أهيف سنو، أحمد الكواري، حسن فضل الله، غازي قانصوه، جبور عبد النور، أنطوان كرباج، إسكندر توما، أحمد مومنه، غالب غانم، محمد الخوالده، وغيرهم من كبار القوم في لبنان والمهجر. ولنا في هذه الكوكبة نموذجا صالحا لطلاب اليوم وللغد بأن يكونوا رياديين في الفكر، مبدعين في التعبير والفصاحة عن مكنونهم، شاهدين بأن الأدب والفلسفة والعلوم الأدبية ليست سحابة صيف عابرة بل هي طاقة تحملنا نحو المستقبل”.

وختم: “فتحية أخيرة أوجهها في هذه الافتتاحية الدراسة إلى مجمل العمداء والمدراء والأساتذة والبحاثة والطلاب الذين زينوا بوجودهم والتزامهم الأدبي والمهني تاريخ الكلية ثم المعهد منذ البدايات حتى اليوم. تحية لأولئك الذين في غيابهم وحضورهم الدائم أشرق المعهد ومسيرته بالكثير من العلم والمحبة والعطاء. وعندما نحيي السابقين فإنما نحيي العاملين اليوم من أجل الحاضر والغد، نقول لهم إن الجامعة تدعم مسيرة المعهد في رسالته إلى جانب الرهبانية اليسوعية في برنامج الفلسفة العربية والحضارة الإسلامية، وهي تدعو مسؤولي المعهد اليوم للتفكير كيف نستعيد الحضور بشكل فاعل على صعيد مختلف الاختصاصات الشرقية لأن الحاجة هي هنا وقدراتنا كذلك”.

الحلبي

وألقى الحلبي كلمة قال: “جامعة القديس يوسف المتجددة دوما والمتأصلة في تاريخنا اللبناني والعريقة تنويريا وعلميا. لكن اللقاء اليوم يتسم بمعنى مختلف في معهد الاداب الشرقية الذي يحيي الذكرى ال 120 على تاسيسه وتحوله معهدا اصيلا يحفر في التاريخ وتراثنا المشرقي ولغتنا العربية والفكر الانساني والانفتاح الديني والحريات. ينتسب المعهد الى المعهد الام الجامعة اليسوعية التي خرجت اجيالا وكفاءات وقادة راي ورجال دولة ساهموا في نهضة لبنان منذ تاسيس الكيان من دون ان ننسى نخبة المفكرين ورجال القانون والحقوقيين والموسوعيين والباحثين في مجالات معرفية شاملة في هذا المعهد كل الاطياف اللبنانية اذ انه نسيج اجتماعي في بوتقة واحده شكل تجربة رائدة ومميزة هي خير دليل وتاكيد على مسيرة جامعة القديس يوسف التي يقودها اليوم الاب سليم دكاش اليسوعي معززا دورها ورصيدها بسمعة اكاديمية ناصعة”.

أضاف: “يمكن الحديث كثيرا عن معهد الاداب الشرقية لكن بالنسبة الي يعني هذا الصرح الاكاديمي ساحة للتنوير وصفحة مشرقة في تاريخ لبنان واذا كان من كلمة تقال في تاريخهم فهي الدور الذي اداه الاباء اليسوعيون(كنتم ضد البروتستانت ونحن كنا مع البروتستانت) ليس في نهضة المعرفة وحسب وانما في نشر المعرفة والثقافة الموسوعية منذ ما قبل الاستقلال واعلان دولة لبنان الكبير ليس على مستوى دور المسيحيين في بناء لبنان فحسب بل التميز من انخراطهم مع المكونات اللبنانية الاخرى طوائف ومذاهب في التاسيس للصيغة عبر الشراكة وتنظيم الخلاف. ان هذا المعهد وجامعة القديس يوسف ساهما في بلورة الرؤية حول لبنان الذي نال استقلاله عام 1943 والاهم ان هذا المعهد وقبله الكلية الشرقية صمدا في حربين عالميتين واستمرا في تخريج الطلاب ومنهم من اصبح علامة في اللغة العربية حاملين تراث الشرق ليكتب المسيحيون اسمهم في تاريخ العربية حاملين شعلتها الى جانب الحضارة والتراث الانسانيين وهم خدموا المجتمع اللبناني ايضا انطلاقا من رسالتهم الرهبانية وعلومهم وساهموا في انمائه وتطوره”.

وحيا “النهج الذي تعتمده الجامعة والمسار الثابت التنويري لمعهد الاداب الشرقية فوظيفة الجامعة الاصل هي البحوث الاكاديمية ومن هنا تؤكد طليعيتها في النظر الى المستقبل ساعية دوما الى التطور”. وقال: “لا تستسلموا للصعوبات ولا تزيحوا عن الثوابت ولا تجنحوا الى الاستسهال في مقاربة قضايا التعليم العالي. ان المعهد الذي يستمر في تادية وظيفته يبقى مدرسة مثالية وركيزة لنقل المعرفة وانتاجها وابتكار الحلول لخدمة المجتمع ولا اخفي عليكم اننا نمر في اخطر مرحلة للبلد حيث الانهيار ادى الى تفكيك النسيج الاجتماعي نحن نعيش ازمات وانهيارات طالت الوطن والمجتمع وكانت للتعليم العالي حصة وازنة منهما لكننا عملنا ونعمل على تحصين التعليم العالي ودفعه للالتزام بالمعايير الاكاديمية وهدفنا هو تنقيته من الطفيليات التي دخلت عليه والنهوض به على قاعدة واضحة وتامين متطلباته بخطط انية وطويلة الامد وعلى رسم مستقبل لبنان التربوي والعلمي ولابد للمعهد ان يقرا واقعه على مختلف المستويات والتعليم والبرامج والابحاث للاستمرار في رسالته العلميه والانسانيه التي نشا على اساسها”.

وجرى عرض وثاقي عن المعهد

وكانت مداخلات لكل من البروفسور اهيف سنو عن معهد الاداب الشرقية واللغات القديمة، البروفسور جرجور حردان عن الممارسة الاكاديمية في المعهد، الدكتورة زكية نعيمة عن المعهد وتحديات المستقبل.

اترك رد