برعاية رئيس الجامعة اللبنانية د. بسّام بدران، ممثلا بالعميد الدكتور أحمد رباح نظم “منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحاده الثقافي” ندوة حول ديوان “قال ضوع الياسمين” للدكتور محمد توفيق ابو علي (منشورات منتدى شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي) في قاعة المحاضرات في الإدارة المركزية الجامعة اللبنانية –المتحف، في حضور حشد من أهل الفكر والثقافة والإعلام.
تحدث في الندوة: رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء الشاعرة ميراي شحاده، الشاعرة د. يسرى بيطار، الدكتور أحمد نزّال، الدكتور علي زيتون، الشاعر العميد د. محمد أبو علي الذي وجه كلمة شكر وتقدير إلى ناشرة الديوان المهندسة الشاعرة ميراي شحاده وألقى قصيدة “يا بلال” من الديوان مهداة إلى روح الشاعر الراحل بلال شرارة. قدم الندوة أدارها الدكتور محمد ماجد.
في ختام الندوة وقع الشاعر العميد د. أبو علي الديوان وقدمه هدية للحاضرين.
في ما يلي كلمات المهندسة الشاعرة ميراي شحادة والشاعرة الدكتورة يسرى البيطار والشاعر الدكتور محمد توفيق أبو علي.
ميراي شحاده
شاء الياسمين، يا أحبّة، أن يعبقَ بسرّه وهو يتصاعد ويتسامى من أجران الزيت، هناك حيث همت دموعُ زيتونِ كورتي في رَحى الكلمات … فكان هذا اللقاء!
لقاء كامد اللوز وكوسباي الخضراء…عناق أبجديّة لا تعرف سوى المحبّة والعطاء…
كقوافلَ من ربيع هو يسري بيننا، ومن أغلالها تفتّقت أزرار ياسمينه وراح ضوعها يراقص ندى فجرٍ وحمرة غسقٍ ودجنّة ليلٍ والشعر سلطانها، وحولَه القوافي الساحراتُ المزنّرةُ خصورُها بمحابره الزرقاء وعيونها كالزيتون خضراء، تميس بيننا اليوم يمينا ويسارا!
تذوّب الوجد وتعيدُ مع عميد الأدب والإنسانيّة عقارب الساعات وهي زاهدةٌ في ضوع ياسمينه، تتكتك ولهى أمام مراياها.
تستذكر على جدران كعبته، مارديَّ الشعر عبدالله شحاده وبلال شرارة…وأنا في حضن الألى، كطفل يتّمته الأقدار يا د. محمد ، فسجد في محراب رويّكم ، يتوضّأ بضوع ياسمينكم ويَنذُرُ الراحاتِ رفعة للسماء يصلّي. علّاه يعود أبي في ليلة ميلاد مخبّأً كالهدايا في معارج قصائدكم وتطواف دواوينكم… مع كلّ إصدار من منتدى شاعر الكورة الخضراء الثقافي أراه يتجلّى عبركم وبكم وأنا أتدثّر بضوع حنانه من ضوع ياسمينكم.
لن ينأى غيثٌ ولن يشيخ حنينْ
ما دام الحب يؤوب فجر الحالمينْ،
وشعرك الرضاب يفور من ضوع الياسمينْ.
ما دام يا عميدُ شذاك في العشق لا يستكين
وغيمك يذرف قصائده كالأحمر القانيّ في الشرايين
أسلمتني أشهى موائدك البيضاء ياسمينُها وأسلمتك أبي كي يحيا بك من أبيضَ كفنُه كسنديانٍ في مروجك الخضراء حيث فاضَ نورُك فأيقظت الضلوعَ من لحدها وأضرمتَ بي الحنين.
مبارك لك يا ملكَ الياسمين وملاك النبْض الصافي وحارث الأقلام والكتب واللغة الأمّ في الميادين، مبارك من منتدى الكورة الخضراء وشاعرها ديوانُك الأخضر : قال ضوع الياسمين.
هناك حيث تصدح أوتار الريح في الملاحم
ولجين الشعر يتلألأ، مموسقَ الحروف باسطاً حشرجاتِه على مدارجِ الضوء وموانئ الإبداع…
بايعتني ضوعَ ياسمينك يا سيّدي وبايعتك ضوعَ أبي فخلّدت رحيق ذكراه في ملاحمَ من ضوع الياسمين.
د. يسرى البيطار
سيّدًا ياسمينيًّا في ” بهْوِ المرايا “، يتكَوكَبُ بالمناجاةِ كلمةً نورانيّةً، فيصيرُ الكونُ عطرًا وشِعرا.
وعلى سفنٍ بأشرعةٍ علويّةٍ يبحر في الأزمنةِ والأمكنة، لتتوضّأَ أربعةُ الاتجاهاتِ بماء الياسمين، ويؤذّنَ “البلالُ” بآياتٍ مُنزَلات.
فيا عميدَ الآدابِ، والعطرِ في الوَرق، وعميدَ الأهِلّةٍ في الشفق، سيظلُّ يزهِرُ في بلادي الياسمين، ما دمتَ تخطُّ على مشارِفِه ألوانَ الشغف، وترشُّ على مدارِه وحيَ الضوعِ والضوء.
ضوءٌ على وجه المساء كأنّما
أشرَقْتَ بالمعنى هدًى للعاشقينْ
ورسمْتَ قوسًا للقصيدةِ لونُهُ
قُزَحٌ، يغازِلُ، إنْ هَمى المطرُ الحزينْ
أنا مثلُ قلبِكَ، في رَهافةِ نسمةٍ
أو دمعةٍ عَبرَت بخدِّ المتعَبينْ
أنا وردةٌ لا شوكَ يَخدشُ ظلَّها
أنتَ الذي رَيّاكَ ضَوعُ الياسمينْ
ضجَرٌ أنا يُلْهيهِ برقُ غمامةٍ
في الظَنِّ أو بعضُ اكتواءٍ بالحنينْ
وعلى نبيِّ الحُسن أقرأُ آيتي
فأصيرُ طهرَ الثّلجِ، إنّ الحبَّ دِينْ
غصنُ الكرامةِ أنتَ زهرُ يقينِهِ
والغيبُ لا أهواه إلاّ باليقينْ
تاجًا سمَوْتَ على المكارمِ كلِّها
كالشّمسِ إذْ وَسِعَتْ ظلالَ العابرينْ
د. محمد توفيق أبو علي
شكر وتقدير
إلى ميراي عبد اللّه شحاده،
-كديمةٍ مثقلةٍ بالمطر، تمرّ باستحياء وخجل، على الواحات العطشى، تسألها قَبول مائها، بلطف وخفر.
-كياسمينة تولم ضوعها، لكلّ وردة أعطشها تصحّرُ الزّمن.
-كنجمة احتبسها الضّوء منذ الأزل، وصلت إلى السّمار في ليل مدلهمّ.
-كطفلة كبرت في غفلة عن الزّمن، ثمّ استيقظت، وآبت إلى طفولتها، فنذرت أن توقظ في الكبار أطفالهم.
-كمحميّة لم يصبها التّلوّث، تستدعي إليها الطّيور المهاجرة التي أرهقها رصاص القنّاصين، وتحميها بحبّها، جاعلة معارج خضرتها وكنات لها.
هذه هي المرأة التي أتحدّث عنها؛ وهي ليست من خيال في الظّنّ أو الوهم، بل هي في لباب اليقين، وعلى أرض الواقع؛ وهي تزعم أنّها لم تتقن الطّهو؛ وحرفها يشهد باكتمال النّضج في أشهى الكلام؛ وتدّعي أنّها لم تقتنِ الحلى والثّياب، وهي تُلبس الإبداع، في كلّ ناد تحضره، قشيب الثّياب وأحلى الحلى.
وتقول… وتقول ما أوافقه أو ما لا أوافقه حتّى أذعن لقولها:
“بوهيميّة تائهة أنا في ربوع طفولتي… علّمتني الحياة أن أعصر من ألق أتراحي أفراحًا في مقل الآخرين”.
يومَ قرّرتْ أن تطير، طارتْ؛ ولا تزال في ارتقاء من حبّ إلى حبّ، ومن إبداعٍ إلى إبداع.
ميراي شحاده أيقونة حرف، في زمنٍ تشرّدت فيه الحروف، فألجأتها إلى روحها، مثابةً تقيها شرَّ التّشرّد والضّياع، وأسبغت عليها، من جمر الشّوق والحنين، لهبًا صدّاحًا، يرنّ صداه كأجراس الكنائس أو كخطب المساجد، في مأدبة صلاة تقيمها القوافي في رَدْهة الفجر، كما أسرّت بذلك للكبير الكبير أبيها الشاعر المبدع عبد اللّه شحاده، لروحه الرّحمة، ولحرفه دوام التّألّق والسّطوع.
ميراي شحاده: وعدتِ أباكِ، ووفيتِ بعهدك ووعدك؛ فقد دحرجتِ عن قبره الصّخرة، بوفائكِ النّبيل وعطائك النّقيّ؛ ودرتِ به، مهلّلة في ساحاتِ المجد، مع كلّ حرفٍ أسهمتِ في نشره.
ميراي شحاده: جميلةٌ أنتِ، أيّتها الطّفلة الكبيرة العصيّة على الزّمن… وجميلٌ هذا الزّمن -رغم قساوته- لأنّك فيه.