استضاف “نادي قاف” للكتاب، الكاتب السوري المقيم في ألمانيا جان دوست، ضمن لقاءاته الشهرية، لمناقشة روايته “باص أخضر يغادر حلب”، في لقاء أدارته نجاة الشالوحي، عبر “الزووم” أونلاين.
يكن
بداية، كانت كلمة لرئيسة النادي الدكتورة عائشة فتحي يكن، قالت فيها: “مما لا شك فيه أن الحروب تنتج أدباً خاصاً بها، تطور عبر العصور من ملاحم تمجد الحرب، وتصنع البطولات الوهمية، وترسم الصور الأسطورية للقادة والجيوش، إلى أدب يتأمل في مغزى الحرب وجدواها، مروراً بالثورة الفرنسية وما أعقبها من بروز أفكار جديدة لمفكرين مستنيرين، وصولاً إلى الحربين العالميتين اللتين أنتجتا عدداً هائلاً من كتّاب الأدب والرواية المناهضة للحرب”.
وتابعت: “رغم الاتجاهات والميول السياسية المتنوعة لهؤلاء الكتّاب، يمكننا القول إن الأدب العالمي اليوم أصبح منبراً للتعبير عن آمال ضحايا الحروب وتطلعاتهم في كل مكان. ولم تختلف الحرب في سوريا عن غيرها من الحروب، حيث أنتجت روايات مناهضة ولدت من رحم المعاناة والأهوال ومآسي الناس البسطاء، ومآسي الأمهات الثكالى والآباء المكلومين الذين يدفعون ثمن ما لم تقترفه أيديهم”.
الشالوحي
بدورها، لفتت نجاة الشالوحي إلى أن رواية “باص أخضر يغادر حلب” “تستخدم الأسلوب الواقعي في سرد الأحداث، فيتكلم على لسان “أبو ليلى” السبعيني، الجالس في باص أخضر ينقل المدنيين والمسلحين، فيسترجع الماضي وأحداثه”، وتنتهي الرواية” لحظة اكتشاف موته، حين طلب منه العسكري إبراز هويته، فتبين أنه قد فارق الحياة، هو الذي كان ينتظر موتاً يتمناه في مدينته التي تموت تحت نظره”.
دوست
ثم تحدث الكاتب دوست، فاكد أنه “يكتب الرواية بوجع، بعد أن حدثت الثورة في سوريا ثم انقلبت إلى حرب طاحنة بين الفرقاء الذين لا يهمهم الإنسان السوري، و”هذا ما دفعني إلى الانتقال نحو الكتابة عن العمق السوري وتحديداً عن الهامش الكردي، فكتبت أربع روايات، لا أنقل فيها من خيالي شيئاً، بل أكتب قصص الناس الذين أستمعت إليهم وأبكي عندما يبكون، وأراهم عيانا وهم يتعرضون للظلم والاضطهاد الكبير”.
وقال: ” انا كمواطن سوري رأيت ماذا تفعل الحرب بالإنسان قبل الصورة السورية بعشرين عاما، عندما شارك ضمن قوات الجيش السوري في لبنان”، وأشار إلى أنه” أحب اللغة العربية منذ طفولته، وهو ككردي ليس بعيداً عن اللغة العربية، ولكنه كان يرفض الكتابة الإبداعية باللغة العربية، ولم يستخدمها سوى متأخراً بعد نشوب الحرب السورية، من خلال رواية “دم على المئذنة”.
وشدد على أن “رواياته حول الحرب، تميزت بالانفعال الكبير الذي لا ينكره، وكان الجو مشحوناً بالدم والقتل ولم يكن أمامه إلا التسجيل والتوثيق للكارثة السورية فقط. وبالتالي فلم ينشغل بالأساليب الروائية وفنون الرواية بل انصب اهتمامه على تسجيل معاناة الإنسان في رواية ربما تنفع في المستقبل لمن يريد أن يبني عليها”.
غمراوي
ثم تحدثت عضو النادي هناء غمرواي، مبدية بعض الملاحظات حول الرواية،” أولها سلاسة اللغة وعمق الأسلوب السردي، حيث يمكن ملاحظة الواقعية التي تسود الرواية، وتسرد معاناة شعب كامل، وسيرة مدينة كاملة في العام 2016″.
شعراني
من جانبها، أكدت الدكتورة وفاء شعراني أن “عروقها كانت تنتفض مع قراءة كل كلمة، “ونعرف أننا نعيش الحرب السورية كلبنانيين وكسوريين، ولم تفارقنا كل مناظر الفظائع والعنف المفرط”.
ولفتت إلى أن “قراءة الأعمال المتعلقة بالحرب “وكأنني أمشي من طرابلس إلى حلب” ، مبدية “الإعجاب ببنية الرواية التي تتضمن “ورة داخل صورة”، وكأنها خارجة من عفوية الكاتب في ملاحقه لشخصياتها، ومن اللافت استعمال اللجهة العامية، والمرور بالمواويل والموروث الشعبي الحلبي، إلى جانب اللغة العربية الفصحى”.
وعبرت عن “استغرابها كيف تجاهلت القومية العربية الكرد والأمازيغ، ولكن الكاتب تجاوز هذه القضية”، مبدية” إعجابها بالأسئلة التي طرحتها الرواية، بداية بجدوى الحرب، على لسان “أبي ليلى”، والأسئلة التي تكثفت في الفصلين الخامس والسادس لتنتهي بطريقة سريالية موجعة”.
كما وعبرت عن “رغبتها لو طالت الرواية ووصف بشكل أدق مدينة حلب”، آملة أن” يحصل ذلك في رواية أخرى ربما”.
وأكدت أن “النهاية السريالية لـ”أبي ليلى” ، والدفق المستمر من الحب في قلبه، قضت عليه الحرب”.
مداخلات
وكانت مداخلات عدة لأعضاء النادي، ركزت على الأسلوب الأدبي للرواية، ودقتها في سرد يوميات الحرب ودقائقها وتفاصيلها، وقدرة الشخصيات على تجسيد أفكار الكاتب وانطباعاته حول هذه الحرب التي لم تنته فصولاً بعد.