هرعتْ امّي إلى غرفتي، بينما كنت أصرخ: في بيتنا شبح.
سالتني امي: اين هو الشبح؟
اجبتها:
لقد رايته للتوّ. كان هناك في الزاوية، في كلّ الزوايا. عزف على الأورغن لحناً كئيباً، ثمّ اقترب منّي، وشدّ بقبضته الثقيلة على عنقي. حاولت أن أبعده، فلم أفلح. قبضة من الجليد، عاتية ومؤلمة، وما أزال اشعر بها… أردت أن أرفع صوتي ليسمعني أحد، فلم تخرج الكلمات من فمي.
تعجّبت أمّي وهي تتمعّن في تفاصيل وجهي، لتعرف هل أنا في وعيي الكامل، أم إنّني أهذي، وأؤلّف قصّة لا معنى لها.
سألتني بشفقة: أين هو الآن؟
قلت: قفز من النافذة المفتوحة إلى الحديقة… أنظري من النافذة… ستجدينه هناك.
مشت إلى النافذة، وألقت بنظرة منها إلى الحديقة، فقلّبت شفتيها، وقالت :
ليس في الحديقة أيّ شبح… لا تخف يا ولدي… جميعنا نرى أشباحاً في الأحلام. ولأنّنا مخرجون حاذقون، تسدل الستارة على الحلم. ونهرب إلى الواقع، فتختفي الأطياف والعفاريت… انت الآن في الواقع. وفي الواقع لا وجود للأشباح المخيفة. والشبح الذي كان يزعجك في النوم قد تلاشى عندما فتحتَ عينيك على الحقيقة.
قلت لأمي: لم أكن نائماً… كنت مستيقظاً طوال اللبل، ولو نمت دقيقة واحدة، لكان ممكناً أن يكون الشبح في أحلامي… صدًقيني… صدّقيني… إنُه جزء من يقظتي، ولذلك اريد أن انام لكي أسدل الستارة عليه، ولا يكون له وجود في الواقع.