اسماعيل آلرجب – العراق
رحلتْ إلى دهاليز الغياب، فلم أعدْ أسمعُ لها صوتاً، ولاْ تغمُرني بنظراتها، تركتني في دوّامة الفقد، رحلتْ ” لكنّ صورتَها لاتفارق خيالي، كانتْ حيثما أجلسُ تتسلل الى داخل معطفي، تتمددُ على كبدي، تتحسّسُ أنفاسي، تشعر بالدفئ والأمان فتنام، وكنتُ أطيل الجلوس حتّى تتنمّل أطرافي، خشية أن تستيقظ..
قُرِعَتْ بغيابها أجراسُ البكاء، ونزلَ الألمُ من كبريائه، إنّها لحظةُ الاغتسال بدموع الأحزان، لحظةُ الصراخ والنشيج، فلترددي صوتي ياجبالَ الثلج، رددي أيتُها الأشجار صدى الأنين، لعلّك تشربين بعضَ وجعي، علّقي على أغصانك ثمرات ندمي، فأنا غريقٌ في قاع الجنون، ثَمِلٌ بالموت منذ سنين..
أبحثُ عنّها في طرقات الضّياع، في أفرع اليأس، بين بيوت الحيرة، لم أترك سرداباً من سراديب الوحشة، ولانفقاً من أنفاق الخوف، ولا بابا من أبواب الأمل إلّا طرقته، ولكن “واحسرتاه على الضياع ، كأني الآن مفقودٌ…
عدتُ أدراجي حين وجدتُ نفسيَ تائها ً
الطريقُ الموصل الى بيتي من هنا”،
لا ” بل من هناك..
تقودُني قدماي الى ذاكرة المكان الخرساء، تكلّمني بالاشارة “: أين أنا؟
لا أدري !
خطواتي ملغومةٌ بالكآبة واليأس، تجسّد أمامي بابَ الدار، ولمّا أدخلت المفتاح تيقنت أني قد وصلت، وأنّ هذه الدارُ داري، جلستُ في غرفة الضّيوف كي أرتاحَ، وحين سمعتُ مواءها، ظننتُ أنّي أتوهم، لولا أنّها ركضت نحوي ودخلت تحت معطفي. ونامت كعادتها على كبدي.