نوبة صراع.. (قصة قصيرة)

 

   إسماعيل آلرجب

                                                  (قاص وناقد عراقي)

يبحثُ عن نافذةٍ يطلُّ منها إلى فضاءٍ خالٍ من الدخان، يريدُ أن يَرى الأشياءَ على حقيقتِها، في المشهد كلبٌ يَعوصُ كلّما أخترقتْ شظيّةٌ من الأغصان اليابسة جسدَه وهو يركضُ يميناً وشمالا، كذلك كان الهجومُ لتشويه مشهد الغابة بالشّظايا، وماذا بعد ياصديقي؟

يقول : أرى اغصانَ الأشجار تتكسّرُ و تَتطايرُ من شدَّة العَصف، القذائفُ المختلفة تتساقط ُعشوائياً لتُبعثرَ الأجساد وتحيلُها إلى أشلاءَ، هناك كلابٌ تتهارشُ يغرزُ احدُها أنيابَه المدببة بالآخر فيدميه، جولاتٌ من العراك المستمر حتى يسقطَ أحد الخصوم صريعاً فيأكلونَه.

بعد أن غابَ الأحياءُ وقفتُ أنظرُ الى آثار دماء تم لعقها،،هناك  بُقعٌ حمراءَ فوقَ بياضِ الثّلجِ، مدّ أحدهُم كفّه، كان بياض لحيته الطويلة كبياض الثلج أعطيته دينارا واحدا لكنّي ندمت، ورحت أفتش في عقلي أكنتُ مخطئا؟

فوجدتُ أنّه خدعني، لم يكن فقيرا بل كانَ نصّابا، النصبُ والاحتيال كالدخان يعكّرُ الأجواءَ فتضيعُ معالمُ الأخلاق، كنتُ أتوجسُ الأرض المعتمةَ بأقدامي، أخشى أن تعترضَني حفرةٌ تبتلعني، وحيدٌ أنا في غابة الأوهام، أسمعُ عواءَ الذئاب يأتي من أعماق الظلام، أتنفّسُ الخوفَ فأرتجفُ، كنت ألحظ ارتعاش اصابعه وجفنيه وهو يتحدّث، حدقات عينيه تدور، يوشكُ أنْ يُغشى عليه، فبادرتُ برش الماء البارد على وجهه، لكنَّه وقعَ الى الأرض وبدأتْ أطرافُه ترتعش وعضلاتُه تتقلّص، وضعتُ شظيّة من الأغصان اليابسة بين فكّيه وتركته لحالته.

اترك رد