48 سنة على رحيل أيقونة الطرب

 

حاطوم مفيد حاطوم

                                  (كاتب لبناني)

 

المعادلة عن حياة الست أم كلثوم، والسياق لكنوز الشعر الذي تسابق الشعراء لتغني شعرهم (فاطمة إبراهيم البلتاجي)، والتي توفيت في القاهرة في الثالث من شباط عام 1975.

أسأل، هل رحلت كوكب الشرق (أم كلثوم) وإلى الأبد؟ كيف ذلك؟ وقد أقول فيها الكثير، حسبي هنا أن أسوّق عناوين كبرى ومقولات بحاجة ماسة إلى شرح وتفصيل، أندب نفسي لها يوم أعود إلى أغانيها، فأرخي عنها قبضة الإيجاز، وألجأ إلى التحليل والتفسير.

كوكب الشرق أم كلثوم الإسم الذي له مداه والصوت الذي له صداه. لجمهور لا يسمع إلّا صوتها، الذي يثير التساؤلات، ويبعث على التأمل، ويضع العقل أمام امتحان الذات ومراجعة الحسابات. فهدمت الحواجز وأصبحت مطربة بلا حدود.

أسرت جمهورها في سماء أغانيها، وشمسها التي أنارت فيها ظلمات البصائر، حيث كانت ومازالت طريق حياة، اتسمت بالإحساس والنفس الفنية، والمشاعر الوجدانية، وفيها أيضاً، الجرأة في الطرح والمواقف، من دون شح أو بخل.

أم كلثوم المطربة المتفردة، مازالت حاضرة بعد 48 سنة غياب، تحلّق خالدة في أذهان وقلوب جمهورها المتجدد بسيرتها ومسيرتها، بقصائد غنتها ومنها: ثورة الشك، وكذلك من أجل عينيك تكملة لثورة الشك للأمير عبدالله الفيصل، التي تحمل تداخلاً بثالوث ابداعي (الشاعر، أم كلثوم، والثائر)، يحملون فيها قضية رسولية إلى محيطهم أو مجتمعهم. قضية مشروطة بواقعها، وملبّية نداء هذا الواقع في تطلعه وتغيّره. وكذلك بعد 14 سنة من غناء ثورة الشك غنت من أجل عينيك عشقت الهوى سنة 1972 وهذه الأغنية تكملة الدون للأمير عبد الله الفيصل فيها العتب والدموع وفيها حبه لوالده الشهيد الملك الفيصل بن عبد العزيز، حيث يقول به من بريق الوجد بعينيك أشعلت حنيني وعلى دربك ان رحت أرسلت عيوني، وهاتين الأغنيتين محور الشر الأخير ولولا الست غم كلثوم، لكانت انطمست الحقيقة، وكل الذين كتبوا عن أغنية ثورة الشك، كانت كتاباتهم لا تمت للحقيقة بشيء للأسف الشديد.

لقد كتبت، عنها منذ 14 سنة في ذكرى ال 34 لرحيلها في جريدة (الحياة اللندنية).

رحيل أم كلثوم، أثقل وأغرق العالم بالدموع المتفجرة، الذين فاخروا ويفاخرون بما كان لديها من حضور، لأنها كانت الكل ومع الكل، للقريب والبعيد.

في ذكرى رحيلها، أردد وأقول: ألم يكن من المفترض أن يكون بيت سيدة الغناء العربي أم كلثوم، معرضاً ومساحةً تفاعلية لينتقل الزائر إلى عالمها، ويخوض رحلة التعرف على تجربتها الفنية والحياتية، ومكانتها في الثقافة المصرية والعربية المعاصرة.

الرئيس جمال عبد الناصر لقبّها بالهرم الرابع لمصر، بحيث وفيت قسطها للمجد، واتخذتِ لخلودها أهبته من زوال الحياة.

وفي ساعة رحيلها، أعلنت إذاعات الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب عن وفاتها، بعد ظهور يوسف السباعي ليلقي النبأ، بينما وقف رئيس مجلس الشعب المهندس سيد مرعي دقيقة صمت حداداً، وأرسل الأمير عبد الله الفيصل هدية عبارة عن عدة ليترات من ماء زمزم وصلت مباشرة من الأراضي المقدسة كواجب أخير لسيدة الغناء العربي، وشيعت جنازتها المهيبة من أكبر الجنازات في العالم، إذ قدّر عدد المشيعين بين 2 إلى 4 ملايين شخص.

القابها، سيدة الغناء العربي، فنانة الشعب، شمس الأصيل وقيثارة الشرق، فلقبت أيضًا بـ”ثومة”، “الست”، “صاحبة العصمة” و”كوكب الشرق”.

رحمة الله (ج.ج.) على مثواها الكريم.

وللبقية تتمة…

اترك رد