اسماعيل آلرجب – العراق
يجتاحني النّدم، كدخان كثيف، اسود، يهمي بالسّخام، يستولي على ضميري، ويزداد عذابي أكثر، حين يتهرّب زوجي منّي، كي يلملم اشتاته، من أثر الصّدمة.
-اقتلني فلم اعد احتمل العذاب!
لكنّه يمضي الى وحدته , يدسُّ رأسه بين ركبتيه، فأسمع نشيجه، وكأنّه يُقطّع احشائه، تسألني طفلتي : مابه ابي ياأمّي ؟ فأُحار كيف اجيبها واتمنّى لوتبلعني الارض .
اخيرا قرر زوجي، مغادرة المدينة، والعودة الى القرية.
في محطّة انتظار القطار، هو يُمسك الطفلة بيد، والحقيبة باليد الاخرى، بينما اقف انا على مسافة منهما، قررت بداخلي، ان انقذه، وانقذ نفسي من العذاب، بأن اركض باتجاه القطار، قبل توقفه، والقي بنفسي على سكته، فيدهسني…
انظر الى الافق البعيد، اترقّب ظهور وجه عربته، وسماع صوت النحيب، يصدر عنه، وسعال الدخان من انبوبته .
اجول ببصري الى اعلى،، اسراب من الطيور تجوب الفضاء، اتخيّل انّي اطير، اهرب معها، لكنّي اتحسس جسدي، فأجده ثقيلا، كأنّه كتلة من حديد.
لم يكن جسدي بهذا الثقل، قبل الحادث، حادث تحوّل الى عذاب، لوعة، مرارة بطعم العلقم، كان الشيطان يترصدني، يتمثّل لي بصورة شاب وسيم، مثير، يقف في باب شقته المقابلة لشقتنا، يرصّد حركتي، كلّما اخرج لالقي بالنفايات، في سلّة القمامة، كنت في البداية ارفضه، أميل بوجهي عنه، كي لاأنظر اليه، لكنّه بمرور الوقت،اضحى يجذبني اليه، نتبادل النظرات، ثمّ الابتسامات، والجاذبية بيننا تشتد، كان زوجي كالعادة، يستيقظ مبكرا، يأخذ بيد طفلتنا الى المدرسة القريبة، قبل ان يذهب الى عمله،وابقى وحيدة، أُشغل نفسي بتنظيف الشّقة، والقيام بالفعاليات اليومية، من غسل الملابس، مسح البلاط، تحضير الطعام، ثم اجلس لمطالعة الكتب، ساعتها، ضحى، في وضح النهار، كان الممر بين شقتينا خاليا، دخل خلفي مسرعا ‘اغلق باب الشقة، باغتني بالقبلات، كنت ادفعه عنّي، فيعود لاحتضاني وتقبيلي بعنف، واخيرا استسلمت له +++ .
في هذه الاثناء، كان زوجي قد عاد لأمر ما، ورأى بأم عينيه مسرح الخطيئة، خرج الشيطان مسرعا، بينما وقف زوجي مصدوما، مذهولا، مرتبكا.
القطار قادم، أسمع صوته يقترب، ينفث الدخان، من انبوبة في رأسه، يقترب اكثر فأكثر، ركضت باتجاهه باقصى سرعة، حتى صار بيني وبين الموت خطوة، خطوة واحده، وينتهي كلّ شيء .