د.علي حجازي
رآه يُحرِّك أصابعَ يديه ،
كأنَّه يعدُّ .
ثبَّت نظره عليه ، على فمه ويديه اللتين راحتا ، بعد العدّ، ترسمان في الهواء خطوطاً غريبة
دنا منه أكثر وأصغى ، لعلّ كلاماً يصدر منه فيدينه ،ولمّا لم يسمع أيّ كلمة تقدم منه وقال:
-أنت موقوف.
-بأيّ تهمة ، وأنا لم أفتح فمي بكلمة ؟
-هذا ما يغيظنا، فلو نطقت لعرفنا سرّ صمتك. على كلّ لا يهمّ،
فتهمتك واضحة
-ما هي قل؟
-أنت تعدّ على أصابعك فأنت مهموم ومدين .
-أنا أسبّح الله يا أخي، وهل التسبيح جريمة ؟
-لا ؛ ولكنك تدعو الله بعد التسبيح أن ينتقم منّا، أليس كذلك ؟
-كيف عرفت أنّني أدعو الله أن يريحنا منكم ومن أفعالكم ؟
-إذا لم تدعُ بهذا فبمَ تدعو إذاً ؟
-ألا تخشى الله يا رجل ، فأنا لم أرفع رأسي إلى السماء ، ولم أتكلم . ولم أقصد أحداً بسوء
-لا أعرف ، فجريمة من يشهر المسدس الناطق إن لم يصب أقلّ من جريمة الصامت حين تشهره ولم تطلق . تعال .
-ألا تخاف الله ؟ فعاقبة الظلم وخيمة .
-“حط بالخرج ” ، ثمّ أنت تتوعّدنا ؟ تعال .
-كان منظره يدمي القلب وهو يًسحَبُ من ياقة قميصه ويمضي … ( قال شاهد عيان ذلك وهرب) .
قبريخا – جبل عامل