نظمت الجامعة الاسلامية في لبنان وجمعية “التواصل والحوار الانساني” ومجلة “الحدث والخبر كام نيوز” وجمعية “كن ايجابي” أمسية ثقافية وشعرية، بعنوان “جماليات اللغة العربية”، في قاعة الأحتفالات في مقر الجامعة – خلدة، لمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، حضرها الى رئيس الجامعة البروفسور حسن اللقيس، عميد كلية الآداب البروفسور سليمان حسيكي، الامين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور الياس زغيب، وحشد من الباحثين والأدباء والكتاب والشعراء واساتذة الجامعات والاعلاميين والمهتمين وطلاب.
افتتحت الأمسية بالنشيد الوطني قدمتها رئيسة جمعية الحوار والتواصل الانساني الاعلامية ايمان عبد الملك التي قالت: “لغتنا هويتنا من يجهلها يجهلنا، هي مصدر فخرنا واعتزازنا، حملناها تراثا وطنيا قوميا اصيلا، لتكون لغة المبدعين والمفكرين”.
أضافت: “للغة قيمة جوهرية في حياة كل أمة، إنها الأداة التي تحمل الأفكار وتنقل المفاهيم، فتقيم بذلك روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة لتكون الترسانة الثقافية التي تبني الأمة وتحمي كيانها. أما اللغة العربية فهي مفتوحة للتواصل الدائم على مدى العصور، أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفوي والمكتوب، الفصحى والعامية ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية لترسل آيات جمالية رائعة. تفوقت على الكثير من اللغات وتعد أغناها بالمفردات والمتفردات، ساهمت في الابداع والمشاركة في اثراء الحضارات، فالحفاظ على لغتنا هو وجه من وجوه التحرير الوطني والتخلص من الرواسب الاستعمارية، هي جزء لا يتجزأ من الشخصية الوطنية، إنها معجزة الله الكبرى في كتابه الكريم”.
عبدالله
ورحب ناشر ورئيس تحرير مجلة “الحدث والخبر” الزميل كميل عبدالله بالحضور. وقال: “بقلوب ملؤها المحبة بأفئدة تنبض بالمودة وكلمات تبحث عن روح الصداقة والاخوة من هذا الصرح الجامعي العلمي الكبير صرح الجامعة الاسلاميه في لبنان الذي ينشر شذاه ادبا وعلما وعقلا راقيا وفكرا واعيا وعطاء مميزا نقول لكم اهلا وسهلا … اهلا وسهلا بقامات الادب والفكر والثقافة والعلم والفعاليات السياسية والثقافية والتربوية والاجتماعية والإعلامية التي أحبت مشكورة أن تشاركنا امسيتنا الادبية والشعريه المميزة الامسية التي يفوح منها عبق اللغه العربية ويزيدها حضوركم البهي شذا ووردا ورياحين مع شموع الغد المضيئه طلاب العلم والمعرفه بناة المستقبل ولكم ولهم اجمل التحايا والترحيب…”.
وتابع: “يقول الشاعر اللبناني حليم داموس في اللغة العربية لغة اذا وقعت على اكبادنا كانت لنا بردا على الاكباد، ستظل رابطة تؤلف بيننا فهي الرجاء للناطق بالضاد. اما المستشرق الفرنسي وليم مرسيه العبارة العربية كالعود اذا نقرت على احد اوتاره رنت لديك جميع الاوتار وخفقت. تحرك اللغه في اعماق النفس موكبا من العواطف والصور. في اليوم العالمي للغة العربية في 18 كانون الاول نستشهد بآراء هؤلاء الكبار الذين غاصوا في بحورها واكتشفوا كنوزها واشادوا بمعانيها التي تخطت اطر المكان والزمان وبلغت اقطاع الارض”.
وأضاف: “شهادتنا بك ايها اللغة العربية مجروحة لانك لغة الام والوطن والانتماء والجذور ومعجزة القران الكريم ولغة الضاد اعتمدها المؤتمر الاول لليونسكو العام 1974 كلغة رسمية في المؤتمرات الدولية وحافظت هذه اللغة على قواعدها اللغوية حتى يومنا هذا والمؤسف ان هذه اللغة التي بلغت الدنيا بنصف مليار متعلم تواجه اليوم الازمات المتتالية في لبنان وعالمنا العربي امام اللهجات والتي تكون احيانا بديلة عن لغتنا مما يفقدها مضمونها وقيمة وجوهر معانيها”.
واردف: “المطلوب اليوم من وزارة التربية والتعليم العالي والمدارس والمعاهد والجامعات والمؤسسات التربوية ان تعتمد هذه اللغه كلغة اولى في مناهجها وتوليها العناية الضرورية والمطلوبة وايصالها الى الطلاب بطريقة سلسة مبسطة لكي تكون قريبة منهم ومحببة لهم طبعا اضافه الى اللغات الاجنبية المطلوبة والاكثر من ضرورية والأهم ان تعمل وزارة التربية على تخصيص ساعة للغة العربية للطلاب لشرح أهميتها ومكانتها ولو يوما واحدا في يومها العالمي”.
وقال: “ان شباب اليوم يعانون كثيرا من ضعف في اللغة العربية في نحوها وصرفها وكتابتها وقراءتها وحتى نطقها وغيرها لذا نحتاج اليوم وقبل غد الى تعزيز استخدامات اللغة في المناحي كافة والا فاننا نسعى في خرابها واندثارها بين ابنائنا من الجيل الجديد كما يقول الباحث الدكتور محمد طالب عبيدات. ونشكر لكل المشاركين والمنظمين والشكر موصول للدكتور لورانس عجاقة والدكتورة فيفيان الحسنية على الجهود المضينة في التنظيم”.
وختم مع قول المطران يوسف داؤود الموصلي: “من خواص اللغة العربية وفضائلها أنها أقرب سائر اللغات إلى قواعد المنطق، حيث إن عباراتها سلسة طبيعية يهون على الناطق الصافي الفكر أن يعبر فيها عما يريد من دون تصنع وتكلف. عشتم وعاشت اللغة العربية وعاش هذا الصرح الجامعي المميز .. في لبناننا الحبيب”.
اللقيس
وألقى رئيس الجامعة الإسلامية البروفسور حسن اللقيس كلمة قال فيها: “يقول تعالى، أدخلوا البيوت من أبوابها، تحتار أي الأبواب تختار، كي تدخل باب اللغة العربية .. وأبوابها كثر ومشرعة على الجمال والحيرة والإعجاز والألق ..أدخل باب اللغة من بابها العالي أولا، من القرآن الكريم، الذي أنزل عربيا بلسان عربي سرت له مسامع الأرض والآدميين، أدخل باب اللغة من المعلقات العشر، من أصالة الشعر وفصاحته وبلاغته، من قفا نبكي .. من قامة المتنبي .. من موسيقى الخليل الفراهيدي، من قواعد سيباويه النحوية، أدخل باب اللغة العربية من المساحة الممتدة من مشرق الدول العربية إلى مغربها، باختلاف ألسنتها و تعابيرها ولهجتها، وفي حضرة اللغة العربية، إرث من الحضارة الذي لا ينتهي و من الجمالية التي لا تحصى وإن عدت، فاللغة يا سادة هويتنا التي تسبق أسماءنا، هي ليست أداة تواصلنا فحسب، فهي ركيزة بناء حضارتنا، وارتباطنا بجغرافيتنا وارضنا، ونقطة انطلاقنا للتلاقي مع العالم الآخر والحضارات الأخرى، وأقول أكثر من ذلك، بأن اللغة العربية هي الهوية الجامعة، هي فوق كل الهويات والانتماءات وهو أمر يدعو الى الفخر أن تكون اللغة سببا أولا لتوحدنا، وسببا أولا لصناعة العروبة .. هي ليست مصادفة أن تعتمد الأمم المتحدة تاريخ 1974 كانون الأول، يوما إحتفاليا عالميا باللغة العربية، إنما هي نتيجة الإرث الجمالي الحضاري للغة حوت ما حوت من الإنتاجات الأدبية والفكرية والدينية والعلمية منذ آلاف السنين، وهي نتيجة للإرث الوجودي لأمة صنعت تاريخها وحاضرها وتصر على صنع مستقبلها بأبهى الصور، هي نتيجة اعتراف واحترام لأمة عربية بالرغم مما عانته من حروب وانتدابات واحتلال، بقيت متمسكة بثقافتها ولغتها أولا ثم بأرضها وسيادة قراراتها، بالمناسبة فإن كل الغزوات التي عاشتها الدول العربية، كانت اشدها الغزوات الثقافية، وكان قد عثر في إرساليات الجنرال غورو الى الجيش الفرنسي في الجزائر على توصيات خاصة بأن أقتلوا اللغة، لأن قتل اللغة يقتل أهلها، وبعد كل المحاولات، ها نحن اليوم وبفضل ثباتنا و الأصالة العربية والغنى الثقافي فإن لغتنا تجري على لسان مليار نسمة من سكان العالم، ونحن في لبنان، الدولة العربية المتجذرة في الإرث الأصيل والعروبة الحقة، لغة وقومية وانتماء، ندفع اليوم ثمن الدفاع عن ثقافتنا، لذا حوصرنا من كل حدب وصوب وبلغ فينا الزجاج الحلق”.
وتابع: “في يوم اللغة العربية نشرح لمن يسأل وب “العربي المشبرح” معنى الحوار الذي حاول دولة الرئيس نبيه بري لم شمله مرتين… والحوار يعني التوافق او محاولة الاتفاق بين القوى الاساسية على مرشح رئاسي و مرشحين للانتخابات الرئاسية، ونسأل ما محل عملية اجهاض هاتين المحاولتين من الإعراب، وما هو المعيار لذلك لاسيما أن الحوار يشمل كل الكتل والنواب تحت قبة البرلمان”.
وختم اللقيس: “إننا في الجامعة الإسلامية في لبنان، سنكون رسل حضارة للهوية العربية وأعلاما للغة والعلوم ولن يثنينا ظرف أو شدة عن أن نكون روادا في صنع غد عربي فاعل و مشرق في كافة المجالات”.
حسيكي
ثم كانت كلمة لعميد كلية الآداب في الجامعة البروفسور سليمان حسيكي لفت فيها الى انه “لم نتخذ هذه الأمسية الثقافية والشعرية، في الجامعة الاسلامية في لبنان، إلا لأن الأمر من خطورة الشأن حول اللغة العربية، بحيث لا يصح إهماله،فإذا فسدت اللغة، اضطرب النظام السياسي، وسرت العلل في الجسم الاجتماعي، وضاعت الأمة”.
وقال: “اللغة العربية وصحة نظمها، ونموها بالأساليب العصرية، عنوان على استمرار لبنان: شامة الشرق وغرة مفرق الزمان، ولا أريد تعريفا”.
ورأى أن “نمو الثقافة والشعر يتوقف على مستقبل الفكر المبدع، الكائن في مجموع الأمم التي تتكلم العربية، فإذا كان ذلك الفكر موجودا، كان مستقبل الثقافة والشعر عظيما كماضيها وإلا فلا فمدرسة الشعر مفتوحة على المدى، لا أبواب فيها ولا جدران، حدودها النظر”.
ضناوي
ورأت مديرة مشروع كلية طلال ابو غزالة للإبتكار في لبنان الدكتورة نسرين ضناوي “وجود مجموعة من التحديات تواجه اللغة العربية التني تؤدي الى وضع العديد من العوائق امام التقدم الذي تشهده”، معتبرة ان “عدم اهتمام معظم مجالات البحث العلمي في استخدام اللغة العربية كلغة خاصة في الابحاث الاكاديمية والعلمية، أدى الى عرقلة تطورها بشكل جيد”.
واضافت: “تأثير اللغات الغربية على اللسان العربي، خصوصا مع انتشار اللهجات بين العرب، التي ادت الى استبدال العديد من الكلمات العربية بأخرى ذات أصول غير عربية”.
وأشارت الى “قلة اهتمام التكنولوجيا الحديثة في اللغة العربية، التي اعتمدت على بناء تطبيقاتها وبرامجها على اللغة الانكليزية واللغات العالمية الأخرى، مما أدى إلى قلة التفكير في ترجمة هذه التكنولوجيا الى اللغة العربية”.
زغيب
بعد ذلك، كانت كلمة الامين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور الياس زغيب الذي قال: “اننا في اتحاد الكتاب اللبنانيين إذ نشدد على الجانب الثقافي الابداعي لأبناء وطننا الحبيب لبنان، لا نرى خلاصا لمجتمعنا ولا قيامة للإنسانية من كبوتها الا بالثقافة والقيم التي تعيد بناء الإنسان الحر المسؤول”.
ورأى ان “لا ثقافة من دون لغة، ولا حوار من دون اللغة، وبالتالي لا إنسان من دون لغة، والعربية أميرة اللغات”.
عيتاني
ثم القت رئيسة جمعية “كن ايجابي” الاعلامية ملك عيتاني كلمة قالت فيها: “ارتبطت اللغة العربية بالجمال وهي تسير بثبات ورقة نحو الجمال والعذوبة، فقد وصف نبينا الكريم بيانها بالسحر الذي يخلب الألباب، ويستميل الأفئدة فقال: فيما أثر عنه: (إن من البيان لسحرا)، فهي لغة السحر والجمال، والخيال”.
أضافت: “ليس غريبا أن يختص الله لغتنا العربية بأن تكون خاتمة رسالاته السماوية، إذا ما أدركنا تلك الذخيرة اللغوية التي تملكها اللغة العربية وتفتقر إليها أغلب اللغات، إنها ذخيرة تشكلت عبر حقبة طويلة من الزمن مرت بها هذه اللغة، وعبر أجيال تعاقبت عليها متحدثة بها، إنها إرث ضخم تركه لنا الأسلاف لنتباهى به في محافلنا كما كانوا يتباهون به في محافلهم، وإن مظاهر الجمال والتألق ليس حكرا على لغة دون أخرى فهي من الأمور التي تشترك فيها اللغات الإنسانية جمعاء، إلا أن اللغة العربية قد انفردت بجماليات ميزتها عن مثيلاتها من اللغات السامية الأخرى، ومن أهم هذه المميزات الفصاحة، وهي القدرة على الظهور، وهذا لا يتأتى إلا عبر تقنيات تمتلكها اللغة، التي تنطق ثمانية وعشرين صوتا بمخارج مختلفة متباينة ولكننا اليوم أمام ظاهرة نراها وهي تغريب أبنائنا عن هذه اللغة الأم وتحولهم نحو لغات أخرى تحت شعار التطوير والتعليم”.
وتابعت: “اللغة العربية هي اللغة الام ولغة الضاد ولغة القرآن الكريم وهذه اللغة محفوظة بحفظ القرآن الكريم وباقية مع بقائه الى يوم الدين. والخوف على اللغة من الناحية الدراسية والعلمية اكثر من الخوف عليها من ناحية حفظ وجودها فاللغات الاخرى حاليا تدرس وتعلم وتحفظ اكثر بكثير من اللغة الام. ونخاف عليها من المتربصين بها وأولهم أهلها الذين يعمدون على إهمالها حين تزاحمها العامية وحين تكون لغة الانترنت بديلا عنها، والذين يعمدون على المواظبة على التحدث بإحدى اللغات الاجنبية في معاملاتنا العادية والإبتعاد عن إستعمال اللغة العربية والتقليد الأعمى للغرب، ولذلك نحن اليوم هنا لنحافظ على لغتنا ونجعلها حية نابضة بالحياة منتشرة يسعى الجميع الى الإعتزاز بالتحدث بها وبذلك يجب أن نقوم ببعض الخطوات او الإجراءات التي تحمي اللغة في بلادنا منها: أن يحرص الأهل على التحدث مع أبنائهم باللغة العربية وتشجيعهم على القراءة واستخدام حواسهم بفهم هذه اللغة العميقة، فللبيت الدور الفعال في إنتاج الجيل المتسلح بأصول اللغة وحب هذه اللغة، هدفنا واحد هو نشر الوعي بين الناس على وجه الخصوص وتوعية الجيل الجديد على وجه العموم حتى يكبر وفي قلبه حب اللغة ومعرفة من هم أعداء هذه اللغة الذي يحاولون مسح وجودها أو تهميشها”.
ثم القى الشعراء الدكتور وهيب عجمي وشربل زغيب وغادير ناصر الدين وعلي الحسيني قصائد شعرية بينما كان الفنان جورج يعقوب يرسم مباشرة على المسرح لوحة من وحي المناسبة.
وفي الختام قدمت جمعية “كن ايجابي” دروعا تكريمية لكل من رئيس الجامعة الاسلامية وعميد كلية الآداب وللمتكلمين والشعراء المشاركين.