جورج الزعني الغائب الحاضر

 

   محمد ع.درويش

 

تحل الذكرى السابعة لرحيل اسطورة لبنان الفنان جورج الزعني، ولبنان يمر بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، أثقلت كاهل اللبنانيين وأرخت ظلالا من الخوف والقلق على المستقبل والكيان.

لقد كان لي الشرف والحظ انني عملت تحت اشراف د.جورج الزعني في محترفه الفني فكان القدوة في التعامل والتواضع صاحب الفكر العميق والعقل الراجح وكان المثل الأعلى لنا جميعاً.

إنسان مثقف عقلاني منطقي، في جلسات النقاش معه في الأمور الثقافية فكان يبسط افكاره ليستفيد منه الجميع وكان مرجعاً في آرائه السديدة وحكمته الواسعة.

جورج الزعني ابن مدينة بيروت الوفي لرسالتها حريصا على أن لا يغيب حبه لمدينته والتزامه بوطنيته وتحسسه بجراح أمته عن معارضه، حيث كان يعتبر الفن رسالة وجسراً بين الإنسان والإنسان، وبين البشر وقضاياهم الإنسانية العادلة.

جورج الزعني  رفض أن يستسلم للحرب وأثارها، وللتصحر الثقافي وتداعياته، ولحصار الثقافة الأصيلة ونتائجه على يد غلاة الحرب والمال، فكان له في كل فصل من السنة معرضاً متنقلاً بين كل دور الثقافة في بيروت وخارجها حاملاً في كل معرض فكرة جديدة، وأسلوبا جديداً، وإبداعا في رعاية الإبداع.

جورج الزعني من مواليد بيروت في 23 أيلول (سبتمبر) 1942. درس في مدرستي إنترناشونال كولدج والشويفات، ونال البكالوريوس في الآداب في جامعة هايكازيان عام 1963، ومن ثم الماجستير في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1970، فالدكتوراه في جامعة السوربون في باريس عام 1972. كان رائداً في المعارض الوطنية، وفي تقديم شخصيات بارزة تركت بصمات في تاريخ لبنان، وتكريم شعراء وفنانين لبنانيين وعرب. ومن خلال «محترف جورج الزعني»، أقام معرضاً تحت عنوان «تحية من بيروت إلى من أحبها» في مقر جمعية الفنانين، مقدّماً خلاله قصيدة «بيروت»، إضافة إلى معرض آخر في وسط بيروت، اختصر فيه مسيرة المقاومة اللبنانية تحت عنوان «رؤية وواقع».

له أعمال ومساهمات أثرت العمل الثقافي والوطني.

جورج الزعني الممتلئ شغفاً بالجمال وأسبابه، بالتاريخ وأبطاله، المبتكر، المجدّد، الذي يرى أسباب الإبداع في العاديات من وجوه الحياة وصولاً إلى الأدوات المنزلية، كرّس نفسه حاضنة للفنانين والمبدعين جميعاً، وبهر الناس بالعادي من وجوه الإبداع متى كشفت خباياه.. من هنا ان المكحول صارت أرض اللقاء بين مَن أضافوا إلى اللحن والغناء والعزف وأسباب الطرب عشاق الحياة.

ولعلّ أقرب الأعمال إلى قلب الزعنّي، ما فعله أيام الغربة، حين زرع عام 1993 أرزة في حديقة باترسي بارك في لندن، وسمّى الموقع «جبل لبنان». حينذاك، تمكّن من الحصول على رعاية نائب المنطقة لهذا الحدث، بل جعله يرقص الدبكة اللبنانية أيضاً.

بغيابه خسرت بيروت بعض الإبداع وعشق الحياة والإيمان بالوطن وإنسانه.

جورج الزعني مهما ضاقت بنا سبل العيش سنبقى أوفياء لرسالتك، وسنبقى صمام أمان وشريان الحياة للوطن وأهله.

***

* الذكرى السابعة  لرحيل جورج الزعني

(١٥-١٢-٢٠١٥)

(١٥-١٢-٢٠٢٢)

اترك رد