بقلم: الكاتب التونسي منذر العيني
الأمرُ يعنيكَ
لمْ تُمطِرْ قصائِدي بعدُ . الطِّفلُ آنحدرَ باكرًا من تجاويفِ الحكايا فيما المدينةُ تغسِلُ جسدها العاري من أعقابِ السّجائر. لكِ وِحشةٌ يا آمرأةَ البارحهْ . النِّسيانُ ذهبَ بنا بعيدًا .
الأمرُ يعنيكَ يا طِفلْ . القصائِدُ تتلبَّدُ في الثّنيةِ إليكَ .
القطراتُ بدأت إيقاعَ العسكري . أمطِري يا كتائبَ رُوحي
أمطري يا كلماتْ ……………………………………..
الخراباتُ
الخراباتُ ترسُمُ وجهَ الحقيقةِ . في “تُربةِ البايْ” الوقتُ دائرةٌ تُنهكُ الدّودَ عِندَ آستِدارَتهِ. العبادُ نُتوءٌ يُطالِعُ أروِقةَ الرّيحِ . الأصفرُ خيطُ السِّتارةِ لِلْمَسرحِ الأبدي . النّباتُ الذّي نتأَ الآنَ في العتباتِ هُوَ النّبضُ يصعدُ ينزِلُ . إيقاعُهُ الوقتُ أمّا خَواتِمُهُ الدَّمعُ . مِنْ أَيِّ فاجِئَةٍ جِئْتَهُ صبغَ الوجهَ و الورقهْ .
الخراباتُ عُنوانُ بدءٍ جديدْ ……………….
سُبحانَ اللّــــــــــه
الأبوابُ تُسَيِّجُ المدينةَ والمدينةُ تفتحُ على البحرِ .
مِنْ بعيدٍ قرطاج تنبحُ:“يا إفريقيّةَ أبوابُكِ شتّى
وَمدخلكِ واحدٌ”
أجابَ البحرُ :“صدقتِ يا قرطاج”
لَعمرِي إفريقيَّة ُتوأم ُالشِّعر……………………………
زلزلةٌ
الزَّلزلةُ التّي هزّتني هزّتْ أيضا شارعَ الحرّيةِ.
الصّمتُ يهصِرُ حِدّةَ الثّائِرِ و الجوعُ يكفِنُهُ
العلاماتُ بيضاءُ مُدهِشَةٌ و الكلماتُ تفزعُ من تحتِ الأنقاضِ.
لا تكتئِبي يا آمرأتي.
أعرفُ……..
الحُريّةُ هيَ أبغضُ الحلالِ في هذا الظّلامِ
والبرقُ مسيرةُ لحظهْ ……………………..
ليسَ هنالكَ مشكلٌ
الأنهُجُ تتقاطعُ نهجُ الغِنى نهجُ الفقرِ نهجُ الشّهداءْ.
“تُربةُ البايْ” تَجمع خطوطَ الطُّولِ معَ خطوط العَرضِ والمسربُ واحدٌ. الدّودُ يشمتُ فينا يا“بَايْ” …..
و الكلماتُ تتأوّهُ على قيثارة“أوكتافيو باث” .
خفِّفْ الوطءَ يا هذا ليسَ هنالكَ مُشكلٌ .
الأنهجُ طرقٌ جنائِزيّةٌ.موتٌ في موتٍ.
حاملُ النّعشِ لا يتعبُ ……………………….
الفولغَا
ما بقِيَ
قليلُ من من أسماءِ الشُّيوعيين القدامى .
الفولغا يَغسِلُ جوّهُ بِندى الحِكاياتِ الحمراءْ.
الميدانُ بِقِبابِهِ و نافوراتهِ مُشتاقٌ لِنائحاتِ “الزّاويهْ” .
ما أَوحشنا نحنُ المرتادينَ أسماءَهُ .
المِنجَلُ يركعُ للخِصبِ . المِساحةُ تُسبِّحُ لِمكْسيمْ غُورْكي
والثّلجُ خاتِمةُ اليسار .
المعاوِلُ تُكسّرُ الأحجارَ فيمَا الكِتابةُ تندِفُ على مهلٍ بآنْتِظارِ فتْحٍ آخرٍ .
مآلُها الفولغا
والفولغا مآلُهُ البحرْ ………………………………………………………………………
فقدٌ
السُّحنةُ الرّومانيّةُ تُشرقُ خلفَ نسيبِ كنعانيّةٍ غابرهْ .
هلْ يُمكنُ أن نتواصلَ خلفَ حِجابِ الغيابْ . أيْ نعمْ . لِمَ لاَ ؟ الوصالُ الذّي رفضتهُ الأقدارُ باركتهُ جِنّياتُ المزارِ .
القبوُ “capri” استحالَ جنّةً تجري من تحتها الأنهار
والوعدُ أضحى حلمًا أخضرَ .
في القعرِ النّبتةُ بِجُذورها الرّخوةِ تشربُ ماءَ قارورةِ خضراء
وتعرفُ أنّها ميّتةً لا محالهْ. السّحنةُ آغبرّتْ للتوِّ .
الأقدارُ دائمًا مُصمِّمةٌ على الرّفضِ فيما الجنيّاتُ يدفعنني لِشُربِ كأسٍ معها ، عن بعدٍ طبعًا .
بيتهوفنْ يُشيّعنا بفانوسهِ إلى البيتِ صامتًا مُحرجًا كالعادةِ .
القبوُ جحيم “دانتي” هذه الوِقفةَ .
لا أملَ باللّقاءِ والأحرفُ تتلاعَبُ بها الرّيحُ .
خَيارٌ صعبٌ يا “طرفهْ” و الصِّراطُ شفيرٌ فوقَ الهاوية .
رَأييِ أن تتقدّمَ .
كسُقوطِ فُجئيٍّ دوّتِ الحيرةُ بيننا .
الأمرُ متروكٌ لفوضى الأقدارِ .
مَعمودَةً بماءِ الغُفرانِ القامةُ تحتقنُ دمها خلفَ حِجابِ الغياب ………………………..
بِالأبيضِ و الأسودِ
قِطارُ مُنتصفِ اللّيلِ سائلٌ بينَ الزّياتينِ السّوداءِ .
بِحُمولتهِ الزّائِدةِ عنِ النّطاقِ الأزيزُ يشرحُ الحالةَ .
تبدو كالفِطرِ الطّازَجِ الزّياتينُ وهيَ تصغُرُ عبرَ المسافةِ والذّاكرةُ تتشوّفُ النّجعَ خلفَ مرايا بيضاءْ.
ما لمْ أفهمهُ حدَّ الآنِ هُوَ كيفَ وصلنا “سُوسةَ” و السِّنةُ أخذتني بغتةً باعَتني بثمنٍ بخسٍ لِدقائقَ هبلى .
تُرى هل تذكّرتُ البومةَ جدّتي إذْ تنظرُ للعدمِ تُسعِفُ صمتي بأزيزِ آخِرةِ اللّيلِ .
النّومُ حرامٌ هذهِ السّاعةَ .
القطارُ كشريطٍ سينِمائيٍّ قديمٍ أتمَّ خشخشتهُ ظهرتِ النهايةُ نهايةً مُبهمهْ في ساحةِ الفورْيُومْ قُدّامَ محطّةِ سوسةَ .
اللّيلُ بيرّةُ سوداءٌ و الخِتامُ يَردِّدُ :
مازالَ الفطرُ في الذّاكرة
مازالَتِ البومةُ في البالِ
مازالَ النّجعُ خلفَ مرايا بيضاءْ ……..
…….السّعفةُ الذّهبيّةُ من نصيبِ الصّمـــــتْ ………………………..
بناتُ الشّارع
الهيْئةُ تقبعُ في الشّارعِ شارعِ الشّوارعِ والفكرةُ سارحةٌ في شِعابِ “نفزةَ”.
المرأةُ تقعُدُ طَوالَ الوقتِ تُخرجُ الحصى من كِلى العالمِ . بِدعواتٍ عَروضِيّةٍ النّومِديَّةُ تنتظِرُ البركاتِ.
الهيئَةُ آعترضتني سائحةً على أعتابِ “مِحرِزْ” باتتْ تسقي ياسَمينَ الأزِقّةِ .
من يعترِضُني يَحسَبُني نبيَّ “جِبرانْ” .
الهيئَةُ و الفكرةُ و المرأةُ بناتُ الشّارِعِ اللاَّتي سرحنَ طويلاً دونَ جوازات .
أمّا الدّربُ إنّما هي دروبٌ و الأسماءُ تتوالدُ من رحى الدّورانْ ……………………..
غيابٌ
هنا القطّةُ البيضاءُ تُنعمُ في فناءِ الدّارِ .
الحيطانُ تَسجُنها و صورةُ جدّتي تَغتالها
أمّي على مرأى من الأشباحِ تنهرها .
القطّةُ البيضاءُ لاتدري صداها تستعيدُ الصوتَ منّي ثمَّ تُرهِقني بأسئلةِ الغيابِ.
غيابُنا يستولدُ الذّكرى من الخُطُواتْ …………………………………………….
كلام الصور
1- لوحة قرطاج لجوزف ترنر
2- نهر الفولغا