جميل الدويهي: إتْبعوا الأحياء

 

 

 

من المجموعة الفكريّة الحادية عشرة – تصدر  أوائل عام 2023

 

إذا تبعتم الموتي تموتون، وإذا كنتم مع الأحياء تنتصرون بالحياة على الموت.

مِن الموتى مَن يسيرون على أقدام، ويتحدّثون بلغات، وإن كانوا يرتدون الأكفان، أمّا الأحياء، فيلبسون عبير الزنابق وألوان الحقول الطيّبة…

يتأنّق الموتى بينكم بربطات عنق، ويتكلّمون كثيراً عن فضائلهم، وما أورثوه لأبنائهم من أمجاد هي في الحقيقة غبار مندثر. ولا تنخدعوا إذا رأيتم أمواتاً يتبعون أمواتاً، فالعميان أيضاً يتبعون عمياناً، والجاهلون يتبعون جاهلين، وكلّهم ينتهون إلى هوّة عميقة، وسقوط عظيم.

يا أهلي الطيّبين، ويا أحبّتي، لقد جرّبتم أن تمجّدوا القبور المتحرّكة لأزمنة طويلة، فماذا جنيتم غير الفقر والحاجة والعذاب؟ وقد تحوّلت أيّامكم إلى جحيم لا يطاق، وطلبَ أولادكم رغيفاً ليأكلوا، فلم يجدوا، ولم ينفتح لهم باب طرقوا عليه بأيديهم المتعبة حتّى تجرّحت.

كفاكم خداعاً لأنفسكم، ولا تصدّقوا الأوهام التي تتراءى لكم مثل برق لا يلبث أن يتلاشى. بل صدّقوا الحكمة التي فيكم، وهي تقودكم إلى الخلاص. وصدْقاً أقول لكم إنّ الإنسانيّة التي تعْبد الأصنام، هي إنسانيّة الصنم… فلا فرح، ولا رجاء، ولا ثبات لها. والأصنام لا تشعر، ولا تشفق، ولا تتألّم، بل تحتقر وتظلم، وتنتقم منكم بعدما تطعمونها من خيراتكم، وتسقونها من مائكم، وتفْدونها بالأرواح والدماء.

***

*جميل الدويهي: مشروع “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي 2022  النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الأنواع

اترك رد