الكاتب عماد أبو زيد
(مصر)
اذكر شخصا كان عمره يجاوز السبعين.. لكن صحته كانت في حالة جيدة.. قوي البنيان .. طويل القامة..ذا عينين خضراوين..وبشرة حمراء. احيانا تتبدل إلى صفراء حين يغلب على تفكيره المكر.. وينطق بالخبث.. وحينها المح وهجًا غريبًا يشع من تحت نظارته الطبية السميكة.
يقابلني وجها لوجه في الشارع.. ولأنه لاي ريد ان يلقي علي تحية الصباح.. او لانه كان قد وعدني بإنهاء موضوع ما.. وقد تنصل منه.. يتظاهر بعدم رؤيتي. تدور عيناه في محجريهما.. وتزوغ عني.. تتمكن عيناي من توثيق تلك اللحظة الفريدة.. الى ان ينعطف بجذعه يمينا او يسارا.. وكأنما يختفي هو داخل عينيه.
لم اكن أنتظر منه تدخلا في الشأن الذي تحدثنا فيه معا.. ولا حلا.
مثل هذا الرجل لا يرجى منه شيئا..لاسيما إني أعلم ان من صفاته البخل رغم ثرائه الشديد. واوقن أن البخل والمروءة لايجتمعان..كلما قابلته بشرته تتحول الى اللون الأصفر.. وعيناه تلمعان من تحت الزجاج.. وهو ينعطف بجذعه.. ويتسلل بخفة شاب عشريني العمر من أمامي.. ابتسم.