مراكب الموت ما حطّت مراسيها
ولا البحار التي ضجّت نُهدّيها
فمَن يردّ لنا الأموات من سفر؟
ومَن بلادي إذا تبكي يُعزّيها؟
يا شطّ إروادَ، هذا الموج يعرفنا
وقصّة عن زمان القهر يحْكيها…
فقد تعبْنا، وجاع الناس… واختنقوا
في عهدِ مَن بلعوا الدنيا وما فيها
مالُ الخزينة منهوبٌ، فقد خلعوا
باب الحديد، وعاثوا في نواحيها
وحمّلوا الكيس بعد الكيس، فارتفعت
قصورهم فوق أوجاع نُعانيها…
فالخبز والماء والأحلام هاربةٌ
منّا، وبيروتُ ناحت في لياليها
يعشّش البوم في أنقاض مرْفئها
وعيّنوا قاضياً حتّى يُقاضيها…
إنّ الأيادي التي قد فجرتْ بلداً
فوق العدالة، والقانونُ يحميها…
انظرْ الينا، عظاماً في منازلنا
وصرخة الجوع ما عدنا نُخبّيها
أطفالنا أصبحوا ظلاًّ بلا جسدٍ
ونقطة الزيت جفّت في خوابيها
فكيف نهرب من موت يحاصرنا؟
وكيف أيّامنا في الذلّ ننهيها؟
وهل نظلّ نجوب البحرَ يا وطني،
كأنّ رحلتنا ضاعت شواطيها؟
إلى متى نعبًد المستعبدين لنا
ومَن كتبنا لهم مدحاً وتأليها؟
نعيش في القبر، ام نحن القبورُ، وما
معنى الحياة إذا طالت مآسيها؟
لن تنقذَ الشعب إلاّ ثورة، فكفى
تلك المزاكب في المجهول نرْميها…
***
* جميل الدويهي: مشروع أفكار اغترابيّة للأدب الراقي النهضة الاغتراليّة الثانية – تعدّد الأنواع