أطلقت لجنة وقف رعية حصرون، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بالنائب البطريركي على أبرشية الجبة وأبرشية زغرتا – إهدن المطران جوزيف نفاع، خلال لقاء أقيم في باحة أوتيل “شمعون”، المجلد الأول من سلسلة ” ذاكرة حصرون”، تحت عنوان “صفحات من تاريخ حصرون”، الذي أعده ابن بلدتها جاك فيكتور السيد، بإشراف الخوري الدكتور جورج يرق ومراجعته.
حضر اللقاء النائب ويليام طوق، ممثل النائبة ستريدا جعجع النائب السابق جوزيف اسحاق، رئيسا بلديتي حصرون المهندس جيرار السمعاني وبلاط مستيتا قرطبون عبدو عتيق، طوني جوزيف متى عن “تيار المردة”، المختار طوني مرعب، الفنان رودي رحمة، طوني مارون عواد وأفراد العائلة أنسباء البطريرك يعقوب عواد في بلدة الميدان، راجي مسعد وعائلته أنسباء البطريرك بولس مسعد في عشقوت، وفاعليات البلدة ومسؤولو الجمعيات والأخويات وأبناء البلدة والجوار.
حكيم
بعد النشيد الوطني، ألقى جان مارك حكيم كلمة تحدث فيها عن ” تميز حصرون بتاريخها الكنسي والديني”، وقال: “إن الكتاب يذكرنا بأمجاد أجدادنا الحصارنة واجدادهم، ليس للقراءة فقط، بل كي لا ننسى تعبهم وصراعهم مع الحياة القاسية ونحافظ على ارثهم”.
أنطونيوس
وألقى كاهن الرعية الخوري القاضي انطونيوس جبارة كلمة شكر فيها ل”الراعي وممثل المطران نفاع رعايته حفل الاطلاق”، منوها ب”العمل المميز”، وقال: “إن لقاءنا هذا المساء هو عصارة عمل دؤوب قام به المؤلف مشكوراً ليعيدنا إلى الزمن الجميل، وإلى صفحات من تاريخ هذه البلدة العريقة التي طبعت الكنيسة والوطن والعالم بعلمائها ومفكريها ورجال دين”.
وأشار إلى أن “الكتاب يجمع بين ماضي وحاضر بلدة حصرون، وهو حاجة ثقافيّة لا بدّ منها لعالم اليوم ولنغرف منه الكرامة التي لطالما تغنّت بها هذه البلدة العريقة، بلدة العلم والثقافة، التي جمعت عبر التاريخ المجد من كل اطرافه”، وقال: “أتوق معكم اليوم لقراءة هذا الكتاب القيّم، وكلي إيمان بأنّ صفحاته ستضيف على تاريخي الشخصي والثقافي، عشق البلدة والتفاني في خدمة شعبها”.
نفاع
وأشاد المطران نفاع بـ”اللقاء وبتاريخ حصرون التي كانت عبر تاريخها محطة حافلة بالإنجازات على مختلف الصعد”، وقال: “إن اللقاء يجمع أهل السياسة من مختلف الأطياف”.
وأمل في “التعاون الدائم لما فيه مصلحة الوطن والمواطن عموما، والمنطقة وأهلها خصوصل”، وقال: “نفرح دائما عندما نجدد تاريخنا، والدليل الإنجاز الواضح أمامنا فيلا شمعون التاريخية التي جددت وباتت تحتل مرتبة أولى على صفحات كل وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك جدد جاك كل تاريخ حصرون ليشعر زائرو البلدة بأنها غنية ليس فقط بالضيافة والمناظر الخلابة، بل بتاريخها العريق ويدرك ان هذه الأرض جميلة وغنية بتراثها.
أضاف: “رسالة واحدة يجب أن يحملها هذا الكتاب أن وردة الجمل تحمل ارثا دفع أبناؤها ثمنا على مختلف الميادين لتكون وردة وسلموه اياها زاهية على أمل ألا تذبل على ايدينا، في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها اليوم. إذا، لنحافظ على وردة الجبل لتبقى مزهرة، وبفضل أهلها ستبقى زاهية”.
خليفة
بدوره، قال الدكتور عصام خليفة: “إن التأمل في سيرة علماء حصرون يساعدنا على الخروج من الكارثة التي نمر بها”.
وسأل: “ألم يكن العلامة يوسف سمعان السمعاني ابن حصرون عبقري الموارنة الأول واول عبقري في صياغة قوانين الكنيسة المارونية فشكرا للمؤلف جاك السيد الذي وضع بين ايدينا مؤلفه بصفحات من تاريخ حصرون”.
وتناول “المحاور التي يتألف منها الكتاب من الجغرافية والطبيعة الحصرونية، وكل الحقبات التاريخية المارونية القديمة والوسيطة والحديثة والمرحلة العثمانية، وصولا الى مرحلة الانتداب والاستقلال ورجالات حصرون الدينيين والمدنيين ومؤسسات البلدة المدنية والدينية والتربوية والسياحية والصحية والفنية”.
وأكد “ضرورة مراجعة أرشيف المحفوظات في الدوائر العقارية للتعرف اكثر على أهمية رجالات حصرون ودورهم في الحقبات التاريخية اللبنانية والتحولات الديموغرافية “.
وقال: “المشرف على مراجعة المجلد الخوري الدكتور جورج يرق عرض المراحل الطويلة التي احتاجها معد صفحات حصرون التاريخية جاك السيد منوها بمحبته للبلدة وشغفه بجمع الصور القديمة وحرصه على ارشفتها. كما شرح تفاصيل تبني لجنة وقف رعية حصرون لإصدار منشورات آملا ان تتخطى المئة نظرا لغنى تاريخ البلدة الديني لافتا الى البدء بارشفة وترجمة السنكسار الى العربية”.
وتابع: “عندما طلب سيدنا المطران نفاع خدمة رعية حصرون قال لي “من المؤكد انك ستحب حصرون مدينة العلم وحصرون ستحبك لأنك رجل علم”. على هذا الأساس قبلت وعندما أتيت ورأيت الأوراق التي جمعها جاك الصديق منذ زمن وقبل ان اصبح كاهنا وبعد مراجعتها قررنا أبونا انطونيوس جبارة وانا اصدار منشورات باسم رعية حصرون واطلقنا عليها اسم سلسلة ذاكرة حصرون، وهذا الكتاب هو الرقم واحد من هذه السلسلة وآمل ان نرى بعده 100 و 150 كتابا جديدا، خصوصا وان هناك العديد من المحفوظات تستأهل النشر وأهمها المخطوطات التي تحتاج إلى متخصصين ولسنوات عديدة لتحقيقها. وحاليا بدأنا بتحقيق احداها والتي يعود تاريخها الى العام 1746″.
وتحدث عن الإصدارات الأربعة لتاريخ جبة بشري، مؤكدا “ضرورة جمع التاريخ المحلي بتاريخ المنطقة”، مستذكرا “كلام الراحل حافظ متحف خيران الاستاذ وهيب كيروز عن غنى المنطقة بالاثار وعدم الالتفات الى الاركيولوجية فيها”، متمنيا “التعاون بين المفكرين من أبناء رعايا قرى الجبة لابراز ميزة المنطقة بآثارها”.
وختم قائلا: “ليس لي الفضل في هذا الإصدار الذي راجعته والفضل يعود إلى جاك الذي أمضى سنوات في إعداد الكتاب، واتمنى ان يمنحنا الله دائما علماء كما أعطت حصرون وباقي قرى المنطقة”.
السيد
وأخيرا، قال الكاتب المعد جاك السيد: “في البدء كانت الكلمة
وفي الحياة لحظة… وفي قراءة التاريخ حياة، ومستقبل افضل. ليس من الضرورة أن تكون صحافيا أو روائيا أو مفكرا لتكتب، بل يكفي ان تشعر وتحب حتى تبدأ بالكتابة. انا احببت حصرون منذ صغري عندما كنت العب في ساحة كنيسة السيدة بالقرب من تمثال العلامة السمعاني. وعندما توظّفت بالمطبعة، مركز عملي الحالي، سنة 1989، كنت انتظر ان اصادف شخصا يكتب عن حصرون، كما الكثيرين الذين كتبوا عن قراهم. ولكن للاسف هذا الأمر لم يحصل، وانتظرت حتى العام 2014 لحين قررت انا القيام بهذه المهمة وبدأت الكتابة. المهمة كانت صعبة، لكن اصراري على نبش تاريخ حصرون كان اقوى. بدأت افتش عن المراجع والمصادر التاريخية بالمكتبات وعند الاصحاب وبالمعارض كي يكون اي خبر موثّقا. صادفت كثيرا من الشباب والصبايا ولاحظت النقص الكبير بمعرفتهم تاريخ حصرون. وهذا كان الدافع الاكبر والاحساس بالرسالة التي اقوم بها. يجب أن نكتب كي يقرأ الجيل الجديد ويتعلّم من التاريخ، لأنّ الشعوب التي لا تُحافظ على تاريخها يكون مصيرها الأكيد الزوال، ونسيان الماضي يؤدّي إلى فقدان المستقبل”.
أضاف: “أجمل أنواع الكتابة هي التي تعيد تعريف التاريخ، وتقدمه للبشرية بصيغة جديدة. كتابة التاريخ، هي السعي والبحث للوصول للحقيقة، والكتابة ايضاً فعل مقدّس، لانها بدأت من السماء لذلك علينا الا ندنسها في الارض”.
وتابع: “خلال سبع سنين، حضّرت دراسة موثّقة، من حوالي 150 مرجعا ومصدرا تاريخيا، ومن روايات من بعض كبار السن الحصارنة قبل رحيلهم. هذه الدراسة اصبحت كتابا يحاكي الأحداث التي مرت بها حصرون وابناؤها عبر كل العصور، أي منذ نشأة البلدة وتكوين المجتمع الحصروني الماروني، حتى وقتنا الحاضر، ويمكننا ان نتعرّف من خلاله، على المعالم الأثرية والدينية في حصرون، بالاضافة الى تاريخ ونشأة الجمعيات الاجتماعية والروحية، وتاريخ الهيئات الادارية والخدماتية وانشاء المدراس والى قسم كبير عن رجالات الدين وعلماء حصرون، وطبعا عن شفيعنا وحامي وردة الجبل، القديس مار لابي الرسول. من هنا ، ضرورة أن يكون هذا الكتاب بمتناول كل حصروني في لبنان، ودنيا الاغتراب، ليتعرّف اكتر على ماضيّه، وليحافظ على هذا الارث الكبير، الذي سلّمنا اياه اجدادنا الحصارنة، الذين كتبوه بالعرق واحياناً بالدم”.
وأردف: “كتاب صفحات من تاريخ حصرون هو كتاب حنين للماضي. هو قصة ارض وشعب. ارض نفتخر بالانتماء لها، وشعب نعتزّ بالتحدّر منّه. هو كتاب الوفاء لحصرون ومن القلب إلى القلب. قال السيد المسيح “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان” (إنجيل متى 4: 4)، وهي عبارة بليغة وحكمة أبدية بقاموس الكرامة الإنسانية. لكن هذه المقولة الواردة في العنوان، لا تعني التقليل من أهمية الخبز، بقدر ما هي تنبيه لضرورة الاهتمام بجوانب أخرى… فالإنسان في حياته، يحتاج إلى غذاء مادي ومعنوي، غذاء ينمّي الجسد ويمنح الطاقة ويغذي الروح والوجدان، لذا يجب ألا نغفل الحاجة لعناصر العدل والخير والحرية والجمال واكيد التاريخ، لان التاريخ ليس جزءا من الزمن الذي انقضى، بل هو الذي يصنع المستقبل. وهنا دور كل منا ليشارك بالحفاظ على ارث حصرون المجيد، واشد على ايدي ابونا القاضي طوني جباره، واشكره على اطلاقه سلسلة ذاكرة حصرون، التي تهدف إلى تشجيع الحصارنة على الكتابة، او المشاركة عبر الصور او الوثائق التي يملكونها. اجدادنا سلمونا حصرون لنحافظ عليها، ونسلّمها للاجيال القادمة. بالنهاية، حصرون عمرها مئات السنين، اجدادنا رحلوا، وغدا نحن نرحل، وهي باقية الى ابد الابدين”.
وشكر البطريرك الراعي ممثلا بالمطران نفاع على رعايته الحفل، والدكتور خليفة على حضوره وتقييمه للكتاب، وكل الذين ساعدوني بإطلاق الكتاب”، مقدما صلاته “لكبار السن الذين تركونا”.
كما شكر يرق الذي “كان له الفضل الكبير في اطلاق الكتاب، ولجنة وقف حصرون التي اشغل حاليا منصب امين سرها، ورئيسها الخوري القاضي طوني جبارة، على تبني كتاب صفحات من تاريخ حصرون باكورة اعمال سلسلة ذاكرة حصرون، وشبيبة حصرون على المساعدة باحياء وتنظيم الحفل، وروني زيبارة الذي اعاد رونق وجمال فيلا الراحل السيد توفيق شمعون، ورودريك شربل والسيدة ماريا نصار على ادارتهما الفيلا التي كانت تشكل المركز الاجتماعي والسياسي ايام السيد توفيق، وجعلوها من اهم المعالم السياحية في المنطقة بوقت قصير، بعد اقفال حوالي استمر 40 سنة تقريباً”.
بعد ذلك وقع الكاتب المجلد، وأقيم كوكتيل بالمناسبة اعدته إدارة فيلا شمعون.