نَسائِمُ وعَبِيرٌ مِنْ شَجَرِ الرِّيح!  

 

 

 

 

   مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

(مُقَدِّمَةٌ لِكِتابِ الأَدِيبِ جُوزف مهَنَّا «شَجَرُ الرِّيح»، الصَّادِرِ عن دارِ نِلسُن في 7/5/2022)

 

جُوزف مهَنَّا…

إِسمٌ يَأخُذُكَ على جَناحِ الدَّهشَةِ، في مَهَبِّ رِياحٍ لِطافٍ، إِلى عَوالِمَ مِنَ الكَلِمَةِ المُضِيئَةِ، في زَمَنٍ طَغَى رَمادُهُ على رَفِيفِ الأَرضِ، وشاعَ حَلَكُهُ في فِردَوسِ الرِّقاعِ المُوشَّاةِ بِعَرَقِ الجُهْدِ، وأَلوانِ العِنايَةِ، وثَمَرِ العُقُول.

يَدخُلُ إِيوانَ العَرَبِيَّةِ كَما المُلُوكُ، تَنتَصِبُ لِطَلَّتِهِمِ القاماتُ، ويَسُودُ الصَّمتُ، ويُجَلِّلُ المَحْفِلَ وَقارٌ وإِجلال…

يُعيِيكَ تَصنِيفُهُ وإِلحاقُهُ في رَكْبٍ أَدَبِيٍّ مُحَدَّد.

هو في البَلاغَةِ المَحبُوكَةِ زَرَدًا مُعَلِّمٌ عَلَمٌ دانَت له صَنْعَةُ البَيانِ، وأَشرَعَت، لِيَراعِهِ، مَسالِكَها إِلى كُنُوزِها لُغَةٌ فاضَ رُواؤُها، وانداحَت سُبُلُها وشِعابُها، هي الَّتِي لا يَرُودُها، على فَلاحٍ، إِلَّا سُراةٌ يَمُرُّونَ في نَدرَى، عَبْرَ تارِيخِها الطَّوِيل المَجِيد.

وفي بَدْعِ اللُّغَةِ الشِّعرِيَّةِ، تُوَشِّحُ النَّصَّ وتُلَطِّفُ مِن تَجَهُّمِهِ وجِدِّهِ، مُتَنَوِّقٌ، ذَرِبٌ، أَرِيبٌ.

أَمَّا خَواتِمُ المَقطُوعاتِ بِشَذَراتٍ مُكَثَّفَةٍ هي وَمَضاتُ وَعْيٍ يَنضَحُ بِالوِجدانِ، تُحِيلُ القارِئَ إِلى مَطاوِي ذِكرَياتِهِ الدَّوافِئِ، فَاختِلاجاتٌ في الجَوانِحِ أَينَ مِنها لَذاذَةُ العَناقِيدِ المَنسِيَّةِ على دَوالِي تِشرِين.

أَلَا إِنَّهُ الكاتِبُ الكَبِيرُ، والسَّاحِرُ الخَبِير.

وخَشيَةَ أَنْ نُتَّهَمَ بِنَثْرِ الكَلامِ خالِيًا مِن مُضمُونٍ راجِحٍ، ومَرْجِعٍ راهِنٍ، تَقرِيظًا بِصَدِيقٍ، فَإِنَّنا نُلقِي أَمامَ القارِئِ بِهذِهِ النُّبْذَةِ مِنْ نَسِيجٍ مُكتَنِزٍ بِابتِداعِ المُعْجِزِ المُتقَنِ، ولْيَتَبَصَّرْ مَلِيًّا، ولْيَتَمَصَّصِ الأَطايِبَ نابِضَةً غَزَلًا، حُرَقًا، وَجْدًا وتَنَهُّدات. يَقُول:

«أَبدَهُ البديهيَّاتِ يا هندُ،

والطَّبعُ ذَكّارٌ للجوى،

أنّكِ منّي واللّيالي سديّاتٌ

أزهى مباسِطِ الجنّة؟!» (أزهى مباسط الجنّة)

ويا لَها مِنْ هِنْدٍ، وقد مازَجَ ذِكْرُها حَنِينٌ إِلى القَريَةِ، ولَيالِي البَساطَةِ، ودِفْءِ الزَّمَنِ الجَمِيلِ، فَإِذا أَدِيبُنا ذَوْبٌ مِن شَوْقٍ أَنَّى لَهُ أَن يُرْوَى، والأَيَّامُ مِنْ داكِنٍ إِلى أَدْكَنَ، والعُمْرُ لا يُماطِلُ في الهُرُوب. يَقُول:

«هند!

لقد أَمضّني الخَبْطُ في رِكابِكِ، فهلّا مِزْعَةٌ من رُقاقِ تنوّرِكِ تَشيلُ كِفَّتِي من عِثارِها فَيَبِلُّ شَجَري، وتُوَتِّدِيْن بالصَّخرِ حبًّا تدمَّجَ في معاقِلِه؟

إنْ…

نِعِمّا ما جَنّةٌ تُوَطِّدِين!» (نِعِمّا ما جنّةٌ تُوَطِّدين!)

وأَيضًا نَقرَأُهُ، فَما مع اللَّذاذَةِ مَلال؟!:

«هند!

حسبي أَني أَشرُقُ كل يومٍ

على صوتِكِ،

وأُضِيءُ الفجرَ للعصافير!» (أُضِيءُ الفجرَ للعصافير)

وهو، وإِنْ يَمَّمَ الجَسَدَ، فَغَزَلٌ لا يَبتَذِلُ، بَل يَقرَأُ في الجَمالِ إِشراقَهُ، والطَّرْفُ خَفِيٌّ حَيِيٌّ، والخَيالُ إِلى المَرامِي البَعِيدَة. يَقُول:

«يا هند

ألا عاطَيْتِني حُبَّكِ

الّذي أقرأ صُراخَهُ خَلْفَ

قدِّكِ الميّاسِ،

في محرَّماتِ الغلائِل؟!» (ضُمَيْمَة من السَّماء)

صاحِبُنا، وقَد غَذَّ في سِنِيْهِ، مُثْقَلٌ بِأَحداثِ الأَيَّامِ – والأَحداثُ تَتَمَخَّضُ بِالذِّكرَياتِ، وتَفِيضُ نَجاوًى – يَطِيبُ لَهُ العَوْدُ إِلى شَبابٍ ذَوَى فَتَضرَمُ الحَنايا البارِدَةُ، وتَشرَئِبُّ الرِّيشَةُ، وتُهتَكُ مَطاوِي النَّفسِ، فَتَغشَى الرِّقاعَ رَوائِعُ لَن يُودِيَ بِها كُرُورُ الحِقَب. وَ «الذَّاكِرَةُ إِذا كَثُرَت أَحمالُها سارَت تُفَتِّشُ عن الأَعماقِ الصَّامِتَة»(1). ونِعْمَ التَّفتِيشُ، فَفِي الغَوْرِ، هُناكَ، ثُمالَةُ عُمْرٍ عَمَرَ وغَبَرَ، تَلتَمِعُ في لِحْفِ رَمادٍ تَراكَمَ، على اللَّيالِي، تَحتَفِزُ، فَالمِدادُ مُضِيءٌ، سُكْرًا وحَلاوات.

وهو، وفي خَرِيفِ العُمرِ، وقد تَعِبَ الهَيكَلُ، وَوَهَنَتِ المَفاصِلُ مِن تَقَلُّبِ الفُصُولِ، لَم يَزَلْ يَحمِلُ قَلبًا مُتَأَجِّجًا، وحَنِينًا إِلى دِفْءِ الجَمالِ، ويَرُوحُ يَغْزِلُ بِكَلِمٍ حَرِيرٍ لا تَشُوبُهُ لَطْخَةٌ، ولا يَعتَوِرُهُ تَهَتُّكٌ وامتِهان. أَوَلَيسَ «الحَنِينُ هو الشُّعُورُ حِينَ يَتُوقُ الجَسَدُ أَن يَذهَبَ إِلى حَيثُ تَذهَبُ الرُّوْح فَلا يَستَطِيع»، كَما أَخبَرَنا الأَدِيبُ الكَبِيرُ دُوستُويُوفسكِي؟!

 يَقُول صاحِبُنا:

                   «سَعَيْتُ إلى الحبِّ من مَبْغاتِهِ

ورُحْتُ، في تهافتِ الفراشِ

على النارِ،

أَزْرعُ مساكِبَهُ في جسدِكِ

مرافئَ، وأَكسيةً للعصافيرِ،

فأيُّ مجلِسٍ في قلبي

يا غازلة الحريرِ

لم تكوني ريحانَتَه،

                   ولمْ تدخلي فيه أَخادِيْرَ المَلِك؟! (غازلة الحرير)

وعَندَما يَتَوَلَّاهُ الأَسَى، فَيَعصِرُهُ عَصْرَ حُبَّانِ الزَّيتُونِ في الرَّحَى المُبارَكِةِ، تَخرُجُ الكَلِماتُ جِمارًا، ويَتَوَقَّدُ المِدادُ، وتَتَوَهَّجُ صُورَةُ رَفِيقَةِ العُمرِ، وقد طَواها القَدَرُ، فَيَصرُخ:

«أُمَّ البنين، إنّي أنحني لرائِحتِكِ طِيبًا مُعَنبرًا في جسدي!» (في لَحْدِ سلْمَى).

أَمَّا مَقطُوعَتُهُ (أُمُّ البَنِين) فَفَرِيدَةٌ مِن لُؤْلُؤٍ نَخشَى اقتِطاعَ بَعضِها مَثَلًا نُدرِجُهُ في إِظهارِ البَدْعِ خَشْيَةَ أَنْ نُصِيبَ شَفَفَها المُضِيءَ بِضَيْرٍ، لِذا نَترُكُها لِلقارِئِ يَسرَحُ بِخَيالِهِ في مَعارِجِها إِلى شَعْفَةِ البَهاء!

إِنَّهُ ابْنُ الرِّيفِ الأَصِيلُ، تَسرِي لَوحاتُهُ في عُرُوقِهِ كَآبَةً كامِنَةً لِأَنَّ حَربًا نَشَبَت فَأَنشَبَت أَظفارَها في رُوحِهِ ورُوحِ الوَطَنِ، وقَضَّت سُكُونَ حَياتِهِ هُناكَ، في الأَمداءِ الخُضْرِ، وأَنزَحَتهُ مِن نَعِيمِها الغَضِّ، وأَلجَأَتهُ إِلى مَدِينَةٍ آفاقُها جُدُرٌ خُرْسانٌ، وناسُها لُهاثٌ إِلى رَغِيفٍ وأَمْنٍ مَسْلُوب. فَهَل لَهُ، وهو الإِحساسُ المُتَجَسِّدُ، أَلَّا يُحَوِّمَ، بِخَيالِهِ الخَصِبِ، في أَرضِهِ البَعِيدَةِ الأَثِيرَةِ، وجَمالاتِها وبَساطَةِ أَهلِها وَوَداعَتِهِم؟!

ولِلجَمالِ عَلَيهِ دَيْنٌ لا يُنكِرُهُ، ولا يَهرُبُ مِن فَرِيضَةٍ في مِحرابِهِ العَلِيِّ، ويُؤَدِّي ما عَلَيهِ، فَإِذا الجَنَى قَلائِدُ تَبْرٍ في راحاتِ مُيَمِّمِي أَدَبِهِ الرَّاقِي. يَقُول:

«في شفتيكِ هَمْسٌ

         يُطارِحُني حُبًّا

         يتداخلُ بيني وبين حروفي،

         فَتُمطِرُ غزّارتي

         ما يسكُبُ عِطرَ الكونِ

         في قَطْرة.

         وتُورق نفسي بالخُضرةِ

         والرُّواء،

         وتُعطيني بَسطةً في التجلِّي…

         هو من بعضِ تضوُّعِ اسمِكِ

                             في بالي، وفي عروقي!» (مطر غزّارة)

وإِذْ، مِن قَسْرٍ قَصَمَ ظَهرَهُ، جادَ عَلَينا بِسَيْلِ مُرَصَّعاتٍ تَجِيئُها فَشَغَفٌ مُطَّرِدٌ، ويَعِزُّ عَلَيكَ الفِراق.

يَكتُبُ هذا الأَدِيبُ بِلُغَةٍ مَنِيعَةٍ على التَّقلِيدِ، حَرِيزَةٍ، ولكِنَّها تَحمِلُ شِحْنَةً كَثِيفَةً ثَخِينَةً سَخِينَةً مِنَ الوَجْدِ المُتَيَقِّظِ على كُلِّ سانِحَةٍ تَطرَأُ على قَلَمِهِ فَتَبُوحُ بِالشَّوقِ المَكنُونِ إِلى فِلَذٍ مَذْرُورَةٍ في أَعطافِ الدُّنيا، فَيَذكُرُ – وَيا لَذِكْرًى مِنْ لَظًى – ابنَيْهِ في الأَقاصِي، فَيَكوِي الجَوَى هَيكَلًا واهِنًا أَتعَبَتهُ الحَدَثان.

ويُخاطِبُ البَحرَ الَّذي أَقَلَّ فِلْذاتِ كَبِدِهِ، وغَرَسَها في الأَرضِ البَعِيدَةِ أَرزاتٍ في تُرابٍ غَرِيبٍ، حَمَلَت مَعَها مِن رُوحِهِ ومِن حَناياهُ ما حَمَلَت، وتَرَكَت في مَسامِّهِ مَرارَةً لا تَخْبُو، وشَوقًا صادِيًا ما تَوَفَّرَ لَهُ وِرْد، فَإِذا الحُرُوفُ تَلتَمِعُ بِالعَبَرات:

«يا بحرُ،

أَلا وَقَى الأقلام عَثْرتَك، فعلى رَغادةِ وراحةِ يدِكَ حَفَرْتُ اسمي فأنتَ الحَجَرُ المقَصَّبُ الذي أوْرَقَ مع كَنَّارةِ روحي، وكان عُروجُهُ في بيتِنا أليمًا لا يتعاظمُهُ شيءٌ، فلا تجعَلْ حاجتَنا منك إلى الأبدِ بِظَهْر؟

لَكم أبرَّ علينا برقُكَ الخُلَّبُ واستمرّ بمَريرتِهِ يُقَوِّضُ أركانَنا: فرَحَلْنا له أنفسَنا نكتُبُ بدمِنا على دفاترِ عمرِنا، ونُسطِّرُ شجرًا على ورقِ الذِكرى تَضيقُ بها الضلوعُ أَتْبَعَ من سنابلِ الظِلِّ…

يا بحرُ،

في شفاهِنا هَمْسٌ يحتمِلُ التأويلَ، فهلاّ نَستَطيعُ من أَسرِك فَكاكا؟

لا تُبعِدْني عن قُربِكَ يا بحرُ،

ولا تَجْعَلْني أركُضُ أبدًا وراء فراشِ اليقين، فقلبي إليك مُفْضٍ.

إنّي أحترسُ بك من عوادي الأيام، فاسقني مُزْنَكَ الهتونَ، ففيه نَبْضٌ ألُمُّ به شَعْثَ أرضيَ الحطيبةِ حتّى الَموات…

ولعلّك لن تنسى رأفةً بي، أن ذراعيّ تَرْتَجّانِ لِضَمّةِ حبيب!» (بَحرِيَّات III).

وصاحِبُنا، وقد «اسْتَوْلَى عَلَى الأَمَدِ»(2) في حَلَباتِ الأَدَبِ والبَيانِ الرَّفِيعِ، هو فارِسٌ ما ضَنَّ بِالرُّوحِ يَومَ ضِيْمَتِ الدِّيار. ولُبنانُهُ، لَهُ، باقٍ أَبَدًا قِبْلَةً ومَزارًا، وسُفُوحًا ما تَنَيَّحَت على أَعشابِها خُيُولٌ مُغِيْرَةٌ، ولا بَلَغَ ذُراها العَصِيَّةَ طُمُوحُ غُزاة.

وما هو بِالمُعتَزِلِ في بُرْجِهِ العاجِيِّ، وقد بَلَغَ، «السَّيْلُ الزُّبَى»، أَيَّامَنا هذه، وباتَ الجَيشُ أَمَلَ القَومِ الأَخِيرَ، فَإِذا بِهِ يُدَبِّجُ رائِعَتَهُ «جُيشُنا مانِعُ الذِّمار»، ويُطلِقُ فِيها نِداءَهُ سائِلًا لِأَبطالِهِ بَرَكَةَ العَلِيِّ، يَقُول:

«سألتُكَ ربّي أنِ احمِ تيجانَ أعمدتِنا، القلائدَ على صدرِ لبنانَ، ولا تخفِضْ جناحَ عِزِّهم، وكلِّلْهم أنَّى نِيْطَتْ بهم مَهامٌّ بسعوفِ النَّخلِ، وضفائرِ الغارِ، وقِبابِ الياسمين».

ويُنادِي بَيرُوتَ مِنْ عُمْقِ حُبِّهِ لَها، فَإِذا النِّداءُ جَمالٌ مُصَفًّى، وقَطَراتُ شَهْدٍ، ولَهْفَةٌ فِيها حَرارَةُ الهَيام:

«فيا مدينةً طُلعةً، طيِّبَةَ الدُّهنَةِ،

و”جَرّةَ مَنٍّ إلهيٍّ”،

إنّي استَخْلِفُكِ على فؤادي ولَفْحِ أُوارِهِ،

وأنحني كما جاثيًا على تُرابِكِ أُقبِّلُ خطوطَ

الأَلَمِ في عيونِ المتعَبين!» (بيروت زمرّدة تكتحل بالبحر!).

ولَرُبَّما كانَ جُلُّ نِتاجِهِ المُتَرَجِحِّ بَينَ رِيفِيَّاتٍ تَسلُبُ، ووِجدانِيَّاتٍ تَخلُبُ، ووَطَنِيَّاتٍ تُطْرِبُ، حَصِيلَةَ نَأْيِهِ الجَبْرِيِّ عَن قَريَتِهِ ومَغانِيها الدَّوافِئِ، حَتَّى لَيَصِحَّ فِيهِ – وإِنْ حَمِدْنا الجِراحَ – قَوْلُ الأَخطَلُ الصَّغِيرُ(3):

قَد يُؤْثِرُ الدَّهرُ إِنسانًا فَيَحرِمُهُ       مَن يُمنَعُ الشَّيءَ أَحيانًا فَقَد وُهِبا

هكذا

وأَنَّى تَكُنْ في رِحابِهِ فَحَدِّثْ عَن حَنِينٍ جائِشٍ، وخَدَرٍ ضافٍ، ونَشوَةٍ آسِرَةٍ، وارتِعاشِ جَوارِح!

هو عاشِقٌ لِلُّغَةِ حَدَّ الوَلَهِ، يَمْتَحُ مِن مَعِينِها الثَّرِّ في رِحلَةِ إِبداعٍ صَعبَةِ الشِّعابِ، كَثِيرَةِ التَّحَدِّي، عُدَّتُها كُلُّ طَرِيفٍ خِلْوٍ مِنِ ابتِذالٍ، مُؤَاتٍ لِلمَعنَى المَنشُودِ، مُجانِبٍ لِحُوشِيِّ التُّراثِ البائِدِ، قد تَكُونُ وارَتهُ السِّنُونُ طَويِلًا، فَجاءَ هو يَنفُضُ عن سُباتِهِ كَسَلَ الأَيَّامِ، ويَضَعُهُ في إِطارٍ يَلِيقُ بِمَجدِهِ الكامِنِ، فَإِذا هو، مَع اللُّقْياتِ اللِّداتِ، مُنجَزٌ لُغَوِيٌّ جَمالِيٌّ يَزِيدُ مِن نَفاسَةِ المَضمُونِ، ورَوعَةِ الوِجدانِ المَبثُوث.

ولُغَتُهُ جَعَلَت مِن كِتابَتِهِ مَعْلَمًا يُعرَفُ بِهِ، فَما قَلَّدَ ولا سارَ على نَهْجِ عَلَمٍ سابِقٍ أَو راهِنٍ، وتَوازِيًا تَصعُبُ مُحاكاتُهُ، لا بَل تَستَعصِي على الجَهابِذَةِ المَرهُوبِ حِماهُم. فَمَظِنَّتُهُ مَعقُودَةٌ لَها فَرَسُهُ الأَصِيلَةُ وَ «حِجِّتْها برَقْبِتْها»(4)، فَلا يُخشَى ضَياعُها في زَحْمَةِ الجِياد.

فَهَل لِمَن يَهتَزُّ أَمامَ إِبداعِ العَرَبِيَّةِ أَنْ لا تَتَحَرَّكَ يَداهُ تَصفِيقًا إِزاءَ مُفَلَّذاتِهِ النَّوادِر؟!

هي لُعبَةٌ أَتقَنَها، وَحِيدَةٌ لا تُحاكِي ولا تُحاكَى، مَأْتاها لُغَةٌ «مُنَزَّهَةٌ عَن السَّرَقِ المُوَرَّى، مُكَرَّمَةٌ عَن المَعنَى المُعادِ»(5)، تَوَلَّهَ إِلَيها، ونَذَرَ لَها ضَنَى السَّعْيِ الدَّؤُوبِ، فَجادَت عَلَيهِ بِالفَرائِد وعَزِيزِ الحَصاد.

ثُمَّ، أَلَيسَ في خَطَراتِهِ، وقد تَوَقَّدَ في ضَمِيرِهِ الوِجدانُ، دِفْءُ الصَّلاةِ، ورائِحَةُ المَباخِر؟!

وهو وَصَّافٌ ماهِرٌ، لا تَفُوتُهُ دَقائِقُ الأُمُورِ، حَتَّى لَيُسْبِغَ على مَوصُوفِهِ ما لَيسَ مِن طَبِيعَتِهِ تَزْوِيقًا لِلصُّورَةِ، وإِضاءَةً على المَخْفِيِّ مِنها، وإِلباسَها مُتَخَيَّلًا لا يَمُجُّهُ التَّذَوُّقُ الأَدَبِيُّ لِأَنَّهُ يَتَسَربَلُ بِاللُّغَةِ المَسبُوكَةِ بِالصِّحَّةِ والجَمالِ، مَشغُولٌ بِأَنامِلِ مُتَهَجِّدٍ في لَيْلِ الكَلِمَةِ، يُسكِرُهُ رَحِيقُها، فَيَرُوحُ يُسكِرُ أَضيافَه مِن أَقبِيَتِهِ العَوامِر. ولَرُبَّما نَراهُ يَجُودُ بِمَشاعِرَ إِنسانِيَّةٍ على حَيَوانٍ أَو جَماد. ولِمْ لا؟ أَلَيسَ «الأَدَبُ استِعمالٌ نَوعِيٌّ لِلُّغَة»؟!

نَقرَأُه: «تُطالِعُكَ في هذا العملِ الأدبيِّ خُيولُ الأَحرفِ، وأَغاريدُ الكلماتِ كمَبْرَقِ الصُّبحِ، وَزِيْنةٌ حتّى الاشتهاء.

لِخُبزِها شميمٌ من نوعٍ آخَرَ،

وتضيُّعُ مِسْكٍ، وأَفوافٌ مُوَشّاةٌ، وعصائِبُ مُرصَّعةٌ، وقِبَبُ ندىً، مثلما من نوافِذَ هنيَّةِ البالِ في الجبلِ تَمسحُ جِباهَها بالنُّور» (التَّوطِئَة).

ونَطْمَعُ في أَكثَرَ: «يا شجرةَ العَنبَرِ، عيناكِ اختصارُ المسافاتِ، فلا تَدعيني أَمهُرُ في تسلُّقِ الذُّرى، وأنتكِبُ كِنانتي بعيدًا عمّن هي مقدورةٌ لي، فأنكِبَ عن الطّريق!» (عيناكِ اختصار المسافات)

ولَن نَنسَى، في تَطوافِنا الفاتِنِ، خِبرَتَهُ ودِقَّتَهُ وعُمقَهُ في رَسْمِ الشَّخصِيَّاتِ، مَظْهَرًا ودَخِيلَةً، تَتَراسَلانِ بِتَناغُمٍ لا يَشُوبُهُ تَناقُضٌ، ولا يُعِيبُهُ نُقْصانٌ، فَقَلَمُهُ، أَبَدًا، تَحتَ رِقابَةِ عَقْلٍ يَتَنافَى والشَّطَطَ، رُغْمًا عَن تَعَلُّقٍ مُفْرِطٍ بِاللُّغَةِ يُغرِي بِالذَّهابِ بَعِيدًا في لُعْبَةِ التَّراكِيبِ، ونَسْجِ البَهار. ولَنا في مَقطُوعَتِهِ (مِن مَزادَةِ الرِّيْف) مَثَلًا ساطِعًا عَمَّا نَقُول.

وكم لَجَأَ إِلى أَنسَنَةِ ما لا يُعقَلُ لِتَكتَمِلَ الصُّورَةُ بِزَخْمٍ أَوْفَى، وتَتَجَسَّمَ الظَّواهِرُ أَحاسِيسَ تُخبِرُنا عَن جَلِيَّةِ ما لا يَجرِي في قامُوس البَشَر. فَها دِيْكُ «هَلُّونِ» يُفْصِحُ عَمَّا يَعتَرِيهِ ولا يَتَحَرَّج:

«أمّا متى يُباسِطُ دِيْكُها دجاجةَ جارتِها نائِلةَ، ويُكِنُّ لها بأَسرارِهِ وأشيائِهِ الحميمةِ، فمن المُحرَّماتِ […]. وكم مَرَّةٍ عاد هذا الديِّكُ المُتشاسِعُ في البهاءِ نافِشًا عُفْرِيَّتَهُ يَتسانَدُ بجناحَيْهِ كلّما صادَفَ ديكًا غَزِلاً يُساهِمُهُ على أُنثاهُ» (هَلْوسات هلّونيّة).

لَقَد أَنطَقَ أَدِيبُنا أَرضَ قَريَتِهِ وما تَطْوِي مِن تَقالِيدَ، وما تُنبِتُ مِن جَمالات. هو «أَمِين نَخْلَة» آخَرُ ما قَلَّدَ سَلَفَهُ بَل باراهُ فَما قَصَّر، وسارَ القَلَمانِ في نُزهَةِ البَهاء. فَلْنُرافِقْ، مِثالًا، زَيزَفُونَتَهُ، وَلْنُحَدِّثْ، ما شِئْنا، عَن مَراسِمِ العَبِيرِ في المَطارِفِ البِيْضِ، وفي البَثِّ الزَّكِيّ. ثُمَّ لا يَبْرَحُ عَن حِياضِها إِلَّا بِوَداعِ حَبِيب: (يا زَيزَفُونَةَ دارِنا، لقد مَرَنَ لِساني على ذِكرِكِ، فَوَكَدْتُ على نَفسي الحَلَفَ إلَّا في تُرابِك؟!) (زَيزَفُونَةٌ مِن هاتِيكَ الدِّيار).

ومِمَّا يُثِيرُ عَجَبَكَ قُدرَتُهُ على تَطوِيعِ لُغَتِهِ العالِيَةِ المَنافِ على التَّعبِيرِ الطَّبْعِيِّ عَن الإِحساساتِ المُرهَفَةِ، والمَشاعِرِ المُتَلَظِّيَةِ، والغَزَلِ الرَّقِيقِ، ساعَةَ تَجمَحُ بِهِ الذِّكرَياتُ إِلى مَرابِعِ الصِّبا والشَّبابِ في رِيْفٍ تَنطِقُ مَعالِمُهُ بِالجَمالِ، ويَزخَرُ بِمِلاحٍ، على «حُسْنٍ غَيرِ مَجْلُوبٍ»(6)، يَرْفُلْنَ في الطَّراءَة والدَّلال.

فَلْيَتَرَوَّ الغامِزُونَ اللَّامِزُونَ عَلَيهِ صُعُوبَةَ لُغَتِهِ، ووُعُورَةَ مَنْشُورِهِ، فَما في وَكْدِهِ إِرضاءُ الكَسالَى الَّذِينَ لا يَتَكَلَّفُونَ مَؤُونَةَ الدَّرسِ والتَّفتِيشِ، ويَطلُبُونَ العَرَبِيَّةَ، لُغَةَ الذُّرُواتِ، على طَبَقٍ مِن فِضَّةٍ، ولا قَطَراتٍ على الجَبِين.

وهو، على عُلُوِّ كَعْبِهِ في شُؤُونِ العَرَبِيَّةِ، لا يَتَشامَخُ، بَل يُعِيرُ كُلَّ قارِئٍ لَهُ غَيْرِ مُتَضَلِّعٍ فِيها اهتِمامَهُ وَوَكدَهُ، فَيُضِيفُ على نَصِّهِ حَواشِيَ تَفسِيرِيَّةً لِلكَلِماتِ غَيرِ المَألُوفَة.

لا يا سادَة…

هذا أَدِيبُ المَحافِلِ السَّامِقَةِ، لا تَلتَقُونَهُ في السَّابِلَةِ بَل في صُدُورِ الدَّواوِينِ الأَدَبِيَّةِ الرَّاقِيَة.

ونَدعُوكُم إِلى التَّبَحُّرِ في مَقطُوعاتِهِ الرَّقِيقَةِ تَواءَمَ فِيها الحَبْكُ المُوَشَّى، والمُفرَداتُ المَرصُوفَةُ في أَماكِنِها المُواتِيَةِ، والهَمْسُ العَذْبُ كَوَسوَساتِ الحُلِيِّ على الأَجيادِ الرِّقاق. وفي المُطلَقِ فَإِنَّ دِيباجَتَهُ عَصِيَّةٌ على التَّجرِيحِ، مَنِيعَةٌ في فَصِيحِها الصَّبِيح.

نَعَم…

بِمُعْجِزِ عَطائِهِ نَتَدَرَّعُ ونَقُول: وَفِّرُوا الجُهْدَ، وماءَ الوَجْهِ، يا مُدَّعِي الأَدَبِ، ويا ضارِبِينَ في الرِّيحِ، ولا تُخطِئُوا التَّسدِيدَ، فَقَد «قَطَعَتْ جَهِيْزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيْبِ»(7)، وما «يُدرِكُ الظَّالِعُ شَأْوَ الضَّلِيع»(8). وَلَئِنْ أَفرَحَكُمُ الكَلامُ المُكَدَّسُ المُكَلَّسُ لِأَنَّهُ سَهْلُ النَّوالِ، وغَلَّةُ صَدِيقِنا بَعِيدَةُ المَنالِ، فَهَنِيئًا لَكُم ما تَستَسِيغُهُ الدَّهْماءُ، وذَرُونا في ما يُرضِي الفُصَحاءَ بِمَعانِيهِ الجَلِيلَةِ، وزِيِّهِ المُلُوكِيِّ، واعلَمُوا أَنَّهُ «ما كُلُّ سَوداءَ تَمْرَة»، وَ «لا كُلُّ ما يَطِيرُ بِبازِ»(9). ثُمَّ لا تَخْدَعَنَّكُم، بِمَظاهِرِها الجَوْفاءِ، تَظاهُراتٌ «ثَقافِيَّةٌ» في مَجامِعَ وصُحُفٍ لَيسَ مِنْ هُمُومِها البَلاغَةُ الرَّصِينَةُ، ولا البَدْعُ الكَرِيمُ، بَل تَهْزَجُ لِكَثْرَةِ الوافِدِينَ، فَــ «مَن لا يُحسِنُ إِلَّا التَّوقِيعَ، أُحِلَّ المَحَلَّ الرَّفِيعَ، ولُقِّمَت يَدُهُ وقَدَمُهُ كما يَلقَمُ الثَّدْيَ الرَّضِيعُ»(10).

أللَّهُمَّ… أَبْعِدْ عَن حِمانا حُمَّى «خَفْقِ النِّعال»(11)!

***

فَيا قارِئًا

وقد حَظِيْتَ بِسِفْرِ صاحِبِنا النَّفِيسِ، تَمَزَّزْ رَحِيقَهُ، فَهو المُعَتَّقُ يُؤْخَذُ بِتُؤَدَةٍ، ولُغَتُهُ لا تُؤْتَى إِلَّا بِالتَّمَعُّنِ وشَحْذِ البَصِيرَةِ، فَما هي تَسْوِيدُ صَحائِفَ، بَل نَحْتٌ في مَرْمَرٍ، وشِيارُ شَهْدٍ مِن شِعافِ الأَكَم.

لُغَتُنا، «لُغَةُ السِّحْرِ والنُّهَى والمَعانِي»(12)، يا حامِلِي الأَقلامِ، كُنُوزٌ مُنداحَةٌ، فَمَن وَعَى وسَعَى، يَعُودُ بِالوَفْرِ الثَّمِينِ، ومَن تَلَكَّأَ وتَوانَى فَما لَهُ في حِماها مَقِيْلٌ، ولا مِنْ حَرِيرِها فَتِيل. لَكَأَنِّي بِبَشَّارَ بنِ بُرْد يُصَوِّبُ نَحْوَها بِقَولِه:

تُعطِي الغَزِيرَةُ دَرَّها وإِذا أَبَتْ        كانَت مَلامَتُها على الحَلَّابِ

وَيا صَدِيقَنا

نَتَأَمَّلُ حالَكَ، وحالَنا، نَحنُ مَن تَكَرَّسْنا لِلحَرْفِ وشُجُونِهِ، نُعانِي ما في إِدراكِ عُلاهُ مِن مَشاقٍّ، فَيَحُزُّ فِينا أَن يَتَنَطَّحَ لِحَلْبَتِهِ مَن يَمتَشِقُونَ الأَقلامَ الهَزِيلَةَ، ويَطمَحُونَ لِمَجْدِهِ الحَرِيزِ وَ «لَيسَ عِندَهُم خَلٌّ ولا خَمْر»(13)، ويُسكِرُهُم التَّطبِيلُ مِن أَندادِهِم، يَتَبادَلُونَهُ، وَ«كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيهِم فَرِحُون»(14)!

أَلَا حَسْبُنا الله…

أَمَّا أَنتَ، فَإِنَّكَ بَلَغتَ الذُّرَى، وتَرَبَّعْتَ مع المُبدِعِينَ الكِبارِ، فَحَقَّ لَكَ الزَّهْو. فَلْنَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّنْ قَصَّرُوا، وكَم كُثُرٌ هُم، ولا غَرْوَ فَــ «ما كُلُّ امرِئٍ قادِرًا أَن يَزُورَ كُورَنْثُس»(15)!

جُوزف مهَنَّا

أَلَا اضْرِبْ، ما أَجازَ لَكَ العُمْرُ، بِقَلَمِكَ المُبْدِعِ، في مَتْنِ العَرَبِيَّةِ الصُّلْبِ، تُخرِجْ لَنا كُنُوزًا لا يُفنِيها زَمَنٌ أَكُولٌ، ويَقِينًا سَتَكُونُ لَكَ، كَـ «صَخرَةِ حُورِيْبَ»(16)، سَخِيَّةَ العَطاءِ، عَذْبَةَ المَوْرِدِ، سَلسالَةَ المَعِين!

سَلِمْت!

***

 

(1): «إِنَّ الذَّاكِرَةَ إِذا كَثُرَت أَحمالُها سارَت تُفَتِّشُ عن الأَعماقِ الصَّامِتَة»

                         (جُبران خَلِيل جُبران، «يَسُوعُ بنُ الإِنسان»)

(2): إِلَّا لِمِثْلِكَ، أَوْ مَنْ أَنْتَ سَابِقُهُ          سَبْقَ الجَوَادِ، إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الأَمَدِ   (النَّابِغَة الذّبيَانِي)

(3): (بشارَة الخُورِي، الأَخطَل الصَّغِير، مِن قَصِيدَتِهِ «المُتَنَبِّي»)

(4): «حِجِّتْها برَقْبِتْها»   (تُقالُ عَن الفَرَسِ لِلدَّلالَةِ على أَصالَتِها)

(5): مُنَزَّهَةٌ عَن السَّرَقِ المُوَرَّى،     مُكَرَّمَةٌ عَن المَعنَى المُعادِ   (أَبُو تَمَّام، مُتَكَلِّمًا على قَصِيدَتِه)

(6): حُسْنُ الحَضارَةِ مَجلُوبٌ بِتَطرِيَةٍ           وَفي البَداوَةِ حُسنٌ غَيرُ مَجلُوبِ   (المُتَنَبِّي)

(7): «قَطَعَتْ جَهِيْزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيْبِ»

    (مَثَلٌ عَرَبِيٌّ يُضرَبُ في مَن يَقطَعُ على النّاسِ ما هُم فِيهِ بِأَمْرٍ مُهِمٍّ يَأتِي بِه)

(8): الظَّالِع: الأَعرَج / الضَّلِيع: القَوِيّ؛ الشَّدِيدُ الأَضلاع والعَظِيمُ الصَّدْرِ والجَنبَين

(9): لَيسَ كُلُّ السَّراةِ بِالرُّوذَبارِيِّ         ولا كُلُّ ما يَطِيرُ بِبازِ   (المُتَنَبِّي)

    (السَّراة: الأَشراف / الرُّوذَبارِيِّ نِسبَة إِلى رُوذَبار بَلدَةٌ بِالعَجَم

(10): «وَمَن لا يُحسِنُ إِلَّا التَّوقِيعَ، أُحِلَّ المَحَلَّ الرَّفِيعَ، ولُقِّمَت يَدُهُ وقَدَمُهُ كما يَلقَمُ الثَّدْيَ الرَّضِيعُ»

    (أَحمَد فارِس الشِّدياق في«السَّاق على السَّاق في ما هو الفارياق»)

(لَقَّمَهُ الطَّعامَ: أَلقَمَهُ إِيَّاه؛ جَعَلَهُ يَأكُلُهُ بِسُرعَة / لقِمَ يلقَم الطَّعامَ: أَكَلَهُ بِسُرعَةٍ ونَهَمٍ)

(11): «لا أَهتَمُّ لِخَفْقِ النِّعالِ خَلفَ الرِّجالِ، بَل أَهتَمُّ فَقَط لِلحَقّ»   (الإِمام عَلِي بِنْ أَبِي طالِب)

(12): لُغَتِي فاقَتِ اللُّغاتِ جَمِيعًا                  واستَقَلَّت بِقَبضَةِ الصَّوْلَجانِ

   وهيَ مَهما تَجافَتِ النَّاسُ عَنها             لُغَةُ السِّحْرِ والنُّهَى والمَعانِي

                       (الشَّيخُ ابراهِيم المُنْذِر، قَصِيدَةُ «صُونُوا أَرضَكُم»)

(13): «ما عِندَ فُلانٍ خَلٌّ ولا خَمْرٌ»

(مَثَلٌ يُرادُ بِه: لَيسَ عِندَهُ خَيْرٌ ولا شَرٌّ؛ لِأَنَّ العَرَبَ كانُوا يَعتَبِرُونَ الخَمْرَ خَيْرًا لِلَذَّتِها، والخَلَّ شَرًّا لِحُمُوضَتِها)

(14):﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾

                              (القُرآنُ الكَرِيمُ، سُورَةُ الرُّوْم، الآيَة 32)

(15): «ما كُلُّ امرِئٍ قادِرًا أَن يَزُورَ كُورَنْثُس»     (بَولُسُ الرَّسُول)

كانَت مَدِينَةِ كُورَنثُوس، عِندَما أَتاها بَولُسُ الرَّسُول مُبَشِّرًا، مُكلِفَةً لا يَستَطِيعُها إِلَّا الأَثرِياء، فَدَرَجَ المَثَلُ المَذكُور.

(16): «ثُمَّ ارتَحَلَ كُلُّ جَماعَةِ بَنِي إِسرائِيلَ مِنْ بَرِّيَّةِ سِينٍ […]، وَعَطِشَ هُناكَ الشَّعْبُ إِلى الماءِ […]، فَصَرَخَ مُوسَى إِلى الرَّبِّ […]، فَقالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: ها أَنا أَقِفُ أَمامَكَ هُناكَ على الصَّخْرَةِ في حُورِيْبَ، فَتَضرِبُ الصَّخرَةَ فَيَخرُجُ مِنها مَاءٌ لِيَشرَبَ الشَّعْبُ»   (الكِتابُ المُقَدَّس، سِفْرُ الخُرُوج، آيات 1، 3، 4، 5، 6)

اترك رد