صعب للدراسات تستذكر د. حسن صعب “أبو الإنماء” بالذكرى الـ 32 لرحيله

 

   محمد ع.درويش

 

حسن صعب رجل العلم وأيقونة المحبة والإنفتاح ورمز الاخلاص لقيم الحق والوطنية.

حسن صعب ابن العائلة البيروتية العريقة بالوطنية والعروبة.

“حسن صعب” الشاب العصامي المكافح، المتواضع، المدافع، عن وطنه وأهله.

 

في أحلك الأيّام وأصعب الظروف التي نحن بأمسّ الحاجة فيها الى ضوء ينير لنا النفق المظلم الذي نسير فيه، تحل علينا الذكرى  ال 32 لرحيل  شخصية وطنية وقامة علمية كبيرة، لكي يصحّ القول الشهير “وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر”.

د. حسن رحلت وتركت أثراً كبيراً في قلوبنا وذكرى ناصعة البياض في ندوتك ومدينتك بيروت التي لطالما أحببت.

د.صعب لقد كان لي الشرف أن اعمل لديك.

د.صعب ستبقى ذكراك وانجازاتك راسخة في قلب وعقل ووجدان اللبنانيين رسوخ الارز في ارض وطننا المعطاء.

بمناسبة الذكرى ال 32 لرحيله أصدرت مؤسسة حسن صعب للدراسات والابحاث بيانا جاء فيه :

لعل افضل ما يكتب عن حسن صعب في ايامنا هذه هو ما كتبه هو. فقد كان معتاداً ان يكتب مذكراته اليومية ليلاً قبل النوم، وفي مقدمة كتبها ليلة غيابه كتب : “خلقنا لنحيا، الحياة وحدها تستحق ان نكونها، وأنا اريد ان اكون، اريد ان احيا، اريد ان اتحرك، اريد ان اخلق، اريد ان اذهب إلى تونس، لاحارب من احارب في “الكسو” ولأسالم من اسالم. وهكذا كان وجودي في هذه المنظمة بعد ان اقتحمت لبنان فيها عام 1985 بعد مقاطعة خمسة عشر عاماً، لماذا فعلت ذلك؟.. لأن لبنان عربي، بل رائد في منظمة الثقافة العربية”.

كما وجهت أرملته الدكتورة نعمت غندور رسالة من مقر إقامتها في الولايات المتحدة الأميركية أكدت فيها أن “إحياء مكتبة حسن صعب هو إعادة بناء وإحياء لدور لبنان الطليعي على المستويات الإقتصادية والإعمارية والإنمائية والثقافية. وتعتبر المكتبة المرفق الثقافي الهام، ويتشكل عملها الأساسي على تجميع التراث الفكري اللبناني وتعزيز الهوية الثقافية، كما تعتبر مركزاً متخصصاً في شؤون الكتاب والمكتبات في لبنان والعالم العربي”.

أضافت: “إذا كانت أعماله في تأسيس الجمعية اللبنانية للعلوم السياسية ثم ندوة الدراسات الإنمائية معروفة، فلا بد من الإشارة الى “هيئة التعبئة الوطنية” التي أسسها في عام 1967 بعد هزيمة حزيران وحشد فيها الكثير من الطاقات الكبيرة”. تابعت: “إنجاز تاريخي لصعب، لعله الإنجاز الأكبر كما يقول الرئيس سليم الحص، هو إدخال لبنان في المنطقة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو” بعد غياب لبناني استمر 20 عاماً… وقام بتحقيق مشروع قانوني موحد للانتخابات شاركت في وضعه الأحزاب اللبنانية بعد اجتماعات متواصلة استمرت بضعة أشهر في “ندوة الدراسات الإنمائية”.

وأثنت في رسالتها على ما جاء في كلمة الدكتور عدنان السيد حسين الرئيس السابق للجامعة اللبنانية الذي قال: “صعب رجل حوار من الطراز الأول لا يؤمن بالقطيعة. قال ذات يوم: في السياسة لا خصومة ولا قطيعة، خلال حديث له في الثمانينات القرن الماضي، داعياً لأن تحاور الحركة الوطنية في حينها حزب الكتائب مهما كانت الحواجز والصعوبات. انه انسان كبير لأنه كان مع الطلاب ناصحاً ومرشداً، وللأساتذة خير زميل. وعندما جاء عميداً لكلية الإعلام والتوثيق، كان من أفضل الذين خدموا الجامعة، في حركته الدائمة، كان إنساناً لا يهدأ، يكتب ويسافر ويؤلف ويحاضر ويحاور، وهذه من أنبل الصفات وأندرها في لبنان وعالمنا العربي”.

أضاف: “يكفي أنه كان سباقاً في طرح دور الإنسان غاية ووسيلة قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في تسعينات القرن الماضي، إذ ربط فكرة الإنماء بالإنسان غاية ووسيلة، وبذلك كرس فكره الإنساني النبيل، وقاد بامتياز فكرة الإنماء في لبنان”.

وختاما دعت غندور لاحترام كرامة اللبنانيين ومعالجة الوضع المالي والاجتماعي   وحقوق الناس وقضية مرفأ بيروت.

واملت ان ينعم وطننا بمزيد من الأمن والاستقرار، وان يتحقق التلاقي بين جميع أبنائه، لما فيه المصلحة الوطنية اللبنانية العليا، وأن يعم الأمن والاستقرار الوطن العربي بأكمله.

كما وجه الزميل محمد درويش تحيته الى معلمه الدكتور حسن صعب، تحية الأجيال، تحيةَ لبنان الحضارة، فهو مَن علّمَ أن لبنان هو الملتقى الفريد للمسيحيّة والإسلام، وأن لبنان وطنُ العقل لا وطنُ العنف، ورفع أمامَنا شعاره الدائم : “إنماء الإنسان، كلِّ إنسان وكل الإنسان”.

حسن صعب رجل فكر حارب الجهل فصرعه ونشر المعرفة بين جيل وجيل أشرعة وعي وتيقظ وضياء.

كان حسن صعب رجلاً عقلانياً في زمن التعصب والجهل وكان رجل محبة في زمن الحقد والاقتتال وكان رجل النقاش الهادىء في زمن فرض الافكار بقوة السلاح .

لقد أدرك حسن صعب أن رجال الفكر كأصحاب الرسالات مدعوون دائماً إلى إبداء الرأي الصحيح والعمل على التغير وقلب الموازين الوطنية والتاريخية والاجتماعية حتى لو تعرضوا للموت من أجل إبلاغ رسالتهم الصادقة. ولفت الدكتور صعب الى أنه “في ضوء فهمه لجدية الترابط بين الهوية اللبنانية والهوية العربية، أكد أهمية تواصل الإسلام والمسيحية في نشأة لبنان الوطن الفريد، كما قال، الوطن القدوة… المصغر الإبداعي للوحدة من التنوع، في التمدن العربي، والتحضر الإنساني. وكل ذلك ضمن بنائه الفكري الكبير بعنوانه : “الإسلام وتحديات العصر”. وفي ضوئها أيضاً، حض د.صعب اللبنانيين على “الإجماع على أن الهوية العربية، كما قال، هويتنا الذاتية الاختيارية، وعلى أن الثقافة العربية المنفتحة على باقي الثقافات الإنسانية انفتاحاً إبداعياً هي ثقافتنا الذاتية الاصيلة”. وحذر ايضاً من الخطر الصهيوني على لبنان والمنطقة العربية برمتها وعلى مستقبل العلاقات الإسلامية المسيحية التي ان أصيبت في لبنان بالذات ستنعكس آثار اصابتها في كل أنحاء العالم”.

كما دعا الزميل درويش الى التعجيل بتأليف الحكومة والتفرغ للقيام بما تبقى من وقت قصير بتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية عن كاهل اللبنانيين وإعادة الاعتبار للدولة. التي لم يعد لها وجود على صعيد الرواتب للعاملين بالقطاع العام، سواء الدوائر الرسمية والقطاع التربوي او القطاع الخدماتي والاستشفاء والدواء حتى وصل الأمر الى احتكار رغيف الخبز، وانقطاع الكهرباء والماء. فهل هناك من بقي لديه ولو القليل من حس المسؤولية قبل أن يضيع الوطن على أعتاب المحاصصة والفساد”.

وأضاف : “نأمل  ان تتحسن  ظروف  البلاد  الى الأفضل  وان يكون القادة في لبنان قد جمعوا كلمتهم  ووحدتهم على رأي واحد، وان تتجسد الوحدة الوطنية بين اللبنانيين، وهذا يتطلب التركيز على الرؤية والتبصر لما فيه  مصلحة لبنان واللبنانيين”.

وختم قائلا: نتمنى على القادة اللبنانيون ان يتفقوا على جمع الكلمة ووحدة الرأي لاعادة لبنان الى خارطة الدول  الكبرى،  وإعادة جمع الرأي  والوحدة  في الموقف، وان يعمل الجميع لخدمة الوطن وشعبه العظيم، وان يستغنوا عن المطالب الخاصة، ويترفعوا عن الصغائر ويتنازلوا من أجل لبنان الذي يتعرض لمخاطر وصعوبات   خارجيا وداخليا،  الامر الذي يفرض على الجميع التبصر ووحدة  الموقف”.

***

*حسن صعب، “مفكر الإنماء”  توفى في مدينة بيروت  بتاريخ 25 تموز 1990.

اترك رد