جورج شامي ذاكرة مضيئة وقامة مبدعة في الصحافة والثقافة والأدب

 محمد ع.درويش

 

رحل عن عالمنا منذ أيام الروائي والصحفي جورج شامي (١٩٣١-٢٠٢٢) بعد صراع طويل مع المرض.

تتقدم مؤسسة حسن صعب للدراسات والابحاث من عائلة الراحل جورج شامي بأحر  التعازي والمواساة، سائلين الله أن يعوض على لبنان هذا الرحيل  وخصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي نفتقد فيها إلى كل أولئك الذين اعتنى الوطن بهم سيرة ويراعا ونبض حقيقة.

جورج شامي ولد عام ١٩٣١ في بيروت.

صنف أستاذاً جامعياً بدرجة دكتوراه دولة من الجامعة اللبنانية عام ١٩٧٨.

جورج شامي مفكر وكاتب وصحافي ومؤرخ ومثقف من ارفع المثقفين وأعمقهم، ومدير لكلية الاعلام في الجامعة اللبنانية، ومعلماً، ومدير للوكالة الوطنية للاعلام، ومؤسس لأهم الصحف والمجلات العربية في الخليج العربي كما بلدان الاغتراب أما كتبه ومؤلفاته فلا تعد ولا تحصى.

سأذكر بعضاً منها على سبيل المثال وليس الحصر:

روايات

«رواية طويلة في سيرة عادية»، دار نلسن، 2018.

«أول الذهب : رواية»، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2005. «ذكريات عارية : رواية»، الكوكب، 2010.

«عصير الزنزلخت : رواية»، رياض الريس للكتب والنشر، بيبروت، 2008.

«المحارة الباكية: وجدانية»، رواية، دار نلسن، 2020.

قصص

«كلب النافذة : قصص قصيرة»، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2014.

«النمل الأسود-ألواح صفراء-أعصاب من نار»، قصص، دار الجديد، بيروت، 1998.

«إنها آخر الحبّات : قصص قصيرة»، رياض الريس للكتب والنشر، 2016.

«ماذا بقي من القتال»،

قصة، رياض الريس للكتب والنشر، باريس، 2003.

«النمل الأسود: مجموعة قصص»، دار الجديد، 1998.

«أعصاب من نار : قصص»، دار الكتاب الجديد، بيروت، 1963

«ألواح صفراء: قصص»، منشورات حلقة الثريا، 1959.

«قديشات الوهو»، دار الجديد، 1998.

«عاشقة بألوان قوس قزح، جرح عميق في برميل مازوت، ليلة في برج القوس» دار الجديد، بيروت،2000

أخرى

«زمن الحداثة : قامات عصيةّ على النسيان»، دار الأجيال لدراسات والنشر، بيروت، 2014.

«تدبير تناذر النفق الرسغي في مشفى حلب الجامعي»، 2003.

“قصتي مع منح الصلح، 1980-1982″، دار نلسن، بيروت، 2015.

«زورق على شاطئ الانتحار»، مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجّان، 2014.

«سمك لبن تمر هندي : الوجع، الفرح، الرقص»، دار نلسن، 2017.

«الحلم والحنين في الذاكرة الحدباء : ضمّة وفاء متوّجة بصدى المنابر»، دار نلسن، 2016.

«في قفص الاتهام … : إضاءات على مطاوي الذات دفاعاً عن البراءة والحقيقة»، دار نلسن، 2015.

«أبعاد بلا وطن وطن بلا جاذبية»، دار الجديد، بيروت، 1998.

«وطن بلا جاذبية إيمان بلا شفاعة»، بيروت، 1979.

«لماذا؟ يا أخي: رسالة من وحي الأحداث»، الكتائب اللبنانية، المجلس الحزبي، الشعبة الخامسة، بيروت، 1933.

«انطباعات سوريالية بين أزرقين»، دار نعمان للثقافة، 2016.

«مطلات رمادية في عالم المرأة»، دار نلسن، بيروت، 2016.

«إذا نطقوا … علامات فارقة: حوارات مع لفيف من المثقفين»، الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا، 2012.

«زهرة الرمال»، المنشورات الجامعية والعلمية، 1963.

«أغمار من المودّات في زمن الجحود : ستّون سنة من العطاء بأقلام نقّاد ودارسين وأصدقاء»، دار نلسن، 2015.

«قلوب شجاعة / مسرحية من ثلاثة فصول وستة مشاهد»، مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجّان، 2014.

وزير الثقافة

نعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى الصحافي والروائي جورج الشامي، وقال في وداعه، “ثمة من يرتحلون فلا تغادر معهم البصمة ولا يجف حبر اليراع. يحملون لهيب الجرح في وطن المواجع ويرسمون مطالع الفجر فينسج الوداع شريط خيوطهم الذهبية على جبين الزمن”.

وأضاف المرتضى في بيان، “من بين هؤلاء الصحافي والروائي جورج وديع الشامي الذي ارتحل ونحن والبلد بأمس الحاجة له قلما نابضا بالوعي وأديبا ناهضا برسالة المحبة والخير والسلام”.

وقال إنني “إذ أنعى راحلنا الى اللبنانيين جميعاً، أتقدم من عائلته الصغيرة والكبيرة ومن زملائه في الصحافة وعالم الأدب، ومن كل من تابعه قراءة وتأثر به حرفاً وكلمة نابضة بالوعي بأحر التعازي، سائلا الله أن يعوض على لبنان هذا الرحيل وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة التي نفتقد فيها الى كل اولئك الذين اغتنى الوطن بهم سيرة ويراعا ونبض حقيقة”.

نقيب المحررين

ونعى نقيب المحررين جوزف القصيفي الراحل الكبير بكلمات قال فيها:”كانت حياته كفاحًا موصولًا، موشاة بالكرامة وعرق الجبين”.

وجاء في البيان : غيّب الموت الصحافي والإعلامي جورج وديع الشامي ،المدير السابق لكلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية- الفرع الثاني. والراحل المولود العام 1931 في بيروت ، عمل في الصحافة منذ العام 1952، في جريدة «النهار»، ومنها انتقل للعمل في الصحف والمجلات والوكالات المختلفة، فكان محرراً ومديراً ورئيساً للتحرير: «صدى لبنان»، «الحياة»، الشراع»، «العمل»، «الرأي العام» في الكويت، «الاقتصاد اللبناني والعربي»، «الوكالة الوطنية للأنباء» «الحسناء»، «الأسبوع العربي»، «الأنوار»، «الوطن العربي»، في باريس، و«المشاهد السياسي» في لندن.

وللراحل الذي انتسب إلى نقابة محرري الصحافة اللبنانية في خمسينيات القرن المنصرم، وكان عضوا في مجلسها ، عشرات المؤلفات في السياسة والادب والرواية والشعر، وسيرة ذاتية غنية بالمحطات والمعلومات، التي تقدم صورة واضحة عن الهوية الفكرية والثقافية لهذه الشخصية الاعلامية الوطنية التي سيفتقدها لبنان.

وقال نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في وداعه: بحزن كبير وألم عميق أنعى إلى الأسرة الصحافية والإعلامية في لبنان والعالم العربي جورج الشامي، تلك القامة والهامة التي برزت في عالم المهنة وتألقت ، وأدت أدوارًا اساسية في تقدمها ونهضتها وتحديثها، وخلفت بصمات لا تمحى على جبينها.

جورج الشامي لم يكن عابرًا في دنيا الصحافة التي أعطاها من عقله وفكره وقلبه حتى الرمق الاخير. لم يخل الميدان وظلّ فيه يصول ويجول ، ويعطي ، بل يزيد عطاء وهو على مشارف العقد التاسع من عمره. ترأس تحرير كبريات الصحف والمجلات ، وتجاوزت كتبه ومؤلفاته الخمسين عدا.

كتب في الأدب والفن والمسرح ودون سيرته الذاتية الثرة بديباجة عكست اسلوبه الرشيق وثقافته الواسعة، وقدرته على الإحاطة بكل الموضوعات بموضوعية ، وحسّ نقدي ذي بعد استشرافي. قاص وروائي. اكاديمي مميز ، وتجربته كمدير لكلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية – الفرع الثاني ، دلت إلى تمكنه من فن الإدارة والتواصل مع الطلاب.

كانت حياته كفاحًا موصولًا، موشاة بالكرامة وعرق الجبين، معطوفة على صلابة وعزم لا يلينان أمام الصعاب والتحديات. كان عضوًا في مجلس المحررين في مطالع ستينيات القرن المنصرم ، عاملا على توطيد حضورها الوطني والمهني، وظلّ وفيًا لها، يتابع نشاطاتها، لا يبخل عليها بنصح، أو يمسك عنها الدعم في اوقات الشدة.

لبناني حتى العظم، لا يشرك في حب وطنه. مؤمن بالعروبة الحضارية غير المتقوقعة والمطيفة، بل المنفتحة على آلاخر، والقابلة له.صاحب فكر تقدمي ، ما اعتاد النظر الى الوراء، بل كان دائم التطلع إلى الامام.

كلما خفّ بصره توهجت بصيرته، وازداد حكمة .

انه من رعيل الكبار ، والجيل الماهد الذي شق الطريق واسعًا أمام الأجيال التي تعاقبت ، وكان لها قبسًا هاديًا.

لقد فقدتُ برحيله، كما أعضاء النقابة الذين بادلوه الحب والوفاء والتقدير، صديقًا، أخًا، أستاذًا، وعلمًا من أعلام المهنة التي اغتذت من مواهبه واغتنت.

فسلام عليك يا عميد النقابة وشيخها، وأحد أبرز وجوهها، وليرحمك الله قدر ما تستحق، وانت الذي نسلت ولدًا وزرعت شجرة وكتبت عشرات المؤلفات. فمن كان بقامتك وعلو همتك، وشمخة جبينك ، يبقى خالدًا بما خلف من آثار. وسيرتك مصداق لقول الشاعر:

هذه آثارنا تدل علينا

فانظروا بعدنا إلى آلاثار

العزاء لعائلتيك الصغرى والكبرى. فنم قرير العين يا أكرم الراحلين.

جورج شامي، صديق المفكر الراحل الدكتور حسن صعب

جورج شامي أيها الأديب الغزير كنهر جارف. والكاتب المحترف يسعدني أن أسرد مقالتك التي نعتز ونفتخر بها والتي كتبتها وفاء لروح رفيق دربك المفكر الراحل الدكتور حسن صعب في تموز من العام ١٩٩٠، بعنوان :”حسن صعب :الشاهد الكبير”

حسن صعب: الشاهد الكبير

قليلون جدا هم الذين يعرفون، أو يتذكرون، أن الدكتور حسن صعب الذي انضم إلى قافلة الراحلين  الكبار عن لبنان. هو الذي رفع بيديه الاثنتين العلم اللبناني فوق سارية اول سفارة لبنانية في باريس  (حيث هي الآن في شارع كوبرنيك) في عهد الرئيس احمد الداعوق الذي كان اول سفير للبنان المستقل في العاصمة الفرنسية منذ خمسة وأربعين سنة تقريبا.

كان الدكتور صعب يردد على مسامعي هذه  الواقعة كلما تطارحنا الهموم في بيتي في الأشرفية (المنطقة الشرقية) او في بيته في الزيدانية – عائشة بكار (بيروت الغربية) ابان كان عميدا لكلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية (١٩٧٨-١٩٨٤) وكنت مدير الفرع الثاني (١٩٧٨-١٩٨١) الذي كان الفرع “الأصعب” في ذلك الحين …

وكان يعلق د.صعب على هذه الواقعة ردا على الذين  كانوا يعتبرونه بأنه غير لبناني ويطعنونه بولائه، يوم عز الصدق : تأمل ياجورج، احمد وحسن… لبنانيان مسلمان سنيان من بيروت هما اللذان رفعا العلم اللبناني، وأين؟ كان يصرخ ويكاد يقفز ثم ويستطرد: في باريس … هل تصدق؟

وكنت أدرك ما يعتمل في داخل هذا الإنسان  الذي كان “التواصل” بمفهومه الشامل والكوني، هاجسه الأول والأخير، وكان يدرك في اعماق اعماقه ان الوطن ليس مزرعة غنائم وأسلاب، وقسمة توزع على لصوص، بل فكرا نيرا، وسياسة نامية، وانفتاحا  حضاريا، وخلودا في النفوس والضمائر، وولاء يفوق الايمان، وعلى هذا الأساس كمل في نهجه السياسي روح  الميثاق الوطني الذي انبثق منه لبنان الاستقلال، وعكس دوره وفكره ونهجه وفهمه وفلسفته في كل الأدوار التي لعبها،

والمؤلفات التي وضعها، والمحاضرات التي القاها، والندوات التي عقدها، منذ أن كان ملحقا ثقافيا في عداد الدبلوماسيين اللبنانيين الذين تفتقت مواهبهم مع طلات الاستقلال اللبناني وضاقت الوظيفة بطموحاتهم، إلى أن أصبح المستشار السياسي بإمتياز لشهيد لبنان المفتي حسن خالد الذي كان رفيق الدراسة في الأزهر، ومنذ أن كان محاضرا في علم السياسة، في الجامعة الأميركية والجامعة اللبنانية في بيروت وفي جامعات برنستون وجورجتاون ، وسولت لايك سيتي  في الولايات المتحدة الاميركية، إلى دوره عميد كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية تنوء كتفاه  ورأسه بأفكاره وآرائه التي كانت تقض مضاجع سائر العمداء رفاقه.

ومن سطوعه الرائد طوال ربع قرن في “ندوة الدراسات الانمائية التي بث فيها، ومن خلالها، نهجه الإنمائي في لبنان والعالم العربي وتكاملت مع “الندوة اللبنانية” التي كان ميشال اسمر قد أسسها عام ١٩٤٦. إلى مؤلفاته العديدة وأشهرها كتابه “علم السياسة” وآخرها مؤلفه “شخصيات عرفتها” وفيه شهادات  تقدير ووفاء لمعلمين كبار سبقوه ومفكرين عمل معهم وقدروه وقدرهم وتواصل

فكره مع أفكارهم وطروحاتهم.

هذا رجل كان فوارا لا يستكين. تعبت شرايين قلبه فجددها… وما دخل محاربا إلا وام فيه الحاضرين. فهو صاحب رأي وقد ناضل في سبيل هذا الرأي. وكانت “المشاكسة”، المخملية القفازات، مهمازه إلى سبر أغوار الآخرين والنفاذ إلى تطلعاتهم وعلى هذا الأساس صمد في بيروت واحدا من مناراتها.

فإلى حسن صعب ارفع صلاتي ! وإلى العلم الذي رفعه في عاصمة النور، احني رأسي  …

جورج شامي “تموز ١٩٩٠”

*المصدر : مؤسسة حسن صعب للدراسات والابحاث – امانة السر : محمد ع.درويش

 

اترك رد