سمر دوغان
وقفت بطلتها الأسطورية تغطي الحدث، خوذة، بذلة زرقاء، درع ورصاصة في الرأس،،،
“من جنين مدينة الملاحم البطولية تزهر القضية”.
دنت منها فتاة لا يتجاوز عمرها عشر سنوات وفي يدها علبة، وقالت لها “هذه مني لك هدية”. عانقتها شيرين بحب وأشارت للمصور أن يكمل المهمة. سألتها عن إسمها… قالت”شيرين”
-من أين أتيت؟
-من فلسطين… كل فلسطين.، حيفا، يافا، رام الله، غزة، الناصرة، الخليل، أريحا، بيسان، نابلس، صفد، عكا، بيت لحم والقدس.
-أين تسكنين؟
-في أرضىي، في خيمة فوق حطام داري الذي دمره الصهاينة، صمدت العواميد بوجه جبروتهم وما زالت حجارته تسامرني ليلا وأنا أعد النجوم وأعانق أحلامي الشاردة مع السحب، تحدثني عن ذكرياتي…أرى فيها الصور التي علقتها على جدران غرفتي، صفحات كتبي، قلمي، دفتري، لعبتي والسبورة السوداء.
-أين أهلك؟
-أبي إستشهد، برصاصة صهيوني غادر، أخي الكبير أسير في زنزانات الأحرار صائم عن الطعام، أمي ككل أمهات فلسطين ترضع طفلها الصغير وتغني له في الليل تهليلة فلسطينية، وجدي رفيقي وكل تاريخي يرسم فوق التراب الأسمر داره ويضم لقلبه المفتاح رفيق دربه الطويل. –
-وأنت ماذا تفعلين؟
-في الصباح، ألتقي مع رفاقي في الساحة، نتعلم تحت زخات المطر، ولسعات الشمس الحارقة، ننضوي في جلباب الطبيعة الحرة، تزودنا كل الكلمات التي صاغت تاريخنا ونصنع من أوراقنا خريطة وطن حفرت في أخاديده أنهار دم تجري من الشمال إلى الجنوب من الشرق إلى الغربب. وفي الليل أقوم للصلاة والدعاء وأحضر لأخوتي المقاليع سرا.
-وماذا تحملين لي في الصندوق؟
-خريطة فلسطين، كمشة من تراب الأرض، أزهار الليمون، غصن زيتون، أريج الياسمين، كوفية قديمة، مقلاع وحجر والعلم الكفن الذي سيضم يوما هذا الجسد.
-ماذا تريدين ان تكوني في المستقبل؟
-مراسلة صحفية، ألتقط بصوري همجية محتل غاصب وعنفوان فلسطيني غاضب، وتذكرة شهادة وزغاريد حرية…وقضية.
سأقول لرفاقي أيضا… ألم أقل لكم شيرين لم تمت… هي هنا في القلب والحرف والكلمة والحدث ما زالت حية.