صدر عن دار نشر “اسكرايب للنشر والتوزيع” في القاهرة بالتعاون مع ملتقى الشعراء العرب رواية “عندما تغني الجدران” للأديبة اللبنانية منى دوغان جمال الدين (شاعرة ومترجمة وعضو ملتقى الشعراء العرب). قدم للرواية الأديب والناقد المصري: ناصر رمضان عبد الحميد. تصميم الغلاف:منى دوغان جمال الدين. تدقيق لغوي:قاسم جمال الدين.
نبذة من الرواية
“ماذا يريد هؤلاء المجرمون الذين يشنون الحروب في كل مكان؟ هل يوقنون ماذا يرتكبون من جرائم وكوارث على تلك الأرض؟ هل يعقل ان نكون في القرن الواحد والعشرين وهمجيون يعيشون كما في العصور القديمة؟
أحلم… كل شيء يبدأ بحلم”…
وبعد ان اصيب بالإحباط واليأس، ولحظة عودته أدراجه، يعود الى الوراء ويقرر تحدي الجدران الصامتة فيحول هذا الجماد الى ناطق يصرخ ويتمرد:
“من الآن فصاعدا، ستتعلمين كيف تنطقين، كيف تصرخين، كيف تتمردين؛ من الآن فصاعدا، صداك سيخرق الوديان ويهز القلوب النائمة؛ من الآن فصاعدا، ستغني وستسحرين عالما يعيش في كبوة، عالما يعيش في أبراج صامتة.
ثم تناول حجرا وحفر اسمه ورسم خريطة الطريق الذي سلكها ليصل الى نقطته الاخيرة قائلا لنفسه:
“ربما، يوما ما، ستعود عائلتي وتعرف السبيل الي…
أو ربما، جيل جديد فضولي سيعرف ان شخصا يدعى جمال الحسيني قد مرّ من هنا وأعلن على انقاض الماضي انه ما زال حيا يرزق”.
وكتحدّ لهذا العالم الظالم، مزق كل الملصقات التي تتغنى بالحروب، جعلها فتاتا، وبريشته محا كل التعابير التي تحرض على الكراهية.
أخذ ريشة الرسم، وبحركة خفيفة، بدأ يرسم مناظر طبيعية على الجدران القاتمة، الغارقة في الظلمات بحيث امتزجت ألوان الطبيعة الزاهية لتكسر الحدود التي صنعها الإنسان.
ملأ الجدران بالرسومات وحوّلها الى جدران تعبر:
هل تسمع صوت ماما فيرونيكا المليء بالحب والحنان؟
هل تسمع النبرة الجميلة لصوت بابا داني؟
ولكن، قبل كل شيء، أيمكنك ان تنصت الى صوت الإنسان وان تدرك طريق الإنسانية الصحيح؟
أنا اسمعه وأدركه جيدا.
لأن الجدران …
تغني… وتغني …
في كل الأحوال، ستغني…
ذلك هو مشهد النهاية في رواية “عندما تغني الجدران”.
من هو هذا الطفل الذي حينما شب أصبح رساما؟
هو طفل فلسطيني ذو عشر سنوات من قطاع غزة، إسمه جمال الحسيني، كانت عائلته تعيش في قطاع غزة الى ان تعرضت المدينة الى عدوان قاس عام 2008، اضطرت الى ترك القطاع بهدف اللجوء الى بلاد آمنة. فسلكوا معبر رفح، ومن هناك توجهوا الى ليبيا حيث زوارق الموت كانت بانتظارهم.
خلال هذه الرحلة يفقد الطفل عائلته؛ ظل مصير بعض افراد عائلته مجهولا والبعض الآخر وجدت جثثهم في صقليا.
نجا جمال، بعد ان أنقذته عائلة أوروبية من الغرق على احد السواحل الإيطالية. وهنا تبدأ رحلة جمال في بلاد ما وراء البحار. تتكفل به العائلة الأوروبية؛ الزوج يدعى داني من أصول فرنسية، والزوجة تدعى فيرونيكا، من اصول ايطالية. هذان الزوجان اللذان بلغا الخمسين من العمر فقدا الأمل بالإنجاب. فيأتي لهما هذا الطفل كهدية من السماء.
يكبر ويشب الطفل فيدخل معهدا ويتقن فن الرسم بفضل تشجيع داني الرسام..
وحينما يبلغ جمال سن الرشد يقرر العودة الى غزة سيرا على الأقدام من أوروبا الى آسيا، من إيطاليا الى الشرق وكله أمل ان يجد أهله.
وهنا تبدأ رحلة عودته، عودة جمال الى فلسطين.. سيرا على الأقدام. يروي فيها ما شاهده عبر مدن مر فيها في ايطاليا وسلوفينيا وكرواتيا، التي عبرها الى بلغراد ثم بلغاريا وتركيا، ومن سوريا الى الأردن وصولا الى القدس الشريف في فلسطين… ومن هناك الى غزة.
“إذا كان القدر قد قاده يوما إلى بلاد مجهولة، راشدا، أيقن أن أرضه المنسية الضائعة تستحق هذا الخيار الجريء”.
يصر جمال على عودته إلى القدس سيرا على الأقدام في أشارة إلى أن العودة إلى الجذور تحتاج إلى تضحية، وإبراز التناقض الواضح بين دول تنعم بالرفاهية والاستقرار الأمني وكيفية الوصول إليها بسهولة، ودول تفقد كل معاني الحياة، ويكون الوصول إليها شبه مستحيل.