دُعاء       

 

﴿وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ﴾
(القُرآنُ الكَرِيمُ، سُورَةُ العَنكَبُوت، الآيَة 46)

 

رَبِّي… أَدعُوكَ فَاستَجِبْ لِلتَّمَنِّي،          وتَلَطَّفْ بِشَقوَتِي، وأَعِنِّي
أَنتَ نَبْعُ الغُفرانِ. هل فِيكَ صَفْحٌ      عَن ضَلِيلٍ، عَلَيكَ زادَ التَّجَنِّي؟!
رَبِّي… كَم عِشْتُ مِن لَيالٍ مِلاحٍ،    طابَ فِيها الهَوَى، وطابَ التَّغَنِّي
وتَذَوَّقتُ مِن خُمُورٍ عِتاقٍ،                    في نَدِيمٍ وصَبْوَةٍ وتَثَنِّي
وتَعانَقتُ مَعْ بَياضِ الغَوانِي،        أَستَقِي خَمرَها، وتَسكَرُ مِنِّي
غَيرَ أَنِّي سَئِمتُ مِن فَرَحِ العِشْقِ،      ــــــــــ       وخَمرِ الهَوَى، وصَوتِ المُغَنِّي
بَيْدَ أَنِّي ما جِئْتُ أَطلُبُ صَفْحًا،               بَعدَ مَرِّ الأَعوامِ، بَعدَ التَّعَنِّي
بَعدَما مالَ لِلأُفُولِ شُعاعِي،                 بَعدَ خَوْرِ القِوَى، وظَهْرٍ مَحْنِي
ثُمَّ ما رَدَّنِي عَنِ العِشْقِ ضَعْفٌ،                  لا ولا رَدَّنِي عُتُوٌّ بِسِنِّي
غَيرَ أَنِّي أَدرَكتُ أَنَّكَ قَصدِي،                 ومُنَى خاطِرِي، وحُبِّي وخِدْنِي
أَنتَ يا ساعِدَ النَّجاةِ لِمَغلُوبٍ      ــــــــــ       رَماهُ الزَّمانُ في كَهْفِ جِنِّ
صِرْتُ أَلقاكَ في ظَلامِ اللَّيالِي،               في الأَزاهِيرِ تَستَوِي مَدَّ غُصْنِ
في الضِّياءِ الغَرِيرِ مِن كُلِّ فَجْرٍ،            في شَذا الكَأسِ، في التِماعِ الحُسنِ
أَنتَ شَوقُ النُّفُوسِ لِلنَّغَمِ الأَسمَى،             وسِرُّ النَّقاءِ في كُلِّ ظَنِّ
أَنتَ لِي فَرْحَةُ اللِّقاءِ مع الشَّوقِ،      ــــــــــ       مع التَّوقِ لِلجِنانِ بِعَدْنِ
أَنتَ عِندِي الرَّجاءُ، إِنْ جاشَ يَأسِي،            والعَزاءُ الرِّحِيمِ ما طالَ حُزنِي
أَنتَ رُكْنِي الشَّفِيقُ إِنْ عَصَفَ العُمرُ،      ــــــــــ       ومَغْنايَ والهَوَى، أَنتَ دَنِّي
أَنتَ يا دَفْقَةَ الحَياةِ بِعِرقِي،                   أَنتَ يا مُلهِمًا لِشِعرِي الأَغَنِّ
كَيفَ أَحيا إِذا بَدَوتَ بَعِيدًا؟!                 كَيفَ أَجلُو الرُّؤَى ويُزْهِرُ فَنِّي؟!
بِتُّ أَدعُوكَ والجَوارِحُ ظَمْأَى،                 لِلنَّدَى الأَجوَدِ، الرَّطِيبِ، الأَحَنِّ
رَبِّي… لا تَجعَلَنَّ مِنِّي ضَعِيفًا،               في حِمَى الأَقوِياءِ يَزدادُ غُبْنِي
لا ولا تَجعَلَنَّ مِنِّي قَوِيًا،                    عِندَ دَفْعِ الحِسابِ يَهْزُلُ وَزْنِي
رَبِّي… قد شِئْتُ في ظِلالِكَ أَنْ      ــــــــــ       أَحيا، فَلا تَحْسُرَنَّ ظِلَّكَ عَنِّي
رَبِّي… أَدعُوكَ فَاستَجِبْ لِلتَّمَنِّي،              وَدَعِ النَّفْسَ تَجتَنِي ما تُمَنِّي!

اترك رد