بقلم: كلود أبو شقرا
إذا كانت الأعمال ثمرة كيان الإنسان فإن الحِكًم ثمرة تجارب حفرت عميقاً في القلب والروح، ونضجت في الوجدان والعقل، وخرجت نابضة بكلمات تستمر حية على مر الأزمان، تدل إلى الحق الذي يحرر من القيود المادية والمعنوية التي تفرضها الظروف والأمكنة، وتجعل الأيام تزهر بالخيارات المضيئة وتخبئ الانكسارات…
“من جنى التجارب II” جديد الأب كميل مبارك (رئيس جامعة الحكمة)، يبحث عن الخير أينما وجد ليصنع خيراً أكبر منه، ناهلا من تجاربه الشخصية ومن تجارب الناس، ومختصراً ما تترك الظروف القاسية والجميلة على السواء من آثار في النفس والقلب والعقل، في حِكَم تجعل من الحقيقة نبراساً لها في مسيرتها التي تعاكس الزمن وتتحداه، لا لشيء إلا لأنها لا تقبل إلا بالرجاء هدفاً لها ونقطة وصولها.
لا يشترط أن تصدر الحكمة من العقلاء عمراً بل قد يجدها البسطاء بلا جهد، لأن الزمن والدنيا لا يفرقان بين عاقل وبسيط، ولأن تجارب الحياة تمر صباحاً ومساء على الناس كل الناس، ولأن النضج والوعي والإدراك… كلها أمور تتجاوز العمر والجنس والدين لتترجم في أفعال تصنع الحكمة وتغذيها وتحفظها للأجيال المتعاقبة.
طالما أن الإنسان امتداد بين لامتناهيين وطالما أن حلمه لا يعرف حدوداً أو مستحيلاً، والمشاعر لغة تزداد توهجاً مع الأيام ولا تشيخ، يبقى السعي مستمراً لإحداث تناغم بين الواقع والمثالي، بين الواقع والحقيقة، بين الماضي الذي يحكمه الرضى أو الندم والحاضر التائق إلى الأمل.
ابتسامة، أرض، أعمال، أفكار، اكتمال واستكمال، الله، أمل، أنغام، أيام، إصغاء، إله، إمرأة، انتظار، إنجيل، إنسان (رجل)، إيمان، تاريخ، تقاليد، ثقة، ثورة، جمال، جهل (جهالة)، جهنم، حاجة، حاكم، حب، حرب، حرير، حرية، حق (الحقيقة، الحقائق)، حكمة، حلم (أحلام)، حنين، حياة، خطأ (خطيئة)، خيانة (خائن)، خير، دمع، دين (أديان)، الذكريات، رأي، رجاء، الرغبات، زمن، زهور، سؤال، سعادة، سلام، سلطة، سرّ (أسرار)، شرّ، شيطان، صدق، صمت، ضمير، طبع (أطباع)، طفولة، ظلم، عادات، عبودية، عدالة، عشق، عطاء، عقل، علامات، عمر (أعمار)، عنف، فرح، فضيلة، فقر، فكر، قتال، قديس، قلب، قلق، قهر، قوة، قيمة، قيم، كلامات، كمال، لسان، مجتمع، مال، مرآة، مستحيل، مسيح، معرفة، موت، موسيقى، ملل، ناس، نجاح، نفس، نور، هموم، وجود، العزلة، وقت، يبدع…
هذه المفارق في الحياة، تتمحور حولها الحِكم التي تقدم بعض الأجوبة لتساؤلات حول أفعال وبدايات ونهايات لا يقوى عليها مرور الزمن وتراكم السنوات، وتشكل قراءة صحيحة لعناوين الحياة ولجمال المعرفة بميزان الآتي من الأيام.
لكل ثقافة ثوابتها التي تنمو مع هوية الشعب ومثلها، ومنها تستمد ضوءها الذي ينهل من معجن الآلام والشقاء، وتحول قصب الحقول نايات تعزف عليها أقانيم ثلاثة تختصر كمال الإنسان هي: الحق والخير والجمال.
“يرى أناس تعاستهم في ما تأخذه السنون ويراها آخرون في ما تتركه فيهم بعد ذهابها. إذا كنت لا تملك الريح فلا تنسَ أنك تملك الشراع. الأفكار كأوراق النقود قليلون ابتكروها وكثيرون استعملوها. أول طريق الحكمة عدم ادعائها. إذا ابتعدتَ عن الحقيقة الكبرى تشعر بغربة عن ذاتك. مهما اشتد النور لا يستطيع أن يلغي الظلال. إذا جعاتك الحياة تراها بلا معنى فحاول أن تجعل لها معنى”… ومضات من مدرسة الحياة قد لا يضمها كتاب أو خطاب أو يحسب لها ألف حساب… إنها باختصار شهقات تلون الوجود بصفاء الحقيقة، ومرآة الذات أمام الواقع والمجتمع، وصباحات تزهر بدايات جديدة مع كل طلّة شمس.
*******
“من جنى التجارب II” هو الجزء الثاني من “من جنى التجارب” الصادر في 2012