محمد ع. درويش
صادفت في ٢٢ آذار الذكرى الخامسة لرحيل نقيب الصحافة محمد البعلبكي الذي لن يغيب من تاريخ الصحافة اللبنانية الذي وسمه بحضوره طوال عقود من الزمن.
محمد البعلبكي شخصية لبنانية وطنية واعلامية بارزة .. وقلماً راقياً كتب على الدوام حروف العروبة الصافية والوحدة الوطنية الجامعة.
محمد البعلبكي هو كاتب صحفي لبناني .. شغل منصب نقيب الصحافة اللبنانية منذ عام 1982 حتى سنة 2014 .. انتخب خلالها 9 مرات متتالية بالإجماع لشغل هذا المنصب ..
ولد محمد البعلبكي في العاصمة اللبنانية بيروت سنة 1921 . وتلقى تعليمه في كلية المقاصد الإسلامية في بيروت . ثم التحق بالكلية الشرعية “ألازهر” مع المفكر اللبناني الراحل الدكتور حسن صعب. بعدها أكمل دراسته بالجامعة الأمريكية في بيروت وتخرج منها سنة 1942. حاملاً شهادة الأدب العربي. بعدها تدرج بالوظائف بالصحف المختلفة بلبنان. بدأ كسكرتير تحرير “مجلة العروة” . ثم محرراً بجريدة الديار لمدة 6 سنوات منذ عام 1943. وخلال ذلك شارك بتحرير مجلة الصياد. أنشئ سنة 1947 “جريدة كل شيء” الأسبوعية. واستمرت لمدة أربع سنوات. وفي سنة 1951 قام بشراء “جريدة صدى لبنان” اليومية . تم اعتقاله وسجنه لعدة مرات نتيجة نشاطاته الحزبية والنقابية المختلفة.
عام 1935 اختار المفتي الشيخ محمد توفيق خالد مجموعة من طلبة المقاصد للدراسة في الكلية الشرعية في بيروت “المعروفة بذكرى خالد والحوت” “عرفت لاحقا بثانوية أزهر لبنان” وضمت الى حسن صعب ، محمد البعلبكي، بهيج عثمان ، رمضان لاوند، شفيق يموت ، محي الدين العربي العزوري، عبد الله المغربل ، زين العابدين عيتاني، ابراهيم نحاس، ابراهيم زين، رؤوف كزكزك “من حماه”. أحمد يوسف حمود، محي الدين خالد وعباس خليفة.
ثم اختار بعد سنتين دفعة ثانية أبرز من فيها حسن خالد “مفتي الجمهورية اللبنانية لاحقا” سهيل ادريس، طه الولي ، عبد الحفيظ سلام ومختار الجندي. بعض هؤلاء التلامذة انتقل الى الدراسة المدنية باكرا كمحمد البعلبكي الذي تابع دراسته في الجامعة الاميركية في بيروت. والبعض الآخر انتقل الى الازهر الشريف في القاهرة، ثم انتقل الى كلية الآداب بجامعة القاهرة ومنهم حسن صعب وبهيج عثمان حيث نال شهادة الليسانس عام 1942.
في جامعة القاهرة كان حسن صعب لولب الحركات الطالبية وقائد المظاهرات المطالبة بالاستقلال والحرية. وعندما قاد تظاهرات الترحيب بأول وفد استقلالي لبناني يزور القاهرة برئاسة رياض الصلح عام 1943 ، طلب منه رياض العودة الى لبنان للالتحاق بوزارة الخارجية.
لقد ظلّ محمد البعلبكي يقاوم في السياسة كما في مهنة الصحافة.
يقول الاستاذ طلال سلمان النقيب محمد بعلبكي. “جاهدَ طويلاً لحماية المهنة، وسط زلازل الحروب الأهلية في لبنان ثم في المنطقة، فلما عجز حاول حماية نقابة الصحافة في لبنان كمنبر لفلسطين وسائر القضايا القومية والوطنية، وصولاً إلى القضايا المطلبية، فكانت ملجأ جميع المظلومين والمقهورين والباحثين عن العدالة.
محمد بعلبكي علماً من أعلام لبنان الوطنيين”، هذا النقيب الذي استمر فترة طويلة برضى الجميع في لبنان كان من الشخصيات الكبرى التي آمنت ودافعت عن الحرية، وكان من أعمدة لبنان المدافعة عن كرامة وعزة وشعب لبنان، ومدافعاً بليغاً عن الحرية بشكل عام وحرية التعبير عن الآراء والأفكار. لذلك كنا نراه في المقدمة خلال كل المحطات.
النقيب بعلبكي كان “إنسانٌ واسع الصدر، مرحبٌ بكل نقدٍ موجه له ولغيره على اعتبار أن النقد البناء مدرسة في أسلوب الكتابة.
عُرفَ البعلبكي بتواضعه، وإعطاء كل صاحب حقّ حقه. جمع بين سلطتين، سلطة التهذيب والوداعة وتقدير الغير وسلطة الكلمة الحرة. أسلوبه العربي كان مميّزاً بحكم أنه كان طالباً في الأزهر.
كان البعلبكي من المميّزين في الصحافة إلى جانب جبران تويني الجد، وكميل يوسف شمعون.
أما أبرز تلامذته فكان البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، والأستاذ غسان تويني، ومنح الصلح، وبهيج طباره، وعبد الرحمن الصلح وجبران الحايك، وغيرهم”.
لقد كان النقيب البعلبكي مناضلا في سبيل الكلمة الحرة والدفاع عن دور لبنان الريادي.
وكان رسول محبة وخير محارب ضد الجهل والظلم.
النقيب البعلبكي سيبقى خالدا في عالم الصحافة اللبنانية مهما تبدلت الظروف.
***
*مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث