“المجهول” لجميل الدويهي

 

 

(كلّ إنسان هو المجهول لنفسه)

كان رجل فقير يبحث بين الرمال على شاطئ البحر عن شيء أضاعه، فمرّ بجانبه رجل غنيّ وسأله: هل أضعتَ شيئاً؟

أجاب الفقير: أضعت المجهول، وأنا أبحث عنه منذ ولادتي.

فقال الرجل الغنيّ: سأساعدك للبحث عنه.

وراح الرجلان يبحثان عن المجهول.

وصادف أن مرّ في المكان بحّارة ذاهبون إلى الميناء، فتعجّبوا ممّا يفعله الرجلان وسألوهما:

هل أضعتما شيئاً؟

فقال الرجل الفقير: نعم: أضعت شيئاً منذ ولادتي… هو المجهول، فهل تساعدونني لكي أجده؟

وقال الغنيّ: وأنا أيضاً، فقدتُ الكثير منذ كنت في مهدي، ومع أنّني أملك الآن أموالاً طائلة، فما أزال أحتاج إليه، فهل تبحثون معي لكي أجده؟

شمّر البحارة عن زنودهم وراحوا يقلبون الرمال والحصى، وتوجّه بعضهم إلى غابة قريبة لكي ينظروا بين الأشجار العالية… وغطس واحد منهم في ماء الخليج لعلّه يجد ضالّته في الأعماق.

كثر الناس عند الشاطئ. أصبحوا بعدد رمل البحار، ولكنّهم لا يزالون حتّى هذه الساعة يبحثون عن المجهول، ولا يجدونه.

***

*مشروع الأديب د. جميل الدويهي “أفكار اغترابيّة” للأدب الراقي  النهضة الاغترابيّة الثانية – تعدّد الأنواع

اترك رد