أكدت نينيت كيللي، ممثلة المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، سمير الضاهر المستشار في رئاسة مجلس الوزراء، حنين السيد، منسقة برنامج البنك الدولي للتنمية البشرية في لبنان وسوريا والأردن أن “عبء اللاجئين السوريين الإنساني والاقتصادي بات أكبر بكثير من قدرة لبنان على الاحتمال، في حين أن المساعدات الدولية لا تزال دون المطلوب.
جاء ذلك خلال ندوة عقدها “مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية” في مقره في سن الفيل وحضرها مهتمون، أبرزهم الوزيران السابقان بهيج طبارة وعادل قرطاس ورئيس الرابطة السريانية حبيب افرام.
استهل مدير المركز السفير عبدالله بوحبيب الندوة بالإشارة إلى أن مجريات المفاوضات المنبثقة من مؤتمر “جنيف 2” بينت أن حل الأزمة السورية لا يزال بعيد المنال وأننا قد نستمر طويلا في زمن الحرب، مع ما يعنيه ذلك من ازدياد في عدد اللاجئين ومأساتهم، لا سيما في لبنان، داعيا إلى سلسلة تدابير دولية لتخفيف هذا العبء عن لبنان.
كيللي
عرضت كيللي واقع اللاجئين السوريين وتطوره وواقع المساعدات الإنسانية التي تقدمها المفوضية والدولة وجمعيات المجتمع المدني، كاشفة أن “جهود المساعدة الإنسانية للاجئين السوريين تحتاج هذه السنة إلى مليار و800 مليون دولار، منها 165 مليون دولار على عاتق الخزينة اللبنانية”.
وأشارت إلى أن “عدد اللاجئين المسجل في مكاتب المفوضية بلغ 897 ألف لاجئ، فيما ينتظر 50 ألفا التسجيل، إضافة إلى 50 ألف لاجئ فلسطيني أحصتهم الأونروا انتقلوا من المخيمات الفلسطينية في سوريا، ما يعني أن عدد اللاجئين المعلومين بالأسماء قارب المليون، 75 في المئة منهم من النساء والأطفال”.
ولفتت إلى أن “عام 2013 سجل دخول زهاء 700 ألف لاجئ انتشروا على كل الأراضي اللبنانية، فيما كان عدد المسجلين في نهاية 2012 زهاء 200 ألف لاجئ”، مشيرة إلى أن “معدل التسجيل لدى مكاتب المفوضية يصل إلى زهاء ثلاثة آلاف لاجئ باليوم وبمعدل 21 ألف لاجئ بالأسبوع، وأن المفوضية أدخلت حالياً التسجيل البيومتري (biometric) لمنع التسجيل المزدوج”.
وأوضحت أن “المفوضية تعمل لإعادة توطين اللاجئين في بلدان أخرى”، مذكرة بأن “برنامج المساعدات الإنسانية الالماني أعاد توطين أربعة ألاف لاجئ في ألمانيا العام الفائت، وسيستقبل خمسة ألاف آخرين هذه السنة، وأن هدف المنظمة هو إعادة توطين 30 ألف لاجئ سوري من دول المنطقة إلى دول أخرى هذه السنة”.
وعددت “المساعدات الإنسانية التي تقدمها المفوضية من أكل ومشرب وملبس وإعانات طبية ومبالغ نقدية”، معتبرة أن “المبالغ النقدية إيجابية للاقتصاد اللبناني إذ إن اللاجئين يصرفونها لشراء سلع محلية الصنع، وأن التحدي الاكبر الذي يجبه جهود مساعدة اللاجئين هو الإسكان، نظرا إلى أن 70 في المئة من هؤلاء يقيمون في شقق مستأجرة يسكن الواحدة منها أكثر من عائلة، والـ 30 في المئة الباقية تقيم في خيم وأبنية غير مكتملة”.
وأشارت إلى أن “استمرار تدفق اللاجئين يشكل تحدياً كبيراً لبرنامج الإسكان الذي تنتهجه المفوضية القائم على التجهيز الأولي للأبنية اللبنانية غير المكتملة لإيوائهم”.
وأوضحت أنه “على رغم التعاون مع وزارة التربية اللبنانية لتوفير التعليم للأطفال اللاجئين في المدارس الرسمية اللبنانية يبقى 200 ألف طفل سوري دون الحصول على فرصة التعليم.
الضاهر
أكد سمير الضاهر أن “مشكلة النازحين السوريين تتفاقم في وطن لم ينته من بناء مؤسساته وتأهيل كامل بنيته التحتية”. وقال: “لا يوجد بلد في العالم يعطي للاجئ الحقوق والخدمات نفسها المقدمة الى المواطن كما يحصل في لبنان”، مضيفا أن “النازح أو اللاجئ يجب أن تكون إقامته لمدة زمنية محدودة”. وشدد على أن” الأعباء التي تتركها هذه المشكلة على عاتق السلطات اللبنانية كبيرة جدا”، مشيراً إلى أن “المساعدات من الدول المانحة غير كافية وهي بملايين الدولارات، في وقت أن كلفة تلبية حاجات النازحين تبلغ مليارات الدولارات”.
ولفت إلى أن “هناك تأثيرين للحرب السورية على الإقتصاد الوطين. الأول يتعلق بما أدت إليه الحرب من وقف الترانزيت وتعطيل الإستثمار والجمود في الإستهلاك وتقليص حجم الإقتصاد العام وغيرها. أما التأثير الثاني فهو مرتبط باللاجئين مباشرة ويؤدي إلى كلفة عالية على المالية العامة والإقتصاد”، موضحا أن” الخدمات العامالتي إلى اللاجئين تصرف من الخزينة العامة، كالكهرباء التي زاد استهلاكها بمعدل 20 في المئة، والمستشفيات والمستوصفات الحكومية إضافة إلى كلفة التعليم في المدارس الرسمية، بحيث يبلغ عدد الطلاب السوريين في المدارس زهاء 480 ألف طالب، ونسبتهم إلى مجموع الاطفال السوريين الموجودين في لبنان أعلى من نسبة تعليم الأطفال في سوريا، لحسب الإحصاءات المعروفة”.
واعتبر أن “المنافسة في اليد العاملة تؤدي إلى أخطار اجتماعية واضطرابات، وقدر الكلفة على الخزينة العامة بسبب معضلة اللاجئين ب 5 مليارات دولار”، مشيراً إلى أن “كثيراً من حالات اللجوء تكون بدافع اقتصادي للحصول على مساعدات وليس بسبب الأوضاع الأمنية والإنسانية، وإلى أن الدخول المنظم بأعداد كبيرة مثير للريبة. وقال إن لا الأجهزة الرسمية اللبنانية ولا وكالات الأمم المتحدة تدقق بما إذا كان اللاجئ آتيا من منطقة نزاع مجاورة للبنان في سوريا أم لا”.
وعن إقامة مخيمات في الداخل السوري لفت إلى أن “ذلك يتطلب موافقة الطرفين في سوريا، أما في حال إعادة جمع اللاجئين في لبنان في مناطق محددة فعندها يمكن التفكير في إعادة النظر بتنظيم رزمة المساعدات المقدمة اليهم”، كما قال الضاهر.
وشدد على أن “أي حل فعلي في لبنان لمعضلة اللاجئين مرتبط ارتباطا وثيقا بوجود إجماع وتوافق بين اللبنانيين”.
السيد
عرضت حنين السيد “دراسة البنك الدولي للانعاكسات الإقتصادية والإجتماعية للحرب السورية على لبنان منذ العام 2012 وحتى نهاية السنة الجارية والتي أتت بناء على طلب الدولة اللبنانية وهي حصيلة تنسيق بين البنك والإدارات الرسمية اللبنانية والمنظمات الدولية وهدفها وضع خريطة طريق للدول المانحة من أجل تمويل مشاريع في لبنان لضمان الإستقرار وتعويض الخسائر التي منيت بها بنيته التحتية جراء الحرب السورية”.
وكشفت أنه “فات على الإقتصاد اللبناني 3 في المئة من النمو سنويا منذ اندلاع الحرب السورية، فيما صرفت الخزينة اللبنانية في الفترة المذكورة مليار دولار إضافي بسبب الحرب، وخسرت مليارا ونصف ملير دولار من العائدات”، مشيرة إلى أن “لبنان يحتاج إلى ملياري ونصف مليار دولار من الإستثمارات في البنية التحتية، لإعادة نوعيتها إلى ما كانت عليه قبل العام 2011، وأن هذه الإستثمارات يجب أن تتوجه بغالبيتها إلى قطاعات التربية والكهرباء والمياه ومعالجة المياه المبتذلة والصحة والنقل ومعالجة النفايات الصلبة”.
وعن التأثيرات الإجتماعية أكدت أن “170 ألف لبناني إضافي أصبحوا دون خط الفقر جراء الحرب السورية، في حين أن مليون فقير باتوا أكثر فقرا وأن نسبة البطالة بين اللبنانيين ارتفعت من 10 إلى عشرين في المئة جراء هذه الحرب”.
وكشفت أن “البنك الدولي هو في المراحل الأخيرة من إنشاء صندوق للمانحين لجذب التمويل اللازم عبر منح ومساعدات وقروض لسلسة من المشاريع في إطار الخطة الموضوعة، على أن يكون التنفيذ للدولة ولكن تحت رقابة البنك الدولي ووفق معاييره”، مشيرة إلى أن “لبنان لا يستطيع تحمل كلفة إعادة الإستقرار لوحده وعلى المجتمع الدولي مساعدته عبر منح، إلا أن على الدولة اللبنانية مواكبة هذا الأمر بإصلاحات في القطاعات التي ستطاولها الإستثمارات”.